#عادة_الخير
م. #انس_معابرة.
أورد #البيهقي نصاً في كتاب السنن الكبرى يرويه عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، يقدم فيه نصيحة غالية الى الآباء والأمهات فيقول: “حافظوا على أبناءكم في #الصلاة، وعودوهم الخير، فإن #الخير #عادة”.
فالخير عادة طيبة لمن إعتادها، يؤجر بها من خالقه عز وجل، ويكسب قلوب الناس من حوله، ويُعمِّق أواصر المحبة والمودة معهم، ويقضي على مشاعر الكره والحقد والحسد.
وقد تكون عادة الخير خاصة بالفرد، أو عادة شخصية فقط، مثل اعتياد القيام بعادات طيبة فردية، كالتمارين الرياضية، أو القراءة والمطالعة، وذكر الله، وصيام النوافل، وقيام الليل، وغيرها.
ولكن أغلب عادات الخير تكون جماعية، إذ أن الهدف الرئيس منها هو تعزيز أواصر المحبة بين الناس، مثل إفشاء السلام، وصلة الرحم، والزكاة والصدقة، وتوجيه النصح والإرشاد، والمشاركة في الأفراح والأتراح، وجبر الخواطر، والعناية باليتامى والأرامل والمساكين وغيرها الكثير.
هنالك شروطاً هامة يجب أن تتوفر في الشخص حتى يمارس عادة الخير ويحقق فوائدها الكبيرة، فأولها: هو أن تكون نيته خالصة لوجه الله الكريم، ولا يبتغي بأفعاله الرياء والسمعة، والتملق الى الآخرين، والسعي وراء المناصب والمكاسب الدنيوية. ويتبعها أيضاً عدم إنتظار المقابل المادي أو المعنويّ، فلقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم: “وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ”، أي لا تقوم بالخير منتظراً أن يرده الناس لك أضعافاً في قابل الأيام
وثانيها: هو القدرة على العطاء؛ والتي قد يجدها البعض شرطاً سهلاً، نتيجة لتربيتهم التي قامت على الكرم والجود، وبالتالي هم قادرون على العطاء ومستعدون له، ولكنهم بحاجة التي توجيه قدراتهم. بينما يجد البعض صعوبة في اعتياد العطاء، لأنهم تربوا على الأنانية من ناحية، ولحبهم الكسب من الآخرين فقط، ويحتاج هؤلاء الى جهود كبيرة للتخلي عن الأنانية التي تقف حاجزاً أمام عادة الخير.
وثالثها: العزيمة والإصرار؛ فلا تخبو شرارة الخير بداخلك عند أول إحباط، ولا أن تتوقف في طريق الخير بعد أن يرد البعض لك الإحسان بالإساءة، بل من المهم أن تتسلّح بالهمة العالية التي تدفعك الى الإستمرار في طريق الخير، مهما قابلت من نكران للجميل، أو خذلان وقطيعة.
الجميل في عادة الخير هو أن تتطور الى أن تصل الى ما يمكن تسميته ب “سلاسل الخير”، وهي أن تعتاد القيام بخير ما الى أحدهم، فيقوم هو بعمل خير الى شخص ثانٍ، والثاني يقوم بتمرير الخير الى ثالث، وهكذا الى أن يعتاد مجموعة كبيرة من الناس القيام بالخير الى غيرهم.
وربما تتغير الأحوال، وتدور دائرة الدنيا على الناس، ويعود الخير الى من قام به من الأساس، وربما قد يجد الخير الذي قام به منذ سنوات طويلة قد عاد لأحد أبناءه أو أحفاده.