قلق: «تعرِ وتحرش» .. هل تغير المجتمع؟
عمر عياصرة
الجيد، ان «فعالية قلق» الماجنة التي كانت في طريق المطار، لاقت رفضا يكاد يصل حد الاجماع من الاردنيين، مما دفع وزير الداخلية مشكورا لتوقيف القائمين عليها، واغلاق المطعم الذي احتضنها.
السيئ، ان هناك من فكر بتنظيم هكذا فعالية شاذة، وهناك من حضرها قاصدا ساعيا لبعض الشذوذ، وبعض الحضور كان مغررا به، وهنا يأتي السؤال، لما يستقوي هؤلاء على قيم المجتمع وعاداته ودينه.
اهي تحولات حقيقية في المجتمع تذهب تجاه بعض التغيير والتفكك القيمي، ام انها مجرد حالات شاذة تديرها روافع ليبرالية ترغب باختبار الناس، ومن ثم تطبيعهم على الاسوأ؟
باعتقادي ان الظاهرة مقلقة اكثر من جهة حضور الناس لها، وهنا يأتي السؤال الاجتماعي، حول مقاليد التوجيه، هل انفلت عقالها، واصبحنا بخصوصيتنا الثقافية لا نسيطر، وبالتالي تركنا الامر للتغريب الفاحش.
اين الاسرة، والمدرسة، والمنهاج، والمسجد، اين كل ذلك، هل تم استهدافه وتصغير اكتافه ليترك المجال لقاعدة «المغلوب مولع بتقليد الغالب» على اطلاقها السافر.
كيف يمكن لوزير التربية والتعليم ان ينام ليلته بعدما شاهد، هل شعر بأن الاداة الناعمة لسيادة الدولة على المجتمع (التعليم) لم يعد فاعلا، وان قيم وفوضى العولمة باتت تتغلب على وزارته، وتصدر لنا الشذوذ.
هل نتساءل عن الاجيال الشابة من جهة مدى وحجم قابليتها، لمثل هذا المجون العلني المجاهر، هل يدرك الاهل والمعلم والوزير كم هم غائبون عن الاجيال؟
هل يدرك من يهاجمون الحصة الدينية في حياة الناس كم يساهمون في تفكيك المجتمع، ام انهم لا يهتمون، هل يعرف هؤلاء انه بعد الثورة الفرنسية طالب «دوركايم» «واوجيست كنت» ان يبقى الدين ليبقى تماسك المجتمع؟
هناك فوضى اخلاقية وتربوية، هناك غياب قهري للاسرة واستسلام، هناك مناهج مضطربة، هناك دعاة سفور، تعنيهم استهداف المسألة الاجتماعية دون ادنى اهتمام بالابداع والعقلية الناقدة.
مع ذلك اعتقد ان ثمة جزءا في الكأس ممتلئ بالماء، وهو رفض الناس للمجاهرة والشذوذ. وهذا يؤكد ان البنية العامة لم تستهدف بكليتها، وان الفرصة مواتية لتدارك التراجع الكبير للقيم.
الدين، يا دولتنا، ليس فقط شرعية سياسية للحكم، بل هو شرعية اجتماعية ايضا، فكفى «تقييفا» لوزنه في الفاعل الاجتماعي، وكفى ترفيعا لمن لا يستهويهم حضوره.