كنت صغيرة وغير مدركة لبشاعة ما لم أفعل حين كنت أضحك بصوت مرتفع وأبدأ بالقهقهة مع الدخول في نوبة من الفرح العارم …فتفاجأني أمي بجملة ‘ هاي أسمها قلة أدب ‘ … فأكتم ضحكتي فورا” والتي ستفجر صدري لأن الفرح لا بخبأ ولا يقيد …
الآن وبعد الندم الكبير على طاعتها في هذا الأمر تحديداً أتمنى لو أن فوبيا الضحك ‘ الفرح ‘ تصيبني .. فأنقلها بالعدوى لكل من يجاورني لأعوض ولو قليلاً مما فاتني من سنوات بدونه..
كبرت بعدها قليلاً وتحولت بنظر أمي من ‘ قليلة أدب ‘ الى ‘ سارقة ‘… وهذا النعت الذي اخترعته لي ولا زال يلازمني حتى الآن…… فالندم كثيراًما يقودنا الى تصحيح مساراتنا وهو تماماً ما جعلني سارقة لكل لحظة أحسبها خارج حدود الزمن أستطيع فيها ممارسة كل القهقهات والضحكات التي كتمتها في هذه صدري والدخول في نوبة من الفرح الكبير….
الآن وكلما زرت أمي نفتش في أشياءها القديمة و نفتح ألبوم الصور القديمة..
صورها صوري.. صور كل اولئك الذين غابوا….
أختار أنا صور أمي في صباها… أطفالي وكنت قد أنحبتهم للتو.. صور عائلتنا عندما لم ينقصنا أحد… فأخبئهم في حقيبتي دون شعور أمي بذلك…
استغل كل غفلات أمي عني لآخد شالها عندما كانت في العشرين تارة… وتارة أخرى آخذ غظائي الوردي الذي اشترته لي وانا طفلة ولا زالت تحتفظ به لليوم…
لعبة الميكي ماوس قد نسيها أبني أحمد قبل أن تتوه به الدرب وقد غفل عنه عند أختي الصغرى…أيضاً فستان الحمل الذي اشتريته بعناية حين علمت أن ‘ بنتا ‘ تغفو في رحمي وللصدفة كان في خزانتي القديمة…
حتى البسمة على،وجه أمي أحاول سرقة ملامحها لأخبيء كل هذه الأشياء في جيب معطف الوحشة…
الوحشة التي تلف روحي أحياناً.. بل كثيراً وجداً ولا أجد ما يؤنسها..
كلما فقدت أمي شيئاً جميلاً في بيتها تردد على الفور ‘ بتلاقوه عند شادن أكيد سرقته ‘…
أنا سارقة وأخبيء الكثير لك من الابتسامات التي سقطت من ثغرك سهواً…
ألعاب أطقالي الصغار… صور أصدقائي لا زالت في محفظتي.. صوري أنا عندما كنت نفسي لا غيري..
احتفظ بكل هذه الأشياء كما هي تماماً طازجة لا رائحة للغياب فيها . ولن أعيد منها شيئاً… لأقدمها لنفسي.. لأطفالي.. ولك أنت عندما تحتاجينها… فأنا تعبت منذ كففت عن قلة الأدب