“طرد” عضو من مجموعة تواصل اجتماعي قد يقود إلى جنحة

سواليف
طرد عضو من مجموعة في مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديدا ضمن تطبيق “واتساب”، قد تكون خطوة ترتب عليك مسؤولية جزائية، تقودك لتمثل أمام القضاء بجنحة التحقير والزامك بالتعويض للمتضرر.

هذه النتيجة أو الطريقة الصادمة، خلصت لها دراسة قانونية، تؤكدها كذلك آراء قانونية تم استطلاعها.

وقد يبدو “طرد” عضو من مجموعة “واتساب” او “فيسبوك” عاديا، ويتكرر باستمرار في مجموعات التواصل الاجتماعي، ما يمكن اعتباره من باب الدعابة أو المزاح، أو أن يكون سلوكا عاديا في حال كان الشخص الذي اخرج من المجموعة، خالف شروطها وغايتها، لكنه قد يصل حد جنحة التحقير في حال كان اثبت الدافع القصدي أو غاية التحقير والاساءة.

وفي هذا السياق، يقول رئيس مجموعة العرب للقانون المحامي الدكتور يونس عرب ان التحقير قانونا، يتمثل بارتكاب سلوك ضد شخص قد يمس اعتباره بين اقرانه، وهو ما يسمى بجلب الحقارة الى الشخص في مجتمعه.

ويضيف “ضمن هذا المفهوم؛ فان اخراج شخص من مجموعة “واتساب”، يعد واقعة مادية يجب ان ينظر اليها بحدود الظروف المحيطة بها، ومن الممكن والطبيعي ان تقع في دائرة التحقير، وألا تكون مطلقا تحقيرا.

ويبين أن “العبرة بالدافع الباعث الى السلوك، فلماذا نخرج شخصا من مجموعة، قد يكون السبب انه يثير اشكالات بآرائه، او يخالف تعليمات المجموعة المعروفة له، كالذين ينشرون نكاتا أو طرائف على موقع ديني أو سياسي. هنا يقوم المسؤول عن المجموعة (الأدمن)، باخراجه لانه خالف تعليمات المجموعة، ولا يعد هذا تحقيرا.

ويتابع “لكن قد يحدث جدال مثلا بين مشرف على المجموعة ومشارك، يختلفان في الرأي، فنجد المشرف قد أخرج ودون مبرر هذا المشارك، فان جاء سياق الظرف دالا على وضع هذا الشخص في موضع التحقير والاساءة اليه بين اقرانه، كنا أمام جريمة التحقير”.

ويلفت الى أن جريمة التحقير من حيث العقوبة وردت في المادة (11) من قانون الجرائم الإلكترونية، وتحمل المعنى ذاته، المقرر لعناصر التحقير في نصوص قانون العقوبات التقليدية، والعقوبة تصل الى الحبس 3 سنوات والغرامة أو كلاهما، ادناها الحبس اسبوعا، والغرامة ادناها 50 دينارا في قانون العقوبات و100 دينار في قانون الجرائم الإلكترونية.

وتنص هذه المادة على أنه “يعاقب كل من قام قصدا بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية أو الموقع الإلكتروني أو أي نظام معلومات، تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير أي شخص بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن (100) مائة دينار ولا تزيد على (2000) ألفي دينار”.

كما عرفت المادة (190) من قانون العقوبات، أن التحقير: هو كل تحقير أو سباب- غير الذم والقدح- يوجه إلى المعتدى عليه وجها لوجه بالكلام، أو الحركات أو بكتابة أو رسم لم يجعلا علنيين، أو بمخابرة برقية أو هاتفية أو بمعاملة غليظة.
ويبين عرب، للقاضي أن يقضي بالعقوبة حسب جسامة الفعل سواء في الحد الأعلى أو الأدنى.

ويلفت إلى أن لكل جريمة قصدا جرميا، وهو الركن المعنوي للجريمة، والقاضي يستظهره من الوقائع، فان وجد في السلوك قصد الاساءة للشخص، تحققت الجريمة، اما ان وجد غير ذلك كالمزاح مثلا، فليس هناك قصد جرمي من السلوك ويقضى عندها بعدم المسؤولية.

في هذا السياق، يبين أن مجموعات الصغار والمراهقين، بحيث يستهدف احدهم غالبا بالمزاح أو نحوه، ولا يستهدف بالقصد سمعته ومكانته، لكن هذا لا يمنع ان يلاحق الصغير كحدث عن جرم التحقير، إذا قصد فعلا الاساءة لزميل له وارتكب فعلا ينطوي على جسامه.

وبحسب دراسة منشورة في مجلة دراسات الجامعة الأردنية للباحث زياد خليف العنزي، بعنوان “المسؤولية القانونية عن طرد عضو من المجموعة في التشريع الأردني” ونشرت عام 2018، فقد بحثت في جزئيتي المسؤولية الجزائية والمدنية لمدير مجموعة “الواتساب”.

وذهب الباحث لاعتبار سلوك مدير المجموعة بإزالة عضوية عضو دون وجه حق، جنحة تحقير، لأن هذا الفعل يحط من كرامة العضو، ويعرضه للتحقير والازدراء من باقي الأعضاء، وبما يتناسب مع تعريف المشرع الأردني للجريمة في قانون العقوبات في المادتين (190) و(369)، إذ أن التعريف يستوعب فعل الطرد برأي الباحث.

ووفقا للدراسة؛ حددت أركان هذه الجريمة كالتالي؛ بالنسبة للركن المادي لجنحة التحقير بسبب طرد عضو من المجموعة، فيقوم على عنصرين: الاركان هي السلوك الإيجابي الصادر من مدير المجموعة بإزالة عضوية أحد/ مجموعة من الأعضاء، ومن ثم ظهور رسالة/ إشعار لدى باقي أعضاء المجموعة، مفادها أنه أزيل العضو المعني من تلك المجموعة مما قد يولد لدى العضو “المطرود” شعوراً بالمساس بكرامته أو مكانته الاجتماعية، بما قد يترتب عليه ضرراً معنوياً.

اما الضابط في اعتبار واقعة الطرد، فمستوجبة للاحتقار هو مدى تأثيرها في التقليل من مقدار الاحترام الذي يحق للمجني عليه، أن يتمتع به وفقا لمركزه الاجتماعي، وهدف المجموعة وأعضائها الموجودين (سلطة تقديرية لقاضي الموضوع).

أما العنصر الثاني؛ وفق الدراسة فهو ضرورة أن يكون المجني عليه معنيا، فلا تتحقق الجريمة بحذف جميع الأعضاء، ولا بحذف المجموعة نفسها.

وبينت الدراسة؛ أنه بالنسبة للركن المعنوي فهي لا تقع إلا عمدية، وهي لا تتطلب إلا قصداً جنائياً عاماً، يقوم على عنصري العلم، بدلالة فعل الطرد، فمن المتعارف عليه أن طرد شخص من مجموعة ما دون وجه حق، ينتقص من حقه في الاحترام ويمس بكرامته.

اما إرادة فعل الطرد؛ فإذا انتفت لا تقوم هذه الجريمة، كأن يثبت مدير المجموعة أنه قام بفعل الطرد، وهو تحت تأثير الإكراه الملجئ، أو قام به عن طريق الخطأ بسبب الجهل بأمور التقنية مثلاً.

كما أكد الباحث على انتفاء مسؤولية مدير المجموعة الجزائية إذا كان قيامه بفعل الطرد تلبية لواجب قانوني؛ (قيام العضو المطرود بنشر ما يعتبر جريمة)، فهو بذلك يكون قد جلب الحقارة لنفسه، عدا عن التزام المدير بالتبليغ عن الجرائم التي ترتكب داخل المجموعة.

اما بالنسبة لعقوبة هذه الجريمة؛ فمشمولة بحكم المادة (11) من قانون الجرائم الإلكترونية التي أكد ديوان التشريع والرأي في أحد قراراته، على أن جرائم الذم والقدح والتحقير المرتكبة عبر المواقع الإلكترونية والتواصل الاجتماعي تسري عليها هذه المادة.

وبذلك تكون عقوبة جنحة التحقير، بسبب الطرد من المجموعة في مواقع التواص؛ الحبس بما يقل عن ثلاثة أشهر ولا يزيد على ثلاث سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 دينار ولا تزيد على 2000 دينار، مؤكدا جسامة هذه العقوبة وعدم تناسبها مع ما قام به “الجاني”من فعل.

واوصت الدراسة؛ بضرورة تخفيف العقوبة في حالات الطرد من مجموعات التواصل الاجتماعي، والاكتفاء بعقوبة الغرامة دون عقوبة الحبس.

وفي الجانب المدني، بينت الدراسة أن قيام مسؤولية مرتكب فعل الطرد المدنية، يسأل عن التعويض النقدي عن الضرر المعنوي الذي لحق بالعضو المطرود، وفقا لما تقدره المحكمة طبقا لاسس واعتبارات معينة.

المصدر
الغد
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى