في التعليم: أولاً- الرياضيات..كيف نتخلص من عُقدها ؟
الدكتور ذوقان عبيدات
الأول نيوز – الرياضيات علوم تحليلية تعكس العلوم، فالعلوم تركيبة بمعنى أن المحمول يضيف شيئًا جديدًا إلى الموضوع، وبلغة أبسط في العلوم الخبر يضيف جديدًا إلى المبتدأ فإذا قلنا الحديد يتمدد بالحرارة، فإن جملة يتمدد بالحرارة أضافت جديدًا إلى الحديد! لكن في الرياضيات فإن الأمر مختلف، فإذا قلنا 3+2=5 ، فإننا لم نضف جديدًا إلى الرقم 5 بل حللناه فقط.
ولذلك نقول الرياضيات منطقية وليست إبداعية، بينما العلوم تميل في معظمها إلى الإبداع، وفي هندسة اقليدس، استندت نتاجاتها إلى مسلمة غير صحيحة وهي ان الأرض مستوية، وبناء على ذلك فإن زوايا المثلث تساوي 180˚، والخطان المتوازيان هما اللذان لا يلتقيان هي معلومات غير دقيقة أبدًا.
بناء عليه، إذا كانت الرياضيات منطقية بل إن لها منطقاً رياضياً فلماذا أخذت منحى التجريد؟ ولماذا ينفر منها الطلبة؟ ولماذا كانت أكثر المواد صعوبة؟ وما الذي قدمناه لحل هذه المشكلات؟ قيل كثيرًا وفي جميع المستويات البحثية والتربوية إن الرياضيات ليست في معادلات وعلاقات مجردة بمقدار ما هي في الحياة اليومية.
ففي عملياتنا اليومية أرقام ومعادلات، وفي منازلنا، وفي شكل البناء والعلاقات بين الأجزاء وفي تخطيطنا للوقت.
وفي إعدادنا لموازناتنا، وفي حسابات توفيرنا وأرباحنا وخسائرنا وفي أسعار غذائنا، وفي موسيقانا، وفي حسابات الماضي والحاضر والمستقبل تشكل الرياضيات أساسًا لكل هذه الحسابات، هذا المنطلق يؤكد أن الرياضيات هي الحياة، وأن تعلمها لا يهدف أن يكون طلابنا مثل فيثاغورس. وبيرتراند رسل والخوارزمي بل ليكون الطالب قادرًا على الإفادة منها في حياته العملية، وتثار أسئلة عديدة: هل الرياضيات علم مستقل أم علم مساند لكل العلوم الأخرى.
في الغالب إن الرياضيات جزء من الفلسفة وجزء من المنطق ومن العلوم ومن التاريخ الذي يقوم كله على الأرقام والأحداث، ومن الجغرافيا وحتى هي جزء في الطب والتشريح وفيروسات كورونا والفن والجمال، ففي الجمال معادلات رياضية وهندسية وفي الجمال قيم رقمية وعددية، وفي الجمال علاقات، فالجمال انسجام المكونات تماماً كالرياضيات!! وما الرياضيات سوى الانسجام الموجود في الموسيقى وفي كل الكائنات من حولنا.
ونعود إلى سؤالنا إذا كان للرياضيات كل هذه التطبيقات، فلماذا جعلها روادها علمًا أرستقراطياً يعلو على السهولة والوضوح؟ لماذا كرهها الطلبة؟ ولماذا كانت سببًا في رسوب الكثيرين، وانخفاض معدلاتهم؟ طبعا: هذا سلوك عالمي كي لا يفهم أحد أنني أتحدث عن رياضيات أردنية، أو أرسل رسائل ملغمة إلى أحدد!! وضع الرياضيات عالميًا يضعها في خانة المجرد والصعوبة! أغلب الظن أن (الرياضيين) ارستقراطيون يحبون التعالي والتميّز بعيدًا عن الغوغاء.
إن الحل برأيي، هو أن تقدم الرياضيات للأطفال على الأقل عبر التطبيقات العملية مثل: الرياضيات في السوق، في المطبخ، في الشارع، في السيارة، في المطار، وكل من هذه الموضوعات يمكن أن يتضمن كل جدول الضرب اللعين وحتى المتجهات!! فهل فعلنا؟