لا يوجد ما يفيد بلغة رسمية تصريحاً أو تلميحاً بأن الأردن سيشارك في أي عمل عسكري بري داخل الأراضي السورية. ولم ترصد واقعياً ولا خطوة واحدة لعسكري أردني داخل الأرض السورية التي يغيب عنها ولا يريد اصلاً العودة إليها النظام السوري وهو يصر على ان «درعا» مشكلة أردنية ويعاقب اهلها بالقصف العشوائي.
كل ما حصل حتى اللحظة هو مشاركة مجموعة من العسكريين الأردنيين في مناورة رعد الشمال السعودية.
هذه المشاركة دفعت اوركسترا الموالين لنظام دمشق للعمل بصورة منسقة فالجنرال بهجت سليمان يتزاور في بيروت مع نشطاء أردنيين ويقصف بلادهم بكل ألفاظ التهديد في الوقت الذي يهدد فيه عضو مجلس الشعب السوري المدعو أحمد شلاش اربعة ملايين أردني في العاصمة عمان بعدم وجود «قبر يؤويهم».
من يحذرون النظام والدولة في الأردن من التدخل في سوريا لصالح الأجندة السعودية لا يعترضون على دمشق وهي ترفض الحوار والتواصل مع بلادهم ولا تتضمن بياناتهم اي تنديد بتهديدات شلاش وسليمان بقتل الأردنيين وقصفهم بقدر ما تتضمن تصفيقاً حاداً.
مرة أخرى لا توجد ولا إشارة واحدة تقول بأن القيادة الأردنية بصدد التراجع عن فلسفتها الأساسية القائمة على إستراتيجية «بقاء الأزمة السورية في ارضها وعدم عبورها للحدود»وفقاً لما قاله مرات عدة لـ»القدس العربي» الناطق بإسم الحكومة الأردنية الدكتور محمد مومني.
لا يوجد قرار سياسي من اي نوع بالمشاركة في عمل عسكري بري داخل سوريا ولا قرائن حتى اللحظة على قرار من هذا النوع.
رغم ذلك ملأ نشطاء «محدودي العدد» موالون لنظام الرئيس بشار الأسد في عمان الساحة ضجيجاً وهم يخترعون ثم يرددون أسطوانة التحذير من زج الجيش الأردني في بؤرة الصراع العسكري داخل الأراضي السورية.
هؤلاء على قلتهم في العاصمة عمان لا يجيبون على اي أسئلة لها علاقة بمصالح بلادهم العليا وسيادتها عندما يتعلق الأمر بطبيعة الوضع الميداني داخل درعا السورية حيث نحو 70 الف نازح جديد يتجهون نحو الأردن بدون ان يحسب نظام دمشق الذي يواليه نشطاء أردنيون حسابهم لأن عمليات القصف الجوي والمدفعي لقرى ونواحي درعا عشوائية تماماً.
البيانات التي تصدر في عمان لتأييد ومساندة النظام السوري لا تحذر من القذائف العشوائية التي تسقط فوق رؤوس وبيوت الأردنيين في محيط مدينة الرمثا ولا تضع حلولاً من اي نوع أمام المؤسسة العسكرية الوطنية الأردنية عندما يتعلق الأمر بحماية الأردن من الجهاديين المتطرفين أو المسلحين الذين يضغط عليهم نظام بشار فيجدون أنفسهم امام حدود الأردن.
اصحاب البيانات التي تساند ما يسمى «حق سوريا الطبيعي في تأمين حدودها مع الأردن» لا يتطرقون للكثير من التفاصيل الحيوية والأساسية بالنسبة لبلادهم ولا يجيبون على الأسئلة المتعلقة بإقتراحاتهم لإقامة حلقات التنسيق مع النظام السوري الذي وصفه رئيس وزراء الأردن الدكتور عبدالله النسور أمام «القدس العربي» بأنه يسعى لـ»الثأر والانتقام» أكثر من سعيه لمعالجة الأزمة المتصاعدة.
الموقف العلني الرسمي لعاهل الأردن الملك عبدالله الثاني بخصوص آليات مواجهة الإرهاب في سوريا «لم يتغير» ولازال قائماً على فكرة ان مواجهة الإرهاب في سوريا مسألة تخص السوريين من ابناء العشائر والجيش النظامي، لم يتحرك الأردن الرسمي قيد أنمله عن هذا الترتيب.
لكن صموده في هذا الموقف رغم الضغط الهائل عليه من الخارج لا يشفع له عند بعض النشطاء الذين يرخى لهم الحبل في عمان مجاملة للنظام السوري برأي الناشط والمحامي موسى العبداللات الذي ينتقد الصمت الرسمي العجيب على كتبة البيانات الذين يخالفون تشوقات الشعب الأردني ويمسون بالقانون والسيادة.
في أوساط عمان هذه الأيام حالة غريبة نوعاً ما حيث اخترع بعض النشطاء قصة «توريط» الجيش الأردني في النزاع السوري وهو ما لم يحصل ولا توجد أية أدلة عليه ثم رفعت تلك اليافطات ونشرت تلك البيانات التي تصاغ على مسطرة نظام دمشق.. الغريب جداً ان السلطات صامتة بصورة مريبة على هذه الإرباكات على أساس نظرة توظيفية استثمارية ضيقة وغير منتجة مع مقاولي ووكلاء بشار الأسد في عمان.
بسام البدارين