صورة إسرائيل والقضية الفلسطينية في الكتب المدرسية الإيرانية

صورة إسرائيل والقضية الفلسطينية في الكتب المدرسية الإيرانية و صورة إيران في الكتب المدرسية الإسرائيلية “العداء المزعوم وحميميّة العلاقة”

د.نبيل العتوم , د.محمد الحوامده

مركز أمية للبحوث و الدراسات الإستراتيجية

تعدّ دراسة المناهج والكتب المدرسيّة، وتحليلها من الدّراسات المهمة في الميدانين التربوي والسياسي؛ فالكتاب المدرسيّ أحد العناصر المكونة للنظام التعليميّ، وهو أداة المنهاج في تحقيق أهدافه، فالمناهج والكتب المدرسيّة تمثل في حقيقة الأمر رؤية الدولة ومؤسساتها المسئولة عن تربية النشء فيها وتشكيل شخصياتهم. فللمناهج دور عظيم في تشكيل شخصيات الطالب العقليّة والأيدولوجيّة والنفسيّة والاجتماعيّة، وتمثل خط الدفاع الأول عن أمن المجتمع وبقائه وحقوقه.

مقالات ذات صلة

وفي المقابل، إن دراسة المجال الجغرافي تؤكد وجود مكوّنات طبيعية وبشرية كثيرة مترابطة تتميز بتفاعلات كثيرة تحصل بين هذه المكونات، وقد تعمّقت هذه الأهداف مع نشوء الدولة القومية وتعزيز الهوية الوطنية؛ لذلك تركّز الدول القومية على تعليم الطالب وتعريفه على المجال الجغرافي الذي يعيش فيه بهدف تعزيز وتمكين هويته القومية، وأصبحت الجغرافيا الثقافية والسياسية أحد المواضيع الرئيسة لتفسير الصراعات بين مجموعات ثقافية، وإثنية، وسياسية في مجال جغرافي معين.

من هنا، شكّل التعليم العمود الفقري الذي اعتمدت عليه الحركة الصهيونية في بث دعوة (هرتزل) وأمثاله بين اليهود في أوروبا للهجرة إلى إسرائيل، فقد كان التعليم سبباً في نجاحهم وفي استقطاب الآلاف من اليهود الذين كانوا يعيشون في (الغيتو) روحاً وجسداً.

وبالنظر إلى قضية الصراع العربي اليوم في المنطقة نجدها مع مشروعين المشروع الإسرائيلي، والمشروع الإيراني، فلم تعد قضية صراع قوميّ أو عسكريّ أو أمنيّ أو جغرافيّ أو اقتصاديّ فحسب، بل هي قضية صراع فكريّ وتربويّ وثقافيّ مع الأيديولوجية، التي زيَّفت الحقّ، وأباحت القتل، وسرقت ديارهم، ودمرت المقدسات.

ويمكن القول : إن معركتنا مع المشروعين الإيراني والإسرائيلي معركة حضارية وعلمية، بعيدة عن لغة الخطابة والوعظ ؟ هل اليوم نحن بحاجة إلى دليل يثبت أن المشروعين الإيراني والإسرائيلي في خندق واحد، ويتقاسمان الكراهية والتحريض والحقد ضد العرب، ويعتبران نفسيهما دولة شرق أوسطية بامتياز، وليستا جزءاً من الإقليم المتخلف، وغير المتحضر ؟.

من هنا تأتي أهمية هذه الدراسة في إيقاظ الوعي لدى صناع السياسات التربوية والمنهاجية في الوطن العربي ودول الطوق العربي تحديداً على خطورة المشروعين الإسرائيلي والإيراني على المنطقة العربية، وضرورة الإعداد القوة للتصدي للتحديات المنبثقة عن المشروعين الخطيرين، ونعني هنا بالقوة، القوة التربوية والعلمية، وأداتها الأساسية المناهج الدراسية. وكما قيل العلم أعظم أثراً من السلاح فكل مدرسة وكل جامعة في الوطن العربي هي مدفع موجه إلى قلب هذين المشروعين، وسيكون هذا العرض نواة لمشروع علمي شامل وواسع كنا قد بدأنا به قبل فترة .

صورة إسرائيل والقضية الفلسطينية في الكتب المدرسية الإيرانية:

من خلال القراءة والتعمق في سلسلة الكتب المدرسية الإيرانية ، يكشف الإيرانيين عن نواياهم الحقيقية تجاه إسرائيل والقضية الفلسطينية، وقد انطلقت هذه الكتب ، وسعت إلى محاولة ترسيخ قيم مخالفة حتى للإسلام، وتصل إلى درجة التكذيب في العقيدة الإسلامية من عدة نقاط أساسية تُعتبر جزءاً من الحقائق التي رسخها الإسلام، إلى جانب تزييف التاريخ والوقائع.

إنكار الكتب المدرسية الإيرانية لوجود المسجد الأقصى في فلسطين :

تقول الكتب المدرسية الإيرانية أن المسجد الأقصى، قد رفع إلى السماء الرابعة، وهذا يمهد الأرضية إلى نفي صفة القدسية عن فلسطين من ناحية، وهذا الموضوع يعزز من عملية نفي فكرة الصراع الديني بين العرب واليهود، ومعنى هذا أن المسجد الأقصى الذي يجاهد المسلمون اليوم لأجل تحريره ليس إلا مسجدا مزيفاً لا قيمة له في المناهج الإيرانية، وبالتالي لا ضير في قيام اليهود في هدم المسجد الأقصى، هذا البناء المزيف، على حسب ما تدعيه الكتب المدرسية الإيرانية .

على هذا الأساس تجهد الكتب المدرسية الإيرانية في تبين عدة حقائق بخصوص المسجد الأقصى، حيث تحسم أنه ليس الذي بفلسطين.

وتحاول أن تورد الكثير من أقوال الأئمة، وروايات الشيعة التي تحاول أن تدلل على أن المسجد الأقصى مسجد بات في السماء، دون تقديم تبرير لذلك، وليس هو مسجد بيت المقدس في فلسطين، والذي يعرفه عموم المسلمين، ويسعون إلى فك أسره وتحريره من براثن اليهود .

أفضلية مسجد الكوفة على غيره من المساجد :

الهدف الأعمق للكتب المدرسية الإيرانية يريد فض عرى القدسية بين المساجد الثلاث: المسجد الحرام والمسجد الأقصى والمسجد النبوي الشريف، حيث ركزت الكتب المدرسية الإيرانية على أفضلية وأشرفية مسجد الكوفة .

أكدت الدراسة على الكتب المدرسية الإيرانية تقلل من قيمة المساجد الثلاث التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا تشد الرحال إلا إليها، ويستعيض عن ذلك إلى التأكيد على قدسية قبور أئمتهم والأضرحة كقبر الحسين:

من زار قبر ” الحسين ” يوم عرفة كتب الله له ألف ألف حجة مع القائم – عليه السلام- وألف ألف عمرة مع رسول الله، وعتق ألف نسمة، وحملان ألف فرس في سبيل الله، وسماه الله عز وجل عبدي الصديق آمن بموعدي، وقالت الملائكة : فلان صديق زكاه الله من فوق عرشه، وتقول الكتب المدرسية الإيرانية : لقد جعل رب العالمين لطفاً بعباده قبر الحسين – عليه السلام – بدلاً من حج بيت الله الحرام؛ ليتمسك به من لم يوفق إلى الحج بل إن ثوابه لبعض المؤمنين، وهم الذين يراعون شرائط الزيارة أكثر من ثواب الحج …

لا شك بأن إنكار الكتب المدرسية الإيرانية لقدسية فلسطين وأرضها ومقدساتها يضر بالقضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل ، ويصب في مصلحة اليهود، فإذا كانت إيران الدولة والثورة والمذهب لا تعترف بوجود بالمسجد الأقصى الموجود في فلسطين، ومن ثم فإن الاعتداء الراهن لليهود على المسجد الأقصى لا يعني إيران في شيء، وعليه فإن التعبئة الإيرانية لمواجهة” الشيطان الأصغر ” ” إسرائيل ” لا يوجد له مبرر ومحفز عقدي عند الشيعة، وهو ما تحاول الكتب المدرسية غرسه وتعزيزه .

ثانياً : تحاول الكتب المدرسية الإيرانية غرس فكرة جهنمية حول فلسطين، أولها يقوم على ترسيخ حقيقة نزع فكرة قدسية فلسطين من ناحية، ومحاولة تصوير الصراع العربي الإسرائيلي صراع سياسي بالدرجة الأولى، وإسقاط فكرة تحرير المسجد الأقصى الذي أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إليه، والذي بارك الله حوله؛ والذي عندهم في السماء وليس في فلسطين ولا في بيت المقدس، دون تقديم مبررات أو مسوغات حول أسباب رفع المسجد إلى السماء، وما دام مسجد الكوفة أكثر قدسية عندهم من مسجد بيت المقدس الذي لا يعترفون بوجوده أصلاً .

. ثالثاً…. الرغبة والتعمد من جانب الكتب المدرسية الإيرانية لتشويه صورة وسيرة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث تريد الكتب المدرسية الإيرانية نفي حقيقة وجود المسجد الأقصى عند دخول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بيت المقدس والتي كان الجانب الديني أحد الدوافع لتحريره من براثن الصليبين، حيث تشير إلى أنه لم يكن هناك مسجد أصلاً، انتقاماً وثأراً من سيرته وطعناً في دوره التاريخي .

هذه هي عقيدة الثورة الإيرانية ونظرتها إلى المسجد الأقصى حسب المعتقد الشيعي، وهي عقيدة تفسر عدم صبغ الكتب المدرسية الإيرانية للصراع مع إسرائيل بصبغته الدينية، فلماذا يصر البعض على الرهان على إيران في مواجهة إسرائيل.

ثالثاً… بعض الحركات والتنظيمات الإسلامية التي تحاول العزف على وتر الوحدة الإسلامية، والتقارب مع إيران لمواجهة إسرائيل، يندرج في إطار التعبئة العاطفية، و بمنطق التنازل عن الثوابت وغض الطرف عن التجاوزات الإيرانية التوسعية، التي أمعنت ذبحاً وتقتيلاً بشعوب المنطقة بذريعة الحفاظ على محور الممانعة ، وتحت عنوان المتاجرة بالقضية الفلسطينية، وسياسة تخادم الملفات ، وتوظيف إيران لمتغير الصراع العربي الإسرائيلي لاستنزاف قدرات المنطقة، وإضعافها خدمة للمشروع الذي تسعى طهران لتحقيقه للهيمنة والسيطرة وبسط النفوذ، وبناء المجال الحيوي لإيران .

هذه السياسة التعليمية الإيرانية تعتبر بمثابة الضوء الأخضر من إيران للإسرائيليين؛ كي يستمروا في سعيهم لتهويد القدس، و هدم المسجد الأقصى، مما يمهد لبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه .

الانتفاضة الفلسطينية واختزالها في أدب الأطفال مع الابتعاد عن شرح أو توصيف للقضية الفلسطينية والصراع الديني والسياسي مع إسرائيل :

يستعرض أحد الدروس قصة الطفل الفلسطيني ” خالد” الشجاع، الذي يسطر شجاعته وبطولته من خلال مقاومته للاحتلال الإسرائيلي، وعدم هروبه، حيث بقي يحمل حجراً بيده رغم إحاطة الجنود اليهود به، إلا أنه لم يخف، رغم حركات الجنود الإسرائيليين لإرهابه، وتذكر القصة أن أم خالد هرعت لأنقاد طفلها إلا أن الجنود الإسرائيليين منعوها، وطلبوا القبض على (محمد) قبل الإفراج عن الطفل ( خالد) ، ضحك أبو الطفل خالد، فقالوا له لماذا تضحك، قال محمد في البيت، وهو طفل عمره ثلاثة سنوات، وهرع الطفل محمد، هما برجم الجنود الإسرائيليين بالحجارة، وفي هذه اللحظة قام الجندي الإسرائيلي بإطلاق النار عليه، فاستشهد .

المثير أن الإيرانيين يكرهوا اسم ( خالد)، ويقفون موقفاً عدائياً من الصحابي الجليل ( خالد بن الوليد)، ولا مجال لتناول هذا الموضوع الآن . لكن لماذا تُطلق على الفلسطيني اسم (خالد) .

القضية الفلسطينية والبعد الإنساني :

تركز الكتب المدرسية الإيرانية على القضية الفلسطينية من خلال الزاوية الإنسانية الصرفة، حيث تستعرض موضوع التهجير الإسرائيلي للفلسطينيين، محاولة استخدام الوسائل والأدوات التوضيحية من خلال صورة جندي إسرائيلي يرفع بندقيته تجاه عدد من العائلات الفلسطينية، ووضعت تحت الصورة تعليقاً، يقول: التهجير القسري للإنسان: فلسطين . دون الحديث عن حيثيات القضية الفلسطينية والتعريف بها ، وما تقوم به إسرائيل من سياسات تعسفية، ومن تهويد للقدس، وانتهاك للمقدسات، ومستقبل الصراع، ومصادرة الأراضي والبيوت ….

الكتب المدرسية الإيرانية والاعتراف بحق اليهود :

تعترف كتب الجغرافيا المدرسية باليهود، حيث تقول عند حديثها عن القدس: إن بيت المقدس هو مدينة مقدسة لدى المسلمين والمسيحيين واليهود على حد سواء، واستطاع اليهود احتلال القدس، وبسط السيطرة عليها، دون عرض للقضية الفلسطينية، ومحاولة تعريف الطالب بها .

الكتب المدرسية الإيرانية والتحالف بين إمام الزمان واليهود :

تتدرج الكتب المدرسية الإيرانية في ترسيخ فكرة عدم العداء لإسرائيل، والهدف يمكن فهمه من خلال تعرض هذه الكتب لأفكار ومفاهيم مذهبية غريبة وجريئة، مفادها أن الشعب والدولة الإسرائيلية سوف تنظم لتكون تحت راية المهدي ” إمام الزمان” القادم من إيران، بعد أن يُظهر لهم عصا سيدنا موسى خضراء نضرة كيومها، كدليل على صدق دعوته، ما يدفعهم في النهاية للقتال تحت راية إمام الزمان ، ليكونوا أحد مصادر قوته، لإخراج العالم من الظلمات إلى النور، وربما هذا يفسر ترسيخ إيران وثورتها لقيم الكراهية والتحريض ضد العرب على اعتبار أنهم مخالفو ( إمام الزمان) على عكس اليهود اللذين سيقاتلون إلى جانبه، ويدينون له بالطاعة والولاء .

صورة إيران في الكتب المدرسية الإسرائيلية

فقد تمّ تحليل كتب الجغرافيا في إسرائيل والتي يتم تدريسها للطلاب في مرحلة التعليم الأساسي والثانوي، هي:

كتاب الصف الخامس والسادس (السهل الساحليّ الأوسط ، والجنوبيّ، وشماليّ البلاد، 2000).
كتاب الصف الخامس (الخرائط تكشف لك العالم، 2000)
كتاب الجغرافيا للصف السادس (الإنسان والبيئة إسرائيل ومناطقها، 2016)
كتاب الصف الخامس والسادس (حول البحر المتوسط، 2010)
كتاب الجغرافيا الصف السابع (الإنسان والبيئة في عصر العولمة، 2014)
كتاب الجغرافيا للصف السابع والثامن (الناس والبلدات، 2011)
كتاب الجغرافيا للصف الثامن (الكرة الأرضيّة، البيئة، الإنسان، 2012)
كتاب الجغرافيا للصف التاسع (إسرائيل الإنسان والمدى، 2008)
كتاب الجغرافيا للمرحلة الثانوية (الإنسان في الحيّز الاجتماعيّ– الثقافيّ، 2013)
كتاب الجغرافيا للصفّين الحادي عشر والثاني عشر (الكرة الأرضيّة والبيئة، 2010)
فكرة العداء للعرب :

ونشيرُ أولاً إلى أن النصوص المتعلقة بصورة إيران في الكتب المدرسية الإسرائيلية جاءت متناثرة ومبعثرة وقليل جدًا، فبدلاً من إضعاف صورة إيران في ذهن الطالب التي تشكل تهديداً جوهرياً، والنظام الإيراني يدعو إلى تدمير إسرائيل، ويجاهر بنيته في محو إسرائيل عن الوجود -كما تدعي إسرائيل إعلامياً، ويعكف على تطوير وسائل ذرية عسكرية، ويقوم بتمويل وتسليح وتوجيه أنشطة إرهابية ضد إسرائيل، كما تدّعي الحكومة الإسرائيلية، يأتي وفي كتاب الجغرافيا للصف الثامن، عكس ذلك فإيران من الدول ال15 المصدرة للغاز الطبيعي في العالم.

اعتراف إسرائيل بفارسية الخليج في الكتب المدرسية الإسرائيلية :

تبني وجهة نظر إيران، في استخدام الخليج الفارسي بدلاً من الخليج العربي، فمن ناحية لغوية في الخطاب تسعى الكتب للابتعاد عن استخدام كلمة العربي؛ لأنها تستحضر معها كلمة الوطن فتصبح مرتبطة الوطن العربي الذي تريد إسرائيل مسحه من عقل ووجدان الطالب.. وقد تكرر ذلك كما في الجدول الآتي:

الكتاب التكرارات
الصف الخامس (الخرائط تكشف لك العالم، 2000) 2
الصف الخامس والسادس (حول البحر المتوسط، 2010) 2
الصف السابع والثامن (الناس والبلدات، 2011) 3
الصف التاسع (إسرائيل الإنسان والمدى، 2008) 3
للصفّين الحادي عشر والثاني عشر (الكرة الأرضيّة والبيئة، 2010) 2
إيران والثورة ليست عدواً لإسرائيل

وصفت كتب الجغرافيا الثورة في إيران عام 1979 في عدة مواقع، فعرضت “لنشوب نزاع عسكري أو حتى حرب يحول النفط إلى عامل هام في العمليات الاقتصادية والسياسية في أرجاء العالم أحداث حرب 1973 في إسرائيل، ثورة الخميني في إيران 1979، أدت حرب الخليج الأولى 1991 وأزمات اقتصادية عالمية حدثت من بداية القرن 21، دفعت الدول الأعضاء في أوبك إلى خفض وتيرة تزويد النفط وبذلك سبب ارتفاعاً في أسعاره”.

ويكرر كتاب الجغرافيا النصوص نفسها مع تعديل بسيط فيما يتعلق بإيران، فيقول : “وصول الخميني إلى الحكم في ايران 1979”. وذكرت إيران في هذا الكتاب كدولة مهمة ومحورية ومصدرة للنفط وتملك احتياطياً كبيراً من النفط والغاز.

ويتحدث كتاب الجغرافيا للمرحلة الثانوية ، كيف يساهم تطوير المواصلات والاتصالات في تحفيز عمليات العولمة؟ ويعطي مثلاً على ذلك المظاهرات الكبيرة ضد النظام في إيران في عام 2009، ويضع صورة للمظاهرات في الصفحة نفسها دون التعليق عليها .

استخدام الدين (التوراة) كمصدر تاريخي، وجغرافي
2.بث ثقافة التفرقة وخطاب الكراهية وتحطيم الشعور بوحدة الوجود العربي، وكسر الطوق العربي المحيط بإسرائيل عن طريق بث السموم لإظهار الدول العربية دولا مفككة وطوائف متحاربة وقوميات متنازعة

ومن جهة أخرى عملت الكتب على التفرقة من خلال اللعب على الوتر الطائفي بأن وصفت الكتب العرب المسلمين المقيمين في إسرائيل بالانتماء إلى المذهب السنيّ، وفي كتاب أخر للجغرافيا تحدث عن انتشار الديانات في العالم وضع خريطة العالم وقسم الإسلام إلى إسلام سني وإسلام شيعي، ولكن الأمر الأخطر من ذلك التفريق بأن جعل العراق ككل دولة شيعية كإيران.

الأمر الذي يعطي قوة لإيران في المنطقة بدلا من إضعافها.

والأمر المهم الذي يدعو للتساؤل أن حلفاء إيران من العرب كالنظام السوري الذي يدعي الممانعة والدعوة إلى تحرير فلسطين وبينه وبين إسرائيل إعلامياً حالة عداء لم يتم الإشارة لهذا النظام في الكتب المدرسية الإسرائيلية نهائياً…….

أما حزب الله حليف إيران الأساسي في المنطقة ومصدر الإرهاب فيها فلم يذكر في كل كتب الجغرافيا حزب الله إلا مرة واحدة في كتاب الجغرافيا للصف التاسع، فيقول : “وبسبب ضعف الحكومة اللبنانية تخضع المنطقة المتاخمة للحدود لسيطرة منظمة “حزب الله” ولذلك هناك تهديد دائم للهدوء على طول الحدود”. بل إن الكتب المدرسية لم تصفه حتى بالمنظمة الإرهابية…

نتائج :

-عمدت الكتب المدرسية الإسرائيلية إلى تعميق ثقافة الصراع مع العرب فقط …..

ولم تكتفِ كتب الجغرافيا في الحديث عن الصراع العسكري بل إن إسرائيل أيضاً في حالة صراع لغوي ثقافي مع العرب، فنظر اليهود إلى اللغة العربية أنها لغة عدو وإلى الثقافة العربية أنها ثقافة دونية تشكل مصدر تهديد .

-يؤمن صانع القرار المنهاجي في إسرائيل أن أحد العناصر الجوهرية لأمن إسرائيل وبقائها هو التأكيد على التطور الحضاري لإسرائيل مقابل التخلف والضعف والتمزق للآخر في الداخل وفي المحيط العربي.

-فقد أظهرت القراءة المعمقة لكتب الجغرافيا أنها لا تقارن بين إسرائيل مع الدول العربية المحيطة بها إلا لإظهار التخلف العربي مقابل تقدّم وتطور دولة إسرائيل، والسؤال المهم لماذا لا يتم المقارنة مع إيران كونها كما تقول إسرائيل إعلامية دولة معادية حالها كحال العرب….

خلاصة الأمر أن إيران وإسرائيل طبقاً لكتبهم التي يتم تدريسها لا يغرسون فكرة العداء ضد بعضهم البعض ، بل يتقاسمان مشروع غرس قيم الكراهية والتحريض والتمييز والانتقام من العرب فقط ، حيث يجمعان على أنهما العدو الأوحد لهما .

تحاول الكتب المدرسية الإيرانية غرس أفكار خطيرة حول القضية الفلسطينية، وفي مقدمته تجريد القضية برمتها من قدسيتها، وترسيخ فكرة مفادها أنه صراع سياسي ذا بعد إنساني، بل لا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يتجه لرسم مقاربة قائمة على فكرة تحالف بين إيران الثورة والدولة مع إسرائيل لتحقيق دولة الخلاص الإلهي على يد (إمام الزمان) الإيراني الذي سينضوي تحت لوائه الدولة العبرية، لهذا فإن بقاء إسرائيل وتعزيز أسباب قوتها سيكون في نهاية المطاف لصالح إيران ، حسب نبوءات الهذيان المهدوي .

بالمقابل فإن إيران ليست عدواً، وليست عدواً محتملاً لإسرائيل حسب ما عرضت له نماذج من الكتب المدرسية الإسرائيلية، بل على العكس من ذلك تماماً، فهناك إشادة بإيران، واعتراف صريح بفارسية الخليج العربي، وتقديراً لموقع إيران واهتماماً بثرواتها.

ونحن العرب الضحية . دمتم بخير .

___________

د.نبيل العتوم: رئيس وحدة الدراسات الإيرانية، مركز أمية للبحوث و الدراسات الإستراتيجية

د.محمد الحوامده: أستاذ متخصص في المناهج الدراسية، الأردن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى