سمير الرفاعي وخطاب الإصلاح: نقد بلا حلول ورؤية تغفل جذور الأزمات

#سواليف

#سمير_الرفاعي و #خطاب_الإصلاح: نقد بلا حلول ورؤية تغفل #جذور_الأزمات

بقلم : ا د #محمد_تركي_بني_سلامة

ها هو دولة السيد سمير الرفاعي، السياسي البارز ووريث العائلة ذات الإرث السياسي العريق، يطل علينا في محاضرة عامة بنقده اللاذع لمسار #التحديث_السياسي في #الأردن.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل جاءت ملاحظاته بجديد يُمكن البناء عليه؟ أم أنها لم تتعدَّ كونها إعادة صياغة للوعود المألوفة التي سئم #الأردنيون سماعها دون أن تلامس واقعهم؟ خطاب الرفاعي بدا كمن يشير إلى الجروح دون أن يقدم الدواء، تاركًا التساؤلات الكبرى بلا إجابات، والمشكلات عالقة في دائرة الانتظار. هل نحن أمام تغيير حقيقي أم مجرد وهم يتجدد مع كل خطاب؟

الأردنيون اعتادوا سماع شعارات الإصلاح المتكررة التي تأتي مغلفة بعبارات رنانة، لكنها لا تتجاوز كونها وعودًا خاوية بعيدة عن تلبية احتياجاتهم. تحدث الرفاعي عن #الفساد في #الأحزاب و #بيع_المقاعد_النيابية، وغيرها من ممارسات لا تمست بصلة للعمل الحزبي او الديمقراطي. لكن هذه المشكلات ليست سوى انعكاس لواقع سياسي يعاني هشاشة وافتقارًا إلى الإرادة الحقيقية للإصلاح. لماذا لم يتطرق دولته إلى دور #النخبة_الحاكمة في تعميق هذه الأزمة، وإلى المصالح السياسية والاقتصادية المتشابكة التي تخنق أي محاولة جادة للتغيير؟ وعود الإصلاح باتت أشبه ببالونات هوائية، جميلة في مظهرها، فارغة في مضمونها .

أما الأحزاب السياسية، فقد أصبحت مشهدًا باهتًا في مسرح سياسي متهالك. هذه الأحزاب التي كان يُفترض أن تكون منابر للديمقراطية والعمل الجاد، تحولت إلى كيانات خاوية تفتقر إلى الرؤية والبرامج. انتقاد الرفاعي للأحزاب ووصفها بالمصطنعة والمفلسة فكريًا قد يكون دقيقًا، لكنه يثير تساؤلات جدية: من المسؤول عن وجود هذه الكيانات الهشة؟ أليست النخبة الحاكمة هي التي ترعى هذه المسرحية السياسية العبثية، حيث تُدار الأحزاب بعقلية تخدم المصالح الضيقة وتقصي الكفاءات؟ إذا كان تأسيس الأحزاب في الأردن لا يتجاوز كونه وسيلة لتحقيق مكاسب شخصية، فكيف يمكن إقناع المواطن بالمشاركة السياسية الفاعلة؟

غياب الإشارة إلى قانون الجرائم الإلكترونية في خطاب الرفاعي كان أمرًا مثيرًا للاستغراب. هذا القانون، الذي أصبح أداة لتكميم الأفواه وتقييد الحريات، يشكل عائقًا جوهريًا أمام أي محاولة للتحديث السياسي الحقيقي. كيف يمكن الحديث عن إصلاح سياسي بينما يُحاصر الصحفيون والناشطون، وتُشوّه صورة الأردن في المحافل الدولية؟ كان الأجدر بدولة الرفاعي، كرئيس للجنة التحديث السياسي، أن يطالب بإلغاء هذا القانون الذي يزيد من إحباط الأردنيين ويعزز الشكوك حول مصداقية مسار الإصلاح .

فيما يتعلق بالمحسوبية، أشار السيد الرفاعي إلى وجودها داخل الأحزاب، لكنه لم يتناول تأثيرها على قطاعات متعددة اهمها بالنسبة لي هو قطاع التعليم الجامعي، الذي يُعد أحد أهم ركائز التنمية المستدامة في الأردن. هذا القطاع يواجه تحديات كبيرة نتيجة تدخلات غير موضوعية في التعيينات القيادية، حيث يعتمد بعضها على التوصيات والمجاملات بدلاً من معايير الكفاءة والشفافية. هذه الممارسات تهدد جودة التعليم العالي وتؤثر على قدرته في إعداد أجيال قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية.

نأمل من دولة السيد سمير الرفاعي، بما يحمله من إرث سياسي وخبرة طويلة، أن يكون نموذجًا في تعزيز قيم الكفاءة والنزاهة في قطاع التعليم العالي، الذي يمثل ركيزة أساسية لبناء مستقبل الأردن. هذا القطاع الحيوي لا يمكن تطويره دون معالجة التدخلات التي يُشاع أنها تؤثر على التعيينات القيادية، والتي قد تمنح أحيانًا لأشخاص يفتقرون إلى الخبرة والجدارة، مما يضعف المؤسسات الأكاديمية ويعيق تقدمها . إننا نناشد دولته أن ينأى بنفسه عن أي ممارسات تثير تساؤلات حول نزاهة التعيينات، وأن يدعم استقلال الجامعات وإدارتها وفق معايير مهنية واضحة. كما نأمل أن يمنح جامعتي فرصة التطور بعيدًا عن أي تأثيرات شخصية .

الأردن اليوم يقف على مفترق طرق، بحاجة إلى رؤية إصلاحية شاملة تعالج جذور الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أنهكت المواطن والدولة. الخطابات الرنانة لم تعد كافية، والمواطن الأردني لم يعد ينتظر وعودًا فارغة، بل خطوات حقيقية تعيد بناء الثقة وتحقق تطلعاته. نحن بحاجة إلى نظام انتخابي عادل، وأحزاب ديمقراطية تعمل بشفافية وبرامج تخدم المصلحة الوطنية، وقوانين تحمي الحريات وتضمن الشفافية .

إذا كان دولة السيد سمير الرفاعي جادًا في دعوته للإصلاح، فعليه أن يتجاوز النقد السطحي ويقدم رؤية جريئة تعالج جذور المشكلات. الإصلاح السياسي ليس رفاهية، بل هو ضرورة لا تحتمل التأجيل. الأردنيون بحاجة إلى أفعال لا أقوال، فهل نرى تحول الإصلاح من وهم إلى واقع ملموس، أم يظل مجرد حلم يتجدد مع كل خطاب ؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى