عائد من #هيرو شيما . . !
#موسى_العدوان
بمناسبة الحديث عن احتمالية استخدام #أسلحة_نووية، في #الحرب #الروسية_الأوكرانية الدائرة حاليا في أوروبا، فأرغب أن أذكر ببعض ويلاتها كما حدثت في نهاية #الحرب_العالمية_الثانية، عندما القيت أول #قنبلة_ذرية على مدينة هيروشيما اليابانية، حيث كانت أول مدينة في التاريخ تقع ضحية هذا السلاح المدمر عام 1945.
يصف الكاتب ” فيردناند جيجون في كتابه بعنوان ” إني عائد من هيروشيما ” إلقاء أول قنبلة ذرية على مدينة هيروشيما من الطائرة كما يلي وأقتبس :
” وبعد قليل ظهر ضوء النهار، وأخذت الشواطئ اليابانية في الاقتراب، وهناك على البعد انعكست صورة الصخور على صفحة الماء، فأكسبته لونا قرمزيا، وزينت الشاطئ بإطار متعرج أبيض. ثم ظهر خليج باهر المنظر، في وسطه عدد كبير من التلال الصغيرة الحجم. وقد أبرزت هذا الخليج الخضرة التي جعلته أكثر وضوحا و جلاء في الجنوب منه في الشمال. أما التلال فكانت تشكل مثلثا، ويكفي أن تتقدم الطائرة حتى تبلغ رأس ذلك المثلث، وعند هذا الرأس تقع مدينة هيروشيما.
والآن صحت المدينة من نومها، إنها تشمخ بقامتها وسط الخضرة وصفرة التلال. وعلى متن الطائرة ساد صمت رهيب ولحظة حرجة، إن راكبيها لا يكادون يحسون أدنى دهشة. إنهم أقوياء في رجولة . . أقوياء . . بل أقوى من العالم كله. وتقترب يد الكابتن ( فيربي ) من مفتاح الانطلاق . . إنه يعرف تماما على أية صورة وبأية سرعة مذهلة ستحدث المأساة . . لقد استعاد في ذهنه تفاصيل الصورة مرارا وتكرارا. فإن هو ألقى القنبلة على بعد خمسة أو ستة كيلومترات من هيروشيما، وعلى ارتفاع عشرة آلاف متر، وبزاوية سبق له أن حسبها حسابا دقيقا مرات عديدة في أثناء القيام بتمريناته، فإنه سيصيب الهدف المقصود بدقة وبدون أدنى خطأ.
إنه بحاجة فقط أن يكمل الصورة التي أمامه، بالتفاصيل التي سبق أن درسها على مئات الصور، تلك الصورة التي التُقطت للمدينة من الجو، بما فيها من موانئ ومصانع. والآن أصبح مصير الإنسانية معقودا على لهب الخلايا الضوئية، وليس هناك إنسان يستطيع ان يتدخل لوقف هذا الزحف أو تحويل مجراه، ولا حتى ( فيربي ) نفسه الذي سيضغط بإصبعه على مفتاح الإطلاق.
ففي صبيحة يوم الاثنين 6 أغسطس / آب 1945، هبت نسمة خفيفة من نسمات البحر على خلجان هيروشيما، وأخذت هذه النسمة تمزق خيوط الضباب، وتكتسحها أمامها ناحية الغرب. وظنّ الناس آنذاك أن الطقس يبشر بيوم جميل. ظنّوا هذا وهم يحيطون بأبواب منازلهم قبل أن يذهب كل منهم إلى عمله. وفجأة أخذت صفارات الإنذار تدوّي. غير أن أحدا لم يهتم بها، وراح بعض الفضوليين، يتطلعون إلى البحر، ويبحثون في الأفق عن طائرات محلّقة.
وهكذا اعتاد الناس، فالكل يعرف أن الطائرات تحلّق في السماء ولا تلبث أن تواصل السير في طريقها دون أن تهتم بتلك المدينة – هيرو شيما -. إلاّ أنه في هذه المرة ظهرت طائرة بمفردها، وكانت تحمل الرقم B 29 ولم يتطرق لذهن أي إنسان، أن هيرو شيما . . المدينة التي لم يعرْها أي طيار أمريكي حتى ذلك الوقت أي اهتمام، تكون اليوم هدفا لهجوم جوي أمريكي.
وفي الثانية التي انفجرت فيها القنبلة، تكاثفت الأعاصير والرياح فوق هيرو شيما من كل اتجاه بقسوة وعنفوان. لقد كانت اشبه ما تكون بالصفعات المتلاحقة تنهال على سكان هيروشيما، الذين يبلغ عددهم ثلاثمائة ألف نسمة، فلم تكتفِ بأن جردتهم من ثيابهم الخارجية، بل انتزعت ملابسهم الداخلية عن اجسامهم وطرحتهم أرضا، بينما تساقطت عليهم قطع الزجاج وعيدان الغاب. ثم جاء التراب فغطى أجسادهم العارية، وما لبثت الريح أن أزاحته أمامها بقوة، وكأنها طلق ناري يمزق الجلد في غمضة عين. وارتفعت سحب من الأتربة ودارت حول نفسها متكاثفة في ظلمة حالكة، وغطت المدينة وكأنها مظلة سوداء.
وأخذ الناس يتحسسون الجدران التي كانوا يسمونها منازل، والمحال في الأركان، وأعمدة النور، ومركبات الترام. ومن جديد تصفعهم الأعاصير المحملة بالأتربة الكثيفة، حاملة معها مئات الملايين من الجسيمات الإشعاعية. وكأنه قد رُكّبت في كبد السماء مروحة شافطة، تسحب التربة إلى الأعلى وتدفع بها إلى السماء بسرعة خاطفة، تتخذ في النهاية شكل الفراء الذي أصبح يمثل للناس رمزا للموت الذري.
وكانت هذه السحب الذرية تنتزع الهواء إلى أعلى بعنف، يجعل المباني تغوص في الأرض ثم تنهار، وكأنما صُنعت من ورق. أما الأطفال – وما أتعس حظهم – فقد شوهدوا يتطايرون في الهواء ثم يرتطمون بالأرض. إنها لدوامة رهيبة خرجت إلى حيّز اللا معقول. . ! “. انتهى الاقتباس.
* * *
التعليق :
كان هذا فعل القنابل الذرية قبل ما يقرب من 77 عاما، عندما كانت تكنولوجيا الطاقة في بداياتها. واليوم وفي عصر التقدم الكبير والتكنولوجيا المتقدمة في الطاقة النووية، والتي تعتمد على الانشطار أو الاندماج النووي، فقد نتج عنهما تطور جديد في القنابل الهيدروجينية، التي تعتمد على استخدام الهيدروجين، والقنابل الفراغية التي تعتمد على استخدام الأوكسجين، لزيادة قدرتهما التدميرية، فضلا عن أية اختراعات سرية لم يكشف الستار عنها حتى الآن.
وإذا ما جرى استخدام أي من هذه الأسلحة في الحرب الروسية / الأوكرانية، فقد يتسع استخدام هذه الأسلحة المحرمة دوليا، إذا ما وقعت الضربة الأولى وتم الرد عليها بالضربة الثانية، فقد يشكل هذا شارة البدء للحرب العالمية الثالثة، والتي ستكون سببا في فناء الكثير من البشر لا قدر الله.
التاريخ : 22 / 9 / 2022