رنين مفاتيح الجنّة

مقال الاثنين 8-1-2018
النص الأصلي
رنين مفاتيح الجنّة
قتلتنا طيبتنا ، وضيعتنا المتاجرة بالأوهام و شراء السراب بعبوات مختومة على أنها ماء زمزم ..
**
وأنا أقرأ قبل يومين عن قيام أحد الأشخاص بالاحتيال على عجائز وأمهات وأرامل إحدى محافظات الشمال مدّعياً بتنظيم رحلة عمرة إلى الديار المقدسة بأسعار مخفّضة، فجمع من كل عجوز50 ديناراً وعندما اكتمل العدد اللازم (للنصب) البالغ500 حجّة ،هرب الأخ بــ25 ألف ديناراً متوارياً عن الأنظار..الذي أحزنني أن “الخمسين ” التي دفعتها العجوز قد تكون آخر ما تبقى من عيديات الأضحى ، أو نصف النقوط بعد أن أجرت عملية “المي الزرقا” ، أو ربما ما وجدته تحت “الفرشة” بعد آخر اجتماع لبناتها في بيتها..لكن من يفكّر بالاحتيال لا يهمّه مصير الضحية أو مآلها..
على أية حال ، تذكرت ما تعرّضنا له – نحن أبناء هؤلاء الطيبات – بطريقة مشابهة وان كانت بنتائج أوجع وأبشع ، وما أكلناه من مقالب اقتصادية في حياتنا و”احتيال” رسمي بحجة الحصول على مفاتيح جنّة التصحيح الاقتصادي والتحوّل الاقتصادي لا يختلف كثيراً عن تفاصيل ما جرى لأمهاتنا الحجات..
ربما تذكرون في نيسان 2016 ،كيف كتبت الصحافة وقامت بعض المواقع بحملة تسويق و”تنظيف بشرة” قادتها مكاتب خفية لصالح أحد المسؤولين السابقين – أحد رواد الخصخصة وعرّاب بيع المؤسسات – عندما أوهمنا أن “المليارات ستهلّ على المملكة” من الشقيقة السعودية بعد إنشاء مجلس سعودي أردني، ووقع وزيرا الخارجية الأردنية والسعودي آنذاك محضر انشاء هذا المجلس في الرياض ، وصفقنا له كثيراً بعد أن أوهمنا أن الموازنات سترتوي والديون ستسدد على داير ملّيم كما سنقوم – من فرط النعيم- بتسمين الاستثمار وبيعه كما بعنا مؤسساتنا الحلوب للجزّارين والسماسرة والفاسدين فذبوحها وقبضوا أثمانها و اختلط حليبها بالدم ..هل هلت المليارات بالفعل ؟ نعمّ هلّت.. لكن مليارات الديون والقروض وعـُــلّقت “مليارات المساومة” على عصا الركوع، المليارات مقابل قبّة الأقصى ان شئتم أخذتم وان شئتم تركتم ..
أما آن لكم ان تعرفوا عدّوكم من صديقكم ، أما آن لكم ان تنزعوا أجنحة الجراد الذي يقفز من شجرة جرداء الى شجرة خضراء ليأكلها؟؟.. ها قدّ مرّت سنتان ونحن نجلس على رصيف المديونية نضع في أحضاننا “بقج” الأحلام والمشاريع الكبرى ولم يحضر “باص المليارات” القادم من الديار المقدّسة بعد..ولم نسمع رنين مفاتيح جنة الاقتصاد..لقد هربوا وتواروا في الغياب دون عذر او اعتذار …

لا فرق بين من يحتال على أمّ و يحتال على وطن..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى