“عرين الأسود” .. فدائيون مجهولون يرعبون الاحتلال وخططهم فضحت جيشها

#سواليف

يومًا بعد يوم تُدرك #إسرائيل وأجهزتها الأمنية والإستخبراتية المختلفة، أن الواقع الميداني في #الضفة_الغربية #المحتلة يشهد تطورًا خطيرًا ومُتسارعًا، ويصعب السيطرة عليه بالطرق التي كانت تستخدم في السابق، وأن #الأوضاع منزلقة نحو #مواجهات_عنيفة قد تكون الأطول والأخطر منذ سنوات طويلة.
إسرائيل اليوم تواجه صعوبات كبيرة في كبح جماح #المقاومة وتطور أساليبها النوعية والكيفية، والتي تتمدد بين مدن وقرى الضفة كشرارة نيران تتقاذفها الرياح، فكل يوم يتم تسجيل اشتباكات ومواجهات، لم تكن تحدث في السابق إلا ببعض المناطق وعلى رأسها جنين والخليل ونابلس.
“الاقتحامات والاعتقالات والاعتداءات والتخريب..الخ”.. كانت جميع هذه العناوين لحدث يومي في الضفة يتقن #جيش_الاحتلال تنفيذه على أكمل وجه، فيقتل ويضرب ويعتقل ويدمر دون حساب، لكن الواقع الآن تغير كثيرًا مع خروج فصائل مقاومة من رحم المعاناة، أحييت “الثورة” وباتت تشكل قوة تعمل لها إسرائيل ألف حساب، فكل عملية أمنية بالنسبة لإسرائيل تكون معقدة وحساسة وتحمل مخاطر أمنية كبيرة.
#عرين_الأسود”.. عنوان لمع خلال الشهور الأخيرة في الضفة الغربية، وتصدر الصحافة العبرية والفلسطينية وحتى العربية، وشكل هاجسًا كبيرًا لدى الاحتلال، لما تقوم به عناصر هذه المجموعة الفلسطينية الصغيرة يقومون بعمليات نوعية أقلقت إسرائيل كثيرا وأزعجت جيشها.

ورغم ولادتها الحديثة، إلا أن “عرين الأسود”، استطاعت أن تشق طريقها إلى عقول #الفلسطينيين وقلوبهم بسرعة فائقة، فأسودها شبان في مقتبل العمر، يرتدون زيّاً موحداً باللون الأسود، وتغطي فوهات بنادقهم قطع من القماش الأحمر لتؤكد أن لا رصاصة ستطلق هدراً. أما العرين، فهو البلدة القديمة في مدينة نابلس، في حين أن الهدف معروف ومحدد ومباشر، وهو الاحتلال الإسرائيلي، بقواته ومستوطنيه.
وبدعوتها قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإعلان القتال، رداً على جريمة استشهاد أربعة مقاومين برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، الأربعاء الماضي، في مخيم جنين شماليّ الضفة، تكون مجموعات “عرين الأسـود” قد خطّت سطراً جديداً في نهجها المقاوم.
و حتى فترة قريبة جدًا، لا تزيد على ستة أشهر، لم يكن اسم “عرين الأسود” معروفا، لكن كان هناك حضور فاعل للمقاومين منذ العام الماضي، من خلال مجموعة من الشبان غير المؤطرين، الذين حملوا السلاح في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وقرروا التصدي له، خلال اقتحاماته المتتالية لمدينة نابلس.
وجاءت عملية الاغتيال التي طاولت ثلاثة مقاومين هم (محمد الدخيل وأشرف مبسلط وأدهم مبروكة) في الثامن من فبراير الماضي، ليكشف عن هذه الخلية ويخرجها للعلن، وتكون الحادثة رغم فظاعتها (إطلاق أكثر من 80 رصاصة على السيارة التي كان يستقلها الشهداء الثلاثة) قد شكلت النواة الفعلية لمجموعات “عرين الأسود”، وفتحت الباب لانضمام عشرات الشبان إليها.
وترجح المعلومات أن ظهور الخلية العسكرية في نابلس كان أواسط العام الماضي، بالتزامن مع تشكيل “كتيبة جنين”، واغتيال الاحتلال لمؤسسها الشهيد جميل العموري في العاشر من يونيو2021، وعرفت تلك المجموعة آنذاك بـ”كتيبة نابلس” أسوة بـ”كتيبة جنين”.
ورغم محاولات البعض لاتباع المجموعة لتنظيمات سياسية فلسطينية، كانت “عرين الأسود” تؤكد مرة تلو المرة، سواء من خلال بياناتها أو وصايا شهدائها أنهم يقاتلون موحدين تحت راية “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، وأنهم “جميعاً على قلب رجل واحد”.
وتوسيع “العرين” لضرباته، بات ملاحظاً بكثرة في الآونة الأخيرة، فبدلاً من انتظار اقتحام جيش الاحتلال للبلدة القديمة من نابلس، أو دخول حافلات المستوطنين لـ”قبر يوسف” لأداء طقوس تلمودية، والاشتباك معهم، بادر “العرين” باستهداف الاحتلال في مواقعه العسكرية عند الحواجز ونقاط التماس المحيطة بمدينة نابلس، وكذلك المستوطنات المقامة في محيطها.

وأمام هذا التطور في المقاومة الفلسطينية بالضفة، فكشفت صحيفة “معاريف” العبرية، عن مخاوف وقلق لدى الاحتلال الإسرائيلي من تصاعد عمليات مجموعة “عرين الأسود” التي تنشط في مدينة، وقالت “إنّ الحدث الأهم الذي وقع في مخيم اللاجئين الجلزون في منطقة رام الله في الليلة التي بين الأحد والاثنين، هو محاولة شبان فلسطينيين تنفيذ عملية دهس ضد الجنود الإسرائيليين”.
وأضافت: “أنّه من اللافت سرعة تبني مجموعة “عرين الأسود”، عملية إطلاق النار نحو قوات جيش الاحتلال في منطقة حوارة، التي نفذت عقب حدث الجلزون”، مشيرةً إلى أنّ العملية ما زالت قيد التحقيق، مردفًة” “إنّ الموقف المتصدر في جهاز الأمن؛ يدعي أنه رغم التصعيد والارتفاع الكبير في عدد عمليات إطلاق النار في الأشهر الأخيرة، فإن هذه حتى اللحظة ليست انتفاضة على مستوى الشعب”.
وتابعت: “وبالمقابل، فإن ميل تعاظم العمليات سيستمر في الأشهر القادمة أيضًا حيث إنّ حجم الإخطارات الأمنية في العمليات في هذه الفترة يقدر بضعفين ونصف عن الحجم المعروف في الأيام العادية”.
وأكملت الصحيفة العبرية: “إنّ نحو 85 في المئة من عموم الإخطارات الأمنية منسوبة إلى شمال الضفة الغربية وفي مركزها جنين وقباطية وبلدات المحيط المجاورة لها ومنطقة نابلس، ويدور الحديث عن عدد إخطارات عال جدًا، يشرح جيدا التأهب العالي في جهاز الأمن أثناء فترة الأعياد وفي الأشهر التالية”.
واستطردت: “إنّ معظم الإخطارات للعمليات هي في سيناريوهات عمليات إطلاق نار ضد جنود إسرائيليين في استحكامات عسكرية وإطلاق نار نحو مستوطنين على طول الطرق في الضفة الغربية، لكن توجد أيضًا إخطارات بعمليات في داخل إسرائيل”.
وذكرت الصحيفة، أنها سجلت في آب/ أغسطس الماضي 24 عملية إطلاق نار، وفي أيلول/ سبتمبر سجل ارتفاع إضافي وصل إلى 33 حدثًا مختلفًا، ومعظم الأحداث وقعت في منطقة جنين، وتميزت بنار مسلحين فلسطينيين نحو جنود إسرائيليين خلال نشاط عملياتي أو نحو مواقع عسكرية”.
وأوضحت أنّ معظم عمليات إطلاق النار الأخيرة في منطقة نابلس نفذتها مجموعة “عرين الأسود” الجديدة؛ وهي شبكة تعمل أساسًا ضمن فكرة أو مبادرة محلية، ومعظم عناصرها الذين نفذوا العمليات لم يكونوا معروفين لجهاز الأمن كمنشغلين بالعمليات قبل تنفيذ العملية، وهو معطى يجعل من الصعب الوصول إلى المعلومات الاستخبارية المسبقة لإحباط عمليات إطلاق النار.

وفي الأسابيع الأخيرة ، جرت مفاوضات بين مسؤولين امنيين في السلطة الفلسطينية ومجموعة من المقاومين أطلقوا على أنفسهم لقب ” عرين الاسود” في نابلس حسب ما زعمته القناة 12 الإسرائيلية.
ووفقا لزعم القناة فقد عرضت السلطة عليهم الاندماج في مؤسسات السلطة الفلسطينية ، وشراء الأسلحة منهم ، ليصبحوا موظفين يتقاضون رواتب مقابل نزع سلاحهم ووقف عمليات اطلاق النار في شمال الضفة.
وحسب مراسل القناة إيهود بن حمو” فقد استمرت المفاوضات لبعض الوقت ، لكن مصادر فلسطينية صرحت بأنها انفجرت أمس دون إبداء الأسباب”.
بدوره يقول مدير مركز يبوس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية برام الله سليمان بشارات، إن ظاهرة العمل الفردي أو شبه المنظم في مجموعات، بدأت تتشكل في السنوات الأخيرة ضمن مجموعات شبابية ميدانية.
ويعزو “بشارات” تلك الظاهرة لأمرين، أولهما الغياب شبه التام للوجود التنظيمي، وبروز العديد من النماذج الملهمة أو الرمزية في مثل هذا العمل مثل أحمد جرار في جنين، ثم رعد حازم، وعاصم البرغوثي في رام الله، وصولا إلى “النابلسي”، و”الدخيل”، و”الشيشاني”، وغيرهم في نابلس.
ويُردف “هذه الحالة تشكّل أرضية أو نواة لإمكانية تعزيز هذا النموذج على قاعدة العمل الوطني دون تأطير حزبي واضح، وكذلك تفريغ لطاقة الشباب الرافض للواقع تحت الاحتلال، والأهم من ذلك أنهم يعبرون عن شريحة واسعة من الشعب وهم الجيل الشاب، الذي بات ينظر لحالة الانغلاق في الأفق والمستقبل السياسي”.
ويرى “بشارات” أن هذه الظاهرة لن تكون مؤقتة كما يرى البعض، مضيفًا: “تتبع مسار هذا النوع من العمل يُظهر أنه يتدحرج بعد أن كان مقتصرًا على بقعة جغرافية محددة، وبات يمتد لعدة محافظات”.
ويسترسل: “أن بعد أن كان العدد عبارة عن شخص، أصبح على شكل مجموعات، وبتنا نلمس تفاخر الفصائل الفلسطينية بتقديم الدعم لهم، والتغني بأفعالهم”.
وعما تمتاز به نابلس في ظل حالتها النضالية، يقول بشارات في تصريحاته:”التجربة في نابلس لها طابع خاص، فالبلدة القديمة فيها تتسم بمجموعة من الخصائص في البناء المعماري، والتركيبة السكانية داخلها، إضافة لرمزيتها في الانتفاضة الأولى والثانية وخلال الاجتياح الإسرائيلي عام 2002″.
هذا كله أيضا، جعل من أهالي البلدة أنفسهم مهيئين أكثر لاحتضان هذه التجربة وربما انخراط مزيد من شبابها ضمن هذه المجموعات، تِبعًا لـ “بشارات”.
ويُرجع الباحث انخراط العديد من الفصائل في “عرين الأسود” بنابلس لعدة عوامل، أولًا ما تركه الانقسام السياسي على مدار سنوات، موضحًا: “الشباب أكثر من اكتوى بنار الانقسام وتبعاته، بالتالي فهم على يقين أن ارتهان أي عمل مقاوم ضمن الفصائل فقط مصيره الفشل، بالتالي باتوا ينخرطون في العمل المقاوم لا العمل الحزبي المقاوم، وهذا بحد ذاته تغيير في البعد النفسي للشبان”.
الأمر الثاني، وفق “بشارات” هو أن المنخرطين بهذا العمل يريدون حاضنة مجتمعية لا حزبية في ظل حالة التفكك الحزبي، وكأنهم يريدون إرسال رسالة أن هدفهم بمقاومة الاحتلال هو أسمى من المسميات التنظيمية.
ويختم بالقول: “كل هذا قد يؤسس لمرحلة مقبلة من شأنها أن تعزز حضور ظاهرة العمل المقاوم الفردي أو شبه المجموعات التي ستبقى تحافظ على حضورها في الضفة الغربية”.

المصدر
رأي اليوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى