
رداً على وزير التربية والتعليم
في البداية يستحضرني بالصدفة ما أسمع منك دون أن تفصح عن السبب الحقيقي لما وصل اليه التعليم من تردي في المدخلات والمخرجات ..
في الاردن حجم كبير من التناقضات في التعاطي مع المشكلات التي تعترض مسيرة الاصلاح بعموم ، والتعليم بخصوص ، وعندما نحاور سياسة تعليم – إنما نحاور بذلك سياسة بلد كاملة ؛ لأن التعليم مستهدف سراً من الشريحة التي تحكم وتسيطر بقوّة على القرار العام ، وفي العلن وأمام المجتمع الاردني تجيدون بمساعدة الاعلام لأجل مصلحة التعليم والطالب والمعلّم صوراً مختلفة وممارسات عديدة مغلّفة ومغلقة غير حقيقية لسلامة التعليم ، وفي الحقيقة أن المستهدف للنيل منه وبكل الوسائل منكم جميعاً هو التعليم بشقيه – المعلّم والمتعلّم ، وما نعيشه كمعلمين هو شاهد على ذلك ، وكتبت الكثير عن الاخفاقات في السياسات العامة الآخذة في الانحدار ، وفي كل شيء ..
حضرة الوزير المحترم ، أنا لا يجمعني بك سوى مصلحة الوطن والشعب ؛ لأن ذلك سيضفي على الجميع مخرجات إيجابية ينعم بها الجميع كأسرِِ ومؤسسات لاحقة ، فالتعليم هو الواجهة الحقيقية للنظام ، فإذا كان التعليم منحدراً فذلك انحدار في السياسة العامة التي يحكمها صاحب القرار ، وإذا كان العكس فهذا نجاح وخلاص من الفساد وسيطرة السلطة على المفهوم العام للوطن – فالدولة هي مفهوم المؤسسات ، والسلطة هي مفهوم الامن والسلاح والتجارة بالممتلكات وتنفيذ إملاءات خارجية تنال من كل شيء في هذا الوطن …. فأعتقد أنك لا تملك القرار فيما سأقول وهو الصحيح ، ولم تتحدث عنه مطلقاً في كل لقاءاتك ,,,
التعليم في السجن كما الاسلام بعموم في الأسر ، والسلطة تحتكم للقوّة فبينهما انسجام لا يتعدى مصالح مادية – فكيف لنا أن نبني وطناً لا نملك فيه حتى لقمة العيش والدواء السليمين …. فإذا لم تعطِ هذين الاثنين لابنائك سيلفظونك خارجاً ، وتصبح الاماني هي الخلاص منك ، فالمعلّم هو آيل للموت من شدة الحاجة ، والجميع بما فيها وسائل الاعلام توجّه ضده ؛ حتى أصبح ولي الامر حين يلوحون المربون للإضراب يمشي معكم دون أن يعرف الفاعل للتجهيل هو أنتم – قلي بربك ما السبب في انحدار المخرجات عند المدارس والجامعات ؟! أليس أنتم إذا ما تسلسلنا في السبب حتى رأس الخيط …. ؟؟!!
حضرة الوزير الذنيبات ، بقيتم خلف المعلّم حتى ذل ، وسعيتم وراء تسفيهه ، وأنسيتموه أن له موقف يستطيع من خلاله أن يقرر مصيرَه ، ولكن سرعان ما وجهتم كل وسائلكم السلطوية حتى اغتلتم نقابته بالنفعيين من أبناء جلدته ، ولكن الوطن ككل هو مثار الدهشة والخلاف حول ما يمارس عليه من ضغوطات كبيرة – تبدأ بالتعليم وتنتهي به ؛ لأن التعليم ليس بالمعادلة الصعبة إذا اردتموه سليماً ، فالانفاق عليه أولى بكثير من الانفاق على الحرس ، وممارسة السلطة …. فالتعزيز المادي والمعنوي والخدماتي للمعلّم سواء أكان متقاعدا او عاملاً هو اللبنة الاولى في النجاح ، وما عدا ذلك هو مجرد فرض عضلات بدون أدنى معرفة للنتائج وما تؤول إليه الامور …. إبدأ بمعالجة كل الملفات ، وعلى رأسها تحسين الوضع المعيشي المتردي للمعلّم ، ولتبدأ بمعلمي الصفوف الثلاثة الاولى ، والبيئة التعليمية الآمنة والتي ليس لها أي وجود على الواقع ، والبحث عن كل السبل الحقيقية من خلال الزيارات الميدانية ، وسماع المعلمين لما يريدون ويطمحون ، لأن أكثر إدارات المدارس فاشلة ، ومدراء التربية كذلك من عجلون حتى تنتهي بالعقبة … إسمع المعلمين ، وحفّزهم جميعاً بكل ما أوتيت ، واجعل العلاقة بينهم والادارات علاقة زمالة واحترام ، وتحقق من كل أعمال وزارتك في الابنية وسلامتها – لأن في عجلون مصائب في سلامة الاسوار المحيطة بالمدارس ، والابنية المدرسية ، وتحتاج لتحقيق فوري ، واعتقد أن في وزارتك تباينات كثيرة في توزيع الانصبة بين كل المحافظات ,,,, والادارات عاجزة عن الحل ؛ لأن الجميع يقول : هذا ما يريده الذنيبات ! يعني أنك المتهم الوحيد عمّا يجري …، أم أن هناك عابثٌ أكبر ؟!
الكلام كثير ، ولكن ما ينفق على السفر الرسمي والمياومات ، ينفق على المعلمين والطلبة سنوات كثيرة ، والمال ليس الحجة في معالجة التشوهات بقدر ما هو المقصود إشغال الناس بأنهم المتهمون في البناء وليس أنتم .
التعليم بانحدار مستمر ، ولا رضى عنه من المعلمين المتقاعدين والعاملين وكل فئات المجتمع ، ولا تعتقد أنك نجحت بمعالجة شيء ، فالبناء يجب أن ياتي من الاساس بحكم الجاذبية الارضية ، ولا يمكن بكل النظريات أن تعالج تشوهاً واحداً إذا لم تبدأ به من نفسك وأصحاب القرار ، وللأسف أن الفساد هرمي يأتي من الاعلى حتى نصبح بلا قاعدة _ فأنت من يبني في الهواء دون قاعدة على الارض ، والتعليم في الاردن سينتهي وينهي كل شيء معه ؛ لأن الاصلاح ليس بروباغندا دعائية ، بل فعل واحترام لرأي ومطالب وطموح الآخرين من كل الاطياف .
– فتحي المومني