سوريا وطن يخرج من رحم المعاناة الى نور الحرية

#سوريا وطن يخرج من رحم المعاناة الى #نور_الحرية, الدولة المدنية هي الأساس لدولة حضارية و قوية

بقلم : المهندس محمود “محمد خير” عبيد

من رحم المعاناة يولد الامل، ومن قلب المأساة يولد الابداع، لقد عانى السوريون مدى ستة عقود من نظام قمعي, مجرم, خائن لأمته, خائن لوطنه و خائن لشعبه, نظام ما هو الا امتداد للنظام الصهيوني, فكان نظام صهيوني بقناع وطني, فهل يعقل ان يكون هناك قائد وطني يعمل على بيع وطنه مقابل حفنة من المال و منصب فمن يرفعون شعار الوطنية و القومية و يتباكون على نظام بائد نذكرهم بان النظام البائد باع الجولان عام 1967 بمائة مليون دولار في حينه و وعد بان يحظى بالسلطة في سوريا و ان يكون نظامه تحت حماية النظام الدولي ما دام يسير ضمن مخططاتهم الصهيونية حتى لو اباد شعب سوريا عن بكرة ابيه, يا وطنيين لماذا لم يطلق النظام البائد رصاصة على الصهاينة المحتلين للجولان و ارض فلسطين منذ مسرحية عام 1973 و الأسلحة التي تم شرائها بأموال السوريين تم قتلهم و ابادتهم بها, ما ادونه ليس من نسج الخيال و انما حقيقة بشهادة العديد من السياسيين الذين عاصروا و عرفوا هذا النظام عن قرب, فمن يفعل ذلك من المؤكد ان يكون صهيوني حاله حال الكثيرون ممن نعايشهم اليوم من قادة و زعماء صهاينة اكثر من الصهاينة انفسهم حتى اصبح الصهاينة يتعلمون الخيانة و الغدر و الكذب و النفاق في مدارس زعماء الصهيونية الإقليميين الذين يجلسون على عروش الذل و العار و الخيانة, النظام البائد في سوريا لم يكن وطنيا” في يوم انما كان حاله كحال الكثيرين ممن يتولون امر هذه المنطقة الجغرافية من العالم صبي من صبية الصهاينة عمل على سرقة موارد سوريا و اودعها في حساباته لدى اسياده من الصهاينة المستعمرين و التي غدا” سوف يصادروها تحت أي مبرر كما صادر أموال سوريا و السوريين و عبث بمقدرات الأمة و اباد شعب سوريا و اودعهم في المعتقلات ووأدهم في المقابر الجماعية انتصارا” لصهيونيته, الشعب السوري وصل الى مرحلة لن ينتصر فيها الا لحريته, يتطلع الى امان اجتماعي, امان سياسي, امان اقتصادي, تطلع الى ان يواكب العصر في تطلعاته نحو المستقبل لا ان تكون سوريا الحضارة من كانت تغزوا العالم بفكرها و حضارتها و ثقافتها تعيش على اطلال حضارة الغير, فالنظام البائد أعاد سوريا و السوريين 1000 عام الى الخلف بسياسة التغييب و الجهل الممنهج الذي انتهجه فليس من مصلحة الصهيونية و العالم ان يكون الشعب السوري منفتح على العالم لأنه بانفتاحه سوف يغطي على الكثيرين ممن صعدوا سلالم المجد على اكتاف الثقافة و الفكر السوري.

اليوم و سوريا على اعتاب مرحلة جديدة و هم يعملون على كتابة تاريخ سوريا من جديد باحرف التحرر من نظام بائد ذهب الى مزبلة التاريخ عليهم ان يَعُوا ان القادم سوف يكون باذن الله افضل اذا ما انفردوا باتخاذ قراراتهم السيادية و الوطنية بأنفسهم بعيدا” عن أي املاءات إقليمية او دولية, فسوريا التي كانت الأغنى في العالم و ستبقى الأغنى بشعبها و ارادتها تستطيع ان تكون مستقلة استقلال تام بمواردها البشرية و الزراعية و المعدنية و سوف يحج العالم اجمع لكسب رضاها اذا ما حافظت على كينونتها و استقلال قرارها و أبعدت كل من يريد بها شرا” و يعمل على زرع الفرقة و النزاعات الطائفية و العرقية بين السوريين, فالسوري قبل ان يكون مسلم هو سوري و المسيحي قبل ان يكون مسيحي هو سوري و الدرزي قبل ان يكون درزي هو سوري و العلوي قبل ان يكون علوي هو سوري و الشيعي قبل ان يكون شيعي هو سوري و الأرمني قبل ان يكون ارمني هو سوري و الكردي قبل ان يكون كردي هو سوري, فلتكن سوريا من شمالها الى جنوبها و من شرقها الى بحرها هي الحضن الدافئ الذي يعمل على جمع كل السوريين بكافة اطيافهم فالنسيج السوري لا يكتمل الا بتكاتف و تعاضد كل السوريين و عدم تهميش أي سوري مهما كان و لأي سبب كان فالجميع سوف يكون له دور من اجل إعادة لسوريا مكانتها الحضارية و الثقافية و الفكرية بين العالم, اعلم علم اليقين ان الشعب السوري شعب واعي و لكن واجبنا ان نحذر من القوى الأقليمية التي هي اشرس من القوى الدولية و صهاينة اكثر من الصهاينة من يحملون الحقد الحضاري و الثقافي بين جنبات قلوبهم, تلك القوى التي مزقت ليبيا و دمرت اليمن و زرعت الفتنة في السودان و تدعم الفصائل المتناحرة و قبل ذلك دمرت لبنان بحرب أهلية و دمرت العراق و كان الوقود الذي دمر سوريا لن تتوانى عن ان تدمر سوريا فهؤلاء يعتقدون ان احتلال الأمويين لسوريا جعل لهم حق مكتسب في ارض سوريا الحضارة و الثقافة و العلم, لذا انتبهوا يا أهلنا في سوريا ممن يطلق عليهم أبناء جلدتكم اكثر ممن ان تتنبهوا من عدوكم الحقيقي, فهؤلاء يتسللون الى عقر داركم و هم يحملون الغدر و سموم الفرقة و التقسيم لكم فلا تأمنوا جانبهم.

علينا ان لا نتجاهل بان سوريا اليوم أصبحت من اغنى الدول بشريا” لأن شعبها الذي هاجر الى بقاع العالم هربا” من اهوال النزاع الذي شعل فتيله النظام البائد استطاع ان يضيف الى فكره وعلمه وثقافته الشيء الكثير مما كسبه من الدول التي هاجر اليها بحيث سوف يعمل على استثمار ما كسبه هذا الشعب من ثقافات الشعوب التي استضافته خلال فترة تهجيره من وطنه الكثير وسوف يضيف ما تعلمه الى حضارة وطنه و تقدم وطنه.

سوريا اليوم مقبلة على مرجلة جديدة من تاريخها لذا عليها ان تكون نموذج لدول العالم والمنطقة بمنظومتها السياسية والفكرية والحضارية والتي تعكس اصالة وفكر وحضارة الشعب السوري، لذا عليهم ان يعملوا على صياغة خارطة طريق جديدة تخطوا من خلالها سوريا و اجيالها القادمة نحو مستقبل مضيء و على ارض وطنية صلبة يتجنبوا من خلالها النزاعات والفرقة و يشدوا من خلالها ازرهم و هذا لن يتم الا من خلال صياغة دستور جديد عنوانه الدولة المدنية السورية لتكون مثال يحتذى به بين الدول كافة, فصراعات العالم كافة على مر التاريخ كانت و ما زالت و ستبقى اذا لم نستيقظ صراعات عقائدية و طائفية مسقطين باننا بشر في المقام الأول من خلق المسلم هو من خلق المسيحي و خلق اليهودي و البوذي و الهندوسي و اوجد التنوع الفكري و الثقافي على هذه الأرض, فهذه الأرض ما كانت لتعمر و هذه الحياة ما كانت لتكون لو كانت حصرا” لطائفة او عقيدة او عرق واحد لذا يجب ان نتقبل التنوع و قد قال عز وجل في محكم كتابه” يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”, فالصهاينة ينتظرون ان تعلن سوريا انها دولة إسلامية و لبنان دولة مسيحية, حتى تبرر للمجتمع الدولي انها دولة يهودية و تستشهد بالدولة السورية و تسقط حق الفلسطينيين بارضهم و وطنهم, من هذا المنطلق و حتى تسير سوريا في المسار الصحيح يجب ان يتم فصل الدين عن الدولة و حتى لا نترك للصهاينة أي ثغرة يستثمروها ضد أهلنا في فلسطين فالمرجعية الدينية للنظام السوري الجديد سوف يتماشى مع شعار يهودية الكيان المحتل, ان عملية فصل الدين عن الدولة هو من خلال عدم إخضاع الفعاليات السياسية بكل درجاتها والاقتصادية بكل اشكالها لاحتكار أية سلطة دينية مستقلة من خلال ادعاء البعض انهم خلفاء الله على الأرض و تهميش كافة المكونات الإنسانية الأخرى و ذلك من خلال ادعاء البعض بانهم هم فقط من يمتلكون الحقيقة المطلقة بشؤون الدولة وفعالياتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية, و هنا لا بد ان ننوه بان فصل الدين عن الدولة لا يعني باي حال من الأحوال فصل الدين عن المجتمع، وإنما عدم السماح لرجال الدين ووعاظه بالعمل على استغلال الدين لمصالحهم الذاتية و فتاويهم الجائرة بحق الناس و المجتمع و فرض إملاءاتهم على الحرية الشخصية للفرد, و توظيف فتاويهم في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي, فعملية فصل الدين عن الدولة تتم من خلال مجلس التشريع مستقل القائم على دستور مدني يحفظ حقوق و واجبات كافة مكونات الوطن السوري و يعمل على تنظيم دولة المواطنة بحيث كافة مكونات المجتمع و اطيافه متساوون أمام القانون بصرف النظر عن الدين والمذهب واللون والجنس والأصل أو العرق والقانون فوق الجميع، وكلهم متساوون تحت سماء الوطن السوري, من خلال فصل الدين عن الدولة والسياسة يؤدي الى احترام ادين و عقائد و عبادات كافة أطياف المجتمع وقيمهم الروحية, إضافة الى حماية دين وعقيدة السوريين من العابثين بهما من خلال عدم السماح باستغلال الدين والشعائر والطقوس لأهداف و مصالح خاصة, ان عملية فصل الدين عن الدولة لا يعني باي شكل من الأشكال تهميش دور الوعاظ و رجال الدين و منعهم من التداول بالسياسة او منعه من اعتلاء أي منصب سياسي اذا ما كانت إرادة الشعب قامت بتزكيته ليتبوأ أي منصب, و في نفس الوقت الدولة السورية تتطلع الى ان يديرها تكنوقراط بغض النظر عن العقيدة و الدين و الطائفة بحيث من يستطيع ان يقدم لسوريا و السوريين فعلى الرحب و السعة, المدنية لم تكن في يوم القشور التي يعمل البعض على اجترارها و ذلك من اجل تشويه المجتمع المدني, فالعالم المتحضر و السلمي قام على الدولة المدنية و المدنية لم تكن في يوم تعني الانحلال الاخلاقي ولا الالحاد. المدنية ليست بعقيده جديده كالدين ضد اديان اخرى وليست حزب يحارب للوصول للسلطة ضد احزاب أخرى , المدنية عبارة عن منظومة تدابير تنظيميه وقانونيه للمجتمع وصلت اليها الشعوب مرورا” بمراحل عديدة من اجل احتواء السلطات المجتمعية و الوطنية و العمل على رفع يد العشيرة و القبيلة والدين و الطائفة و العقيدة عنها بحيث عملت على تفكيك هذه الفئة من المتعصبين لقبائلهم و عشيرتهم و عقيدتهم و طائفتهم عن السلطة, ففكت تشابك هذه السلطات العصبية مع سلطة الدولة بما يضمن حرية المواطن على ارضه و في وطنه, فليس هناك رجل دين او متعصب لدين او طائفة يعمل على فرض رأيهاو السيطرة على المجتمع باسم الدين . الدولة المدنية لا يستسيغها رجال الدين و القبليين و العشائريين لذلك يتهموها بان الدولة المدنية عبارة عن اعلان الحاد و انحلال خلقي و أخلاقي, علما” تن الدولة المدنية تصون حقوق اتباع كل الأديان و الطوائف و المعتقدات تضمن لهم تأدية طقوسهم بحريه تامه داخل معابدهم, فالمدنية ما هي الا صيغة تنظيميه تستبعد كل عوامل النزاع والخلافات في الدولة والمجتمع والتي تهدد امنه وسلامته .

ان الصراعات الدينية و الطائفية ازهقت في الحروب الدينية من الارواح اكثر بكثير من كل انواع الحروب الاخرى منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا .

لذلك نتمنى على من يعمل على صياغة الدستور الجديد لسوريا ان يكون الدولة المدنية الجامعة لكافة أطياف المجتمع السوري و ان يتم فصل الدين عن السياسة حتى يصل المواطن السوري الذي عانى على مدى ستة عقود من القهر و العذاب و التهميش الى دولة المواطنة والحريات والقانون, و على المتدينين ان لا يخافوا فغالبيتكم خلال هجرتكم الى الغرب عشتم تحت مظلة دولة مدنية صانت لكم حقوقكم و عباداتكم فما عاصرتموه في المهجر لماذا تنكروه على وطنكم و ارضكم و مجتمعكم, فالمؤمن الحقيقي من الدين بالنسبة له ليس ارتزاق و قناع يرتديه من اجل بث الفرقة و التعصب و تهميش الأخرين, الدولة المدنية سوف تصون معتقداتكم وتصونكم وتصون حقوقكم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى