كتب ..خبير التأمينات والحماية الاجتماعية
الإعلامي والحقوقي/ #موسى_الصبيحي
عشرات الأسئلة أمام #ديوان_المحاسبة عن #إنفاقات_الضمان الجانحة خلال #الجائحة..؟!
عجّت المواقع الإخبارية بما تضمنّه تقرير ديوان المحاسبة لعام 2021 من #مخالفات #قانونية مالية حدثت في مؤسسة #الضمان الاجتماعي في بعض #عطاءات_التلزيم ومن ضمنها دفع مبالغ عقود إعلانية أكثر مما تضمنته العقود، واستئجار سيارات بقيمة أعلى من قيمة شرائها.. وهكذا، وهي مخالفات وتجاوزات بعشرات الألوف من الدنانير، ولا أدري فيما إذا عولجت أو تم الرد عليها من قبل المؤسسة أم لا..؟!
ودون أن نقلل من أهمية هذه المخالفات، إلا أن الأهم والأكبر والأخطر في إنفاقات الضمان التي تجاوزت حدود القانون ولم ينبس ديوان المحاسبة إزاءها بشفة، هو ما أشرتُ إليه عشرات المرات سابقاً حول أن قانون الضمان الاجتماعي حصّن #أموال_الضمان ولم يُجز الإنفاق منها إلا لما يقتضيه تطبيق أحكامه فقط، أي على الأوجه والمنافع التأمينية المحددة في القانون، لكن مؤسسة الضمان خرجت في بعض قراراتها وبرامجها التي أطلقتها خلال الجائحة على القانون وأنفقت مئات الملايين بموجب ما يسمى بأوامر الدفاع، ولم يكن جزء من هذا الإنفاق على الأوجه الصحيحة المحددة في القانون، بل كانت تجاوزاً واضحاً على القانون وقنوات الإنفاق المحددة فيه، ويبدو أن ديوان المحاسبة الذي لاذ بصمت مريب مطبق على هذا الموضوع لم يقرأ الرسالة الملكية الموجّهة للحكومة السابقة والتي وافق فيها جلالة الملك على تفعيل قانون الدفاع والتي كانت مشروطة بعدم التجاوز على الأموال والممتلكات الخاصة، ونحن نعلم أن أموال الضمان الاجتماعي ليست أموالاً حكومية ولا علاقة لها بخزينة الدولة لا من قريب ولا من بعيد، بل هي أموال المشتركين والمنتفعين والأجيال جميعها، ولا يملك أحد إنفاق دينار واحد منها دون وجه حق..!
وأتحدّى ديوان المحاسبة أن يُشير على وجه الدقة والتحديد إلى حجم المبالغ التي أنفقتها مؤسسة الضمان على تلك البرامج، وكم منها المبالغ التي ذهبت لمنشآت دون وجه حق أو بطرق التحايل، وكم المبالغ التي قالت المؤسسة بأنها غير مُستردّة، وكم حجم التسويات التي أُبرِمت مع عدد كبير من المنشآت وما نسبة الالتزام بسداد الأقساط المستحقة، وكم أعداد المؤمّن عليهم الذين حُرموا من بعض حقوقهم التأمينية بسبب تعليق تأمين الشيخوخة عليهم، وكم حجم المبالغ التي خسرتها مؤسسة الضمان بسبب هذا التعليق وفقدان جزء كبير من الاشتراكات، وما حجم تأثير ذلك على النشاط الاستثماري وعوائد الاستثمار..؟
وكل هذا يضع علامات استفهام كبيرة على جميع البرامج التي تم تنفيذها من قبل مؤسسة الضمان، والتي تم بموجبها إنفاق مئات الملايين من الدنانير دعماً لمنشآت القطاع الخاص والعاملين فيها ومن المتوقع أن حجم الإنفاق الكلي المباشر وصل إلى حوالي ( 850 ) مليون دينار، برغم الأرقام المتضاربة التي كانت تعلن عنها المؤسسة، من ضمنها ما يزيد على ( 80 ) مليوناً قِيل بأنها لن تكون مستردّة..! وبالرغم من الدور المُقدّر لمؤسسة الضمان في هذا الجانب، إلا أن هذا رافقه تجاوزات أيضاً في عملية الصرف ذاتها، وهنا كان على ديوان المحاسبة أن يطلب إجابات على أسئلة عديدة من مثل:
١) ما هي الآلية التي اتُخِذت فيها قرارات الصرف، وهل كانت مُحكَمة وسليمة ومُدقّقة، وهل تم فحصها والتحقّق منها بصورة كافية..؟!
٢) هل خضعت قرارات الصرف نفسها وعمل لجان الصرف والأنظمة الآلية للرقابة، علماً بأن في المؤسسة وحدات إدارية ومالية ورقابية متعددة، لا سيما وأن ادارة الرقابه فيها، كما علمت، طلبت القيام بمهامها في هذا الخصوص، ولا ندري فيما إذا تم تمكينها من ذلك أم لا.. كما لا ندري فيما إذا قامت إدارة التدقيق في المؤسسة بدورها ومسؤولياتها إزاء هذه المسألة وهل أبدت رأياً مكتوباً موثّقاً بالموضوع أم لا، وما هو هذا الرأي..؟!
٣) هل خضعت عمليات تقديم طلبات الدعم من قبل منشآت القطاع الخاص والتي تمت بطريقة آلية عبر تطبيقات على الموقع الالكتروني لمؤسسة الضمان، وكذلك الموافقات عليها، لأدوات التدقيق والتفتيش والتحقق على أرض الواقع أم خلت من كل ذلك..؟!
٤) ما الفترة التي اكتشفت فيها المؤسسة حالات احتيال وصرف أموال دون وجه حق لبعض المنشآت وماذا فعلت إزاء ذلك، وهل بالفعل تم إصدار تعميم بالاكتفاء بقبول أي دفعات مالية من بعض المنشآت التي أَخذت أموالاً من المؤسسة دون وجه حق والتي اكتُشِف أمرها فيما بعد..؟ ولماذا لم يتم مساءلتها أو إحالة هذه العمليات الى الأجهزة الأمنية والرقابية أو الادعاء العام للتحقيق مع الجهات المتحايلة..؟!
٥) لماذا قامت اللجان المعنية في المؤسسة بتغيير وتعديل شروط الصرف لعدة مرات، وهل وُضِعت ضوابط لذلك وما هي مبرراتها للتعديل والتغيير، وهل كان ذلك مُتّسقاً مع أوامر الدفاع والتعليمات الصادرة بموجبها، ثم هل أسهم هذا التغيير في زيادة حالات التحايل على المؤسسة، أو أدى إلى استغلال بعض المنشآت والقطاعات للموضوع فأخذت أموالاً دون أن تكون مستهدفة بالدعم..؟!
٦) كم عدد المنشآت وكم حجم المبالغ المتوقّع أنها صُرفت لهذه المنشآت دون وجه حق، وما آلية مؤسسة الضمان للتحقق والمراجعة والتدقيق لاكتشاف أي حالات تلاعب واحتيال قد تكون ارتُكبت من هذا القبيل.
ونتساءل أيضاً عن مسؤولية ديوان المحاسبة في هذا الجانب، ماذا فعل، وماذا كتب، وماذا نصح، وماذا اكتشف، ولماذا لم يُخالف ويكتب عن بعض الإجراءات والآليات والتجاوزات في عمليات الصرف وبرامجه، وهي أخطر قضية لا ينبغي أن تغيب عنها أعين الديوان وأدواته الرقابية..؟!
وما أثر الأموال التي صرفت دون وجه حق( نُهِبت وسُرِقت) على حرمان منشآت كانت مُستهدَفة ببرامج الدعم لكنها مع الأسف لم تستفد، وبالتالي لم يستفد الاقتصاد الوطني منها بالدرجة المنشودة بسبب ذلك..
المخالفات التي تحدث عنها ديوان المحاسبة في تقريره مؤسسة الضمان كانت بعشرات الآلاف من الدنانير، لكن المخالفات التي سكتَ عنها والتي أشرتُ إليها كانت بعشرات الملايين من الدنانير..!!!
ودون أن نقلل من شأن هذه أو تلك نقول: أي مفارقة هذه يا ديوان المحاسبة..؟!