فلسطيني لا تخاف عليه … / مجد الرواشدة

فلسطيني لا تخاف عليه …

#مجد_الرواشدة

مُذْ كُنتُ بمهدي وها أنا قد كبرتُ اليوم واشتد ّ عودي …
وأنا سمعتهم يقولون … وما زالوا يقولوا …

#فلسطيني لا تخاف عليه …

مقالات ذات صلة

أنتَ دوماً أيها الفلسطيني أيقونة للصمود ، مزلاج ٌلكل أساً قد يكدر خاطر العمر ، بوصلة ٌ للعنفوان ، رمزٌ لقهر الظروف ، أنتَ لا تُتقن فن الحياة فقط بل تتقن أيضاً فنون الوداع ، بين كل ِجنازة لا بل جنائز عابرة هُناك طفلٌ يلقن كبيركم الشهادة ، وحجاتٌ تروي وجوههن عشرتهن للبارود والقصف والألمِ و في حين يولد طفلنا فنحنكهُ ، سوى أطفال فلسطين تُجبلُ كفولياتهم بأنين اليتمُ الذي ذاقوه وهم في الأرحام .

أيها الفلسطيني في #غزة و #يافا وحيفا و #القدس والخليل وجنين وعكا علموني أن لا أخاف َ عليك …

لكن اسمحلي لي هذه المرة أن أخافَ عليك وكثيرا ً …
احدى يداي تلوح عبر المعبر ، وأخرى سأتركها على الأكتاف التي أثقلها ركام البيوت ، البيوت التي عمرتموها يقيناً بأن التحرير ما كان يوماً مُحال ، وكان أملي وأملكم دوماً أن تفنى صورة العدو الذي لا يملك سوى العدة والعُتاد ، على خلافكم تملكون في قلوبكم حق العودة وصاحب الحق سُلطانُ دوماً .

اسمح لي أيها الفلسطيني ، أن أخاف عليك تيتم أولادك وتأرملت زوجتك ، وكل جوارحك مكلومة هذا اذا ما غلبتها رحمة الله وانتقلت لبارئها .
حدثني … كيف لا أخاف عليك ؟ وأنا التي تعيش بذاكرتي صور الحرب التي لا ترحم، الابادة التي لا تعرف رفق .
صدقني أصبحت أهكل هم طعامكم وشرابكم وملبسكم و أصبحت التمس في مشاهد حياتي العادية اسمى النعم ، حتى أنني من فرط ألمي عشت حياتكم في ذاكرتي مرات كثيرة وقلت لو أنني مكانهم ماذا سأفعل … ؟

لربما لن أفعل شيء ، في حين سبقني كثيرون و أرسلوا لكم رُب بندورة يذكركم بلون الدم المهدور ، عُلب وفول وحمص ونسوا ” القلاية ” وغفلوا أن كل ما تبقى من مطابخكم حفةُ رُكام ، أرسلوا قوارير ماء في حين هانت عليهم حُراتهم وقواريرهم .
أكتب لكم الان وأنا أتلكىء بحديثي وبمشيئتي أشعرُ أنني أمشى على بقايا الحُطام في غزة ، أخشى أن تدوس خطواتي على بقايا جثث الشهداء فليحقني أثم ، في أذناي ضجيج ُ القصف ، وبين أروقة قلبي رجفة رأيتها في ثنايا الطفولة المسروقة في حنايا شوارعكم .

نعم اسمحوا لي هذه المرة أنا أخاف …
أنا لا أخاف على الفلسطيني لأنه ابن حرب بل لإنه تجرع الألم كؤوساً ، ولأن صور الوجع هذه المره دقت باب كل غزاوي .
سأدق بيميني على أبواب بيوتكم ، لكني سامحوني ولربما أدخل على غفلة فما بقيت الأبواب وما بقيت أجراسها ، ولربما كل شيءٍ فني في غزة سوى عزتكم … استقبلوني بينكم لا أملك ماء ولا شراب ولا طعام ، لكنني ضيفتكم أكرموني وعلموني كيف لا أخاف عليكم …

قد لا تعرفون اسمي …
ولكنني كتبتهُ على راحة يدي كما فعلتم …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى