دعوى شقاق ونزاع عجيبة غريبة!

#دعوى #شقاق_ونزاع عجيبة غريبة!
من قلم المحامي المتدرب د. #ماجد_توهان_الزبيدي


كانت شخصيته طاغية على زوجته وأولاده إلى درجة مُلفتة لإنتباه كل من عرفه ،أو عايشه،أو جاوره،أوفي عمل،فهو صاحب نظرية خاصّة به مفادُها “إن من أُنفق عليه ليس من حقّه معارضتي في أي قرار”!
كان أبو أحمد متقاعدا من وظيفة مراقب عمّال بمديرية الأشغال العامّة،أمضى فيها ربع قرن من الزمن لم ينل خلالها أي تنبيه لتقصير ،إذ كان مُنضبطاً في عمله،وصارماً في تنفيذ التعليمات الصادرة له ،وتطبيقها على مجموعة العمال تحت مرؤوسيته،وهو أمر أشاد له به كل سائقي الجرّافات والقلّابات التي كانت تحفر الشوارع وترصفها بالحجارة والرمل ،وكذلك خلّاطات الزفتة!
ومثلما كان أبو أحمد صارماًمع العمّال تحت مسؤوليته ،كان ـ والحقُّ يُقال ـ يحمي أولئك العمّال من أي قرارات جائرة بحقهم،وكثيراً ماكان يغتنمث زيارات وزراء العمل والأمناء العامين ومدراء العمل بالمحافظة،بإستحصال بعض المُكرمات المالية الجانبية للفقراء من عمّاله!
وقد أسقط ابو أحمد تلك القساوة في التعامل على ولده البكر “أحمد”قبل زواجه ولعده،إذ كان للوالد الكلمة الأولى والأخيرة في طلب يد زوجة ولده وإجازة كل التفاصيل الخاصّة بالجاهة وبكل متطلبات الزواج من خطبة ومهرين وإجراءات بروتوكولات الزواج !
لم يكن أحمد قد إلتقى بخطيبته قبل طلب يدها،إذ هو زواج تقليدي،عن طريق صديقة الوالدته رشحتها لها ،لكن حياة الزوجين بدأت وإستمرت كأنهما تعارفا من قبل عدة سنوات قبل كتابة عقد الزواج،ممّا ولّد حباً قويا من الجانبين لبعضهما البعض ،إذ إنهما ملتزمان إلتزاما كبيرا بالتقاليد والعادات والأخلاق الدينية والإجتماعية.
فهي على سبيل المثال مُطيعة لأحمد طاعة الفتاة لوالدها ، أو، شقيقها الأكبر، ومُدبّرة في مصروفاتها البيتية والشخصية ،بل هي قليلة الطلبات وترضى بالقليل،ولا تخرج من بيتها لأي مشوار ضروري إلّا بعد التشاور مع زوجها والحصول على موافقته،وقليلاً ماكانت تخرج من دونه،ولا تتعاطى التدخين والأرجيلة ولا مجالسة النساء اللواتي أُُبتلين بمثل تلك العادات من التعاطي،لإيمانها أن المرأة يجب أن تكون برائحة الورد والعطر،فضلاً عن أخطار التدخين القاتلة على صحة المرأة ،بل هي تعتبر تلك العادات أقرب السلوكيات للمُحرمات من الأمور،فضلاً عن أن زوجها أحمد هو الآخر لا يتعاطى مثل تلك السلوكيات والعادات!
وحدث مالم يكن بالحسبان فجأة من دون أن يخطر ذلك ببال أي إنسان في العائلة!
راح أبو احمد يطلب من ولده بعد بدء السنة الثانية من الزواج ويضغط عليه بتخفيف حبّه وتمسكّهِ بزوجته،ثم تطور الطلب بدعوته لتقديم دعوى تفريق للشقاق والنزاع تحت ذريعة عدم إهتمام الزوجة به وبطلباته وبسوء قيامها بواجباتها تجاهه!
إستغرب أحمد طلبات والده وشكواه من زوجته،ثم تبيّن له أن والده ليس لديه أي حجّة مقنعة سوى شكواه من أن الزوجة لم تكو ملابسه كما ينبغي ،وان حرارة المكوى تركت طبعاتها اللامعة في قمصانه وسراويله!
جنّ جنون أحمد مما سمعه من دون أن يُظهر لوالده إمتعاضه،وأنّى له أن يُظهر ذلك أمام “هتلر” أو “فرعون”!ثم حاول أن يُرضي والده بإعلان إستعداده أن يكوي بنفسه، في المرات القادمة ملابس والده ،او يحملها بنفسه لأقرب محل من محلات “الدراي كلين”،إلّا أن كل تلك العروض باءت برفضها من قبل الرجل الصارم الذي مايزال يتعامل مع عائلته كما كان يتعامل مع عمّال المياومة،من دون أن يعترف “فرعون” بالتقاعد !
وكانت رسالة الوالد لولده في هذا المضمار قاسية قسوة الحرب التدميرية التي شنّها العدو الصهيوني ومايزال من السابع من أكتوبر من عام 2023 على تجمعات الفلسطينيين في قطاع غزة و”جنين” ومخيمات الضفة الغربية،وهي رسالة من جملة واحدة لا غير:”من لا يًطيع أمري ليس له من إقامة ببيتي، ولا من حق في الميراث”!(8تموز)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى