ظاهرة “البروفيسور غليص”..والسطو على مؤسساتنا التعليمية .
د.نبيل العتوم
يوم حافل ومتعب …امضيت سحابة اليوم ، وفي اوقات متفرقة ضيفا على اربع فضائيات للحديث عن الشأن الايراني ( العربية وسكاي نيوز وTRT التركية وbbc)، واثناء وجودي للتحضير للتصوير في احداها ، جذبني فاصل لمسلسل #غليص كان يتم عرضه على شاشة قاعة استقبال الزوار ، فتبادر الى ذهني فورا حال جامعاتنا ، وربطها بهذه الدراما التي تعرض لظاهرة #اللصوصية المنمقة ،وتؤرخ لها بشكل معبر .فتسألت في داخلي : من يقف وراء بروز #ظاهرة ” #البروفيسور_غليص ” الذي تسييد على بعض جامعاتنا ،وبمن يستقوي ليمارس سطوته في مؤسساتنا التعليمية ؟ وما هي مصلحة ومكتسبات من يقف وراءه ، ومن هو المستفيد من تردي وضع #التعليم العالي ؟ والوطن كله ينهش من كلاب مسعورة ،وعصابات ومافيات لايرقبون في هذا #الشعب الا ولا ذمة ، ولماذا لم نرى محاسبة امثال هؤلاء ، والزج بهم في السجون الاصلاحية اسوة” بالعينات” النخبوية والمزاجية التي تمت محاسبتها سابقا ؟ بعد ان استشرت هذه الظاهرة ،وزكمت الانوف برائحتها النتنة .
لا شك بأن تحقيق العدالة في الدولة بات يتطلب اكثر من أي وقت مضى ابراز الجدية بشكل اكبر لمحاسبة #الفاسدين ، والمتربحين من الوظيفة وهدر المال العام، والمستغلين لمواقعهم الادارية ؛ ،والمتهمين باساءة الائتمان ،وظلم العباد والاستقواء عليهم دون حسيب او رقيب ، وكأنها “فلة حكم” .
الموضوع ياسادة لا يتعلق فقط باسترجاع حقوق الدولة وأموالها، واعادة حقوق العباد المكلومين والمظلومين هنا او هناك ؛ بل أيضا لتحقيق الردع العام والخاص بما يضمن استمرار ثقة ما تبقى من هيبة الدولة ومكانتها المخدوشة ،ونحن نحتفل بالمئوية الاولى من عمر الدولة الاردنية .
هذا التطور الخطير يستوجب محاسبة الفاسدين ماليا واداريا اينما كانوا ،ومهما كانت صفتهم الوظيفية والاعتبارية ، بما يضمن تحقيق الغاية المرجوة من عملية مكافحة الفساد بالقضاء على هذه الظاهرة التي زادت ، لكن اللافت والملفت كما ذكرت سابقا ان تصل وتستشري في مؤسساتنا التعليمية بهذا الشكل المخيف والمقيت ، دون اي اعتبار للدولة ولوجودها ،وبدأنا امام بروز ظاهرة سيادة البروفيسور” غليص” .
على المقلب الاخر ؛فرسميا كل يوم هناك “تعليله “واسطوانة حكومية مشروخة تتحدث عن مكافحة الفساد واجتثاثه من جذوره ،وعن وجود اجراءات حقيقية لمحاسبة الفاسدين….، تكرار ذلك دون جدوى ؛ ولد يقينا لدى الكثيرين من ابناء هذا الوطن أن الفاسدين باتوا محصنين بسور الصين العظيم ،وفوق القانون الارضي كله ، لدرجة ان فقد الجميع الأمل بأي فرصة لمحاسبتهم ، ودكهم في السجون لينالوا جزاءهم العادل.
المعلومات الواردة من الأبواب المؤصدة تؤشر إلى أن العمل لمكافحة الفساد على قدم وساق ؛ لكن كم سمعنا – على سبيل المثال -عن بعض رؤساء جامعات قد دمروا جامعاتنا ، وارجعوها سنوات الى الوراء بسبب : عبقرية الفشل: منقطعة النظير التي كانوا يتمتعون بها ، والتي اسهمت في رفع مديونياتها الى مستويات غير مسبوقة ،اما البعض الاخر من الرؤساء من اشباه ” البروفيسور غليص”الذي اساء الى التعليم العالي ورسالة العلم وقدسيتها ،و سطا على مقدرات الجامعة، بعد ان كان لا يمتلك من سبد الدنيا ولبدها سوى مايقيم الاود .
ثم حانت ساعة الحقيقية واللحظة التاريخية المرتقبة ، ليصبح الحلم واقعا ،ويقع الهجين بسلة تين ، فيصبح “البروفيسور غليص ” رئيسا للجامعة ،فيعد العدة ، سطوا وتخريبا خدمة لنفسه وعصابته وعصبته .
وهذا يثير التساؤل وهو لماذا لم نرى في تاريخ الاردن الحديث،ولغاية كتابة هذه اللحظة اية معركة مع الفاسدين من امثال سيادة “البروفيسور غليص ” ،ولماذا يفتخر امثاله على الملا باختراقه وتشبيكه مع مؤسسات و محافل وشخصيات اعتبارية فرضها الزمن الرديء ، مما سيؤمن له أسلحة دفاعية قد يضطر لاستخدامها لحماية شخصه “السادي” ،و يمنع زجه في بيت “خالته اعتدال” لينال عقابه .
ان تحقيق النصر في الحرب ضد امثال هؤلاء الفاسدين في مؤسساتنا الاكاديمية ، وبالتاكيد “هم قلة” لن يكون الأخطر والأكثر حساسية في وقتنا الحاضر، إذ لم يعد واردا أن يصدق المجتمع مسرحيات تعد وتخرج بكومبارس رديء الاداء امثال هؤلاء. فالحل يكمن في إنهاء حالة التسويف والمماطلة ، و فتح هذا الملف والتحقيق فيه ، وعلاجه بعيدا عن أية معطيات واعتبارات واهية ،فالفاسد فاسد مهما كان ؛اكاديمي ام سياسي ام وجه بكسه ، ومهما كانت قواعدهم الشعبية والعشائرية، لاننا في النهاية كشعب وحكومة ومؤسسات نؤمن بضرورة محاربة الفساد، ايمانا منا بأنه لاحصانة لفاسد وفق للاوراق النقاشية .
وابشركم أن التذرع ببداية أزمة مجتمعية جديدة أبطالها
عشائر وعائلات الفاسدين في حال دك “البروفيسور غليص” في سجن قفقفا ، فهذا أمر غير ممكن ، خاصة ان العشيرة الشريفه قد اقامت الافراح والليالي الملاح وزغردت الحرائر ، وأعدت الولائم ، ابتهاجا باعفائه،وذبحت النذور ،وسجدت لله شكرا.
ان مكافحة ظاهرة “البروفيسور غليص”؛ لاسيما في مؤسساتنا التعليمية فرض عين على كل اكاديمي مخلص ، حيث تحتاج القضية الى ارادة حقيقية لتعود الامور الى نصابها ، انسجاما مع قوله تعالى “وقفوهم انهم مسئولون”
صدق الله العظيم .
حفظ الله الاردن .