شَغَفٌ وصِحَّة
سالم محادين
داخلَ كُل واحدٍ مِنا هُناك حُلم أو هَدَف أو طُموح يسعى لتحقيقهِ والوُصول إليه مع الاختلافِ طَبعًا في حَجمِ هذا الهَدَف من أُمنياتٍ صَغيرةٍ بَسيطةٍ إلى أهدافٍ دَسِمَةٍ في مُحتواها، وتتراوحُ طموحاتنا دومًا بين الشَّخصيِّ والأُسريِّ آخذينَ بعَينِ الاعتبار تَدَرُج الحَاجات انطلاقًا من الحَاجات الفِسيولوجيةِ فحاجاتِ الأمانِ مُرورًا بالحَاجاتِ الاجتماعيةِ ثُمَّ الحاجة للتَّقدير وُصولًا إلى قِمةِ الهَرمِ بالحاجةِ لتحقيقِ الذَّات.
إذا ما أرادَ الحُلم أن يُحافظَ على وقارهِ و هيبتهِ وَجَبَ عليهِ ألّا يَتَحَقَق، فَنحنُ أُناسٌ إذا حَققنا الحُلم جعلناهُ ماضِيًا تافِهًا ولا نبني عليه، ليسَ من بابِ البَحثِ عن الأفضلِ وإنما إنكارٌ اعتدناهُ وجحودٌ بالنِّعَم، هذا من ناحيةٍ عَمليةٍ و أمَّا من ناحِيةٍ جَماليةٍ فِكرِيَةٍ فيبقى الحُلم الذي لم يتحقق أشبهُ بِلوحةٍ فَنيةٍ أخاذةٍ تعبثُ بِصَمتِنا لنبوح وتُغازِلُ بوحَنا فنستَلذُ الصَّمت!
ويَظَلُ التَّساؤل الأزلي الذي يفرضُ نفسه، كيف لنا أن نُحافِظَ على الشَّغفِ ما بعد وُصولنا إلى الهَدَف؟ وما هِيَ الوسيلة التي تلائِم عُقولنا لنتَمكنَ من تَوظيفِ ( عدم القناعة ) باتجاهٍ إيجابيٍّ نحوَ المَزيد من تَطويرِ الذَّات وليسَ باتجاهٍ سَلبيٍ ينهجهُ الكثيرونَ والمتمثل بالحَسدِ والتَّدخلِ في خُصوصياتِ الآخرين ومُحاولة التقليلِ من إنجازاتِهِم.
يبدو أنَّ الأمرَ بدايةً يتعلقُ بالتَّمرينِ الذَّاتيِّ على الصَّبرِ كُلما شَعرتَ بأنكَ تُسَرِّع من وتيرةِ حَماسِكَ تجاهَ هذا الهَدف ليكون التأني الرائع في استخدامهِ ( أي الحَماس ) وسيلةً نموذجيةً لاستدامةِ الشَّغفِ بأبهى حُلةٍ، ثُمَّ فإنَّ عليكَ تَجنُب المُقارناتِ مع أشخاصٍ بذات المَجال أو الاختصاص كي لا تَدخُل في دوامةِ الاستعجالِ والبَحث العشوائيِّ عن التَمَيُز ولن يكون، والأجمَل من هذا كله كَيفية تَقَبُل نقدَ الآخرين البَنَّاء وتوجيههُ لتطويرِ مهاراتِك والتَّقدُم أكثرَ فأكثر.
خِتامًا أقول، رُبما يرى البعضُ منكم بأنَّ هذه التَّفاصيل ترتبطُ بحاجاتٍ مُتقدِمةٍ تتخطى الاحتياجات الأساسية التي يُعاني الكثير من فُقدانها وعدم الوُصول إليها ولكنني أرى في الوَقتِ نفسه أن الأُمورَ المعنويةَ والذِّهنيةَ الخَاصةَ بالشَّخص عنصرٌ هامٌ في حَياة الفَردِ وصحتهِ النَّفسيةِ مُتمنيًا للجَميع تحقيق كافة احتياجاتِهِم الأساسية والفرعية.
salem.mahdeen@yahoo.com