سجل عدلي
محكمة جنوب عمان محطتي الصباحية , لم أعتن كثيرا “بهدومي” , بصراحة انتعلت “شبشبا” بلاستيكيا , وقميصا لم يطأه المكوى منذ شهور , وكنت أضحك كثيرا في سري .
قبل شهر علمت بالصدفة إني مطلوب , ولست أعلم من هو أحق بالدعوى , والجميع يعلم .
منظر الزنزانات تثير في ذكريات قديمة , أرقب المساجين , ادقق النظر في عيونهم , ,وسر الرجل في عيونه .
أخطر ما يواجهه أنسان ان يتقبل مرغما فكرة عن نفسه , يتعايش معها , وتصبح واقعا منه . يعمل على تكريسها وتطبيقها . لعبة الضحية والجلاد , شهوة الرياسة , والعدالة , والدم , واللغة كما قال ابن جني ” قد جاز أكثرها على المجاز ” .
الشاويش يمنع الناس من ” الدخان ” , والناس هنا تحديدا الفقراء , والمهمشون , والضعفاء ,ممن يقضون أعمارهم في البحث عن سند , قابلون لكل شيء في سبيله , يمرون في مراحل تحور قسري , وتغير نوعي , ثم يكتشون فجأة أن عزوتهم ذراريهم , مجرد أضافة طبيعية لكتلة المهمشين في الطابور الطويل .
بصراحة لي سجل عدلي , آخرها حكما بالسجن أسابيع ثلاثة , ليتهم يتركون لي حرية اختيار ” السجن ” . التهمة حيازة سلاح ناري , كل شعوب الأرض تحوز .
محكمة جنوب عمان , والشاويش يمنع الدخان , وعلبة لفافاته تركن بهدوء قريبا من كتفه , المسموح والممنوع , من يقرر ومن ينفذ , جوهر السلطة , وحقيقة الولاية العامة .
محكمة البداية , او بداية قلم الجزاء , يختصرونها : نهاية الجزاء وغايته , واللغة مجاز .
يتجمهر حولي بعض الطلاب القدماء , ساعو بريد , مراسلون , عمال نظافة يعرضون مساعدتهم , ،يستعرضون عضلاتهم , ما زالوا أولادا , تسبقهم أعمارهم , ويسبقون ” بخوتهم ” . يااااااه , كم تغيرت الدنيا , وما تغيروا !!
سجل عدلي , لا يشبه سجل رئيس التجرير , سجلان متباينان , على أن اضطرار الاجتماع أولى من اجتباء الافتراق , وتبقى العبرة في السجل الأخير .