دردشة عن #مسلسل #بين_السرايات
بقلم #فراس_الور
انها محاولة ناجحة لخلق الواقع في بيئة خيالية، فنحن حينما نقول ان الكاتب ينطلق من الواقع لكتابة قصة خيالية لا يعني ان كل هذه الأعمال تتجرد من الواقعية لتغدو قصة خيالية، بل قد نأخذ المناخ السائد بحالة بالمجتمع و نمزجهما مع أحداث من نسيج خيال الكاتب تُجَسًدْ عن طريق ابطال العمل مع مراعاة عدم الأنفصال عن واقع الحال مهما كان هذا الخيال ثريا، نحاول ان نخلق في الخيال قصص من تأليفنا و نبقيها بالمصداقية المطلوبة بالواقع البيئي لحالة معنية بالمجتمع، و هذا ما يحاول معظم الكتاب القيام به في مسلسلات تنطلق من قصة واقيعة، او حينما يجسدوا مشكلة بالمجتمع في قالب درامي، او حينما يعرضون مشكلة تواجه المجتمع،
و نحن بين ايدينا مسلسل حافظ على هذه المعادلة بالكامل، لذا صَنًفْتُه على صفحتي على الفيس بوك انه ينافس بقوة باي مهرجان على جائزة العمل المتكامل، و لا امدح به من باب المجاملة، و لا امدح به كذبا، فنحن بين ايدينا حي من احياء بين السرايات يقدم كما هو بقالب من وحي الخيال من خلال ابطاله و قصصهم و عراكهم اليومي لحل مشاكلهم و كسب قوتهم فقط…من خلال البيئة الإجتماعية لمنطقة بين السرايات، و هذا مسلسل نموذجي جدا برؤيته الإخراجية حيث قدم لما الحارة الشعبية بوضعها المعاش بالمجتمع، و يجب التوضيح هنا ان الحارة الشعبية يختلف تكوينها الديمغرافي عن العشوائيات، و هذا الإختلاف هو قائم بالبنية التحتية و طبيعة نشاط السكان و حالاتهم الإجتماعية، فالعشوائيات على سبيل المثال لا الحصر تمتاز بالإكتظاظ السكاني للوحدة السكنية القائمة بها بينما في الحارات الشعبية نرى ان الشقة و لو بقدمها مازالت موجودة و الإكتظاظ السكني ليس بنفس الكثافة، و نرى الوحدات السكنية مبنية بصورة عير مدروسة و بصورة غير صحية اطلاقا بينما مازالت تمتاز الحارة الشعبية ببنية تحتية تختلف عن ذلك و مُنَظًمَة بعض الشيئ اكثر، و الحارة الشعبية تنتشر بصورة اكبر بالأعمال الدرامية و هي بَيِنَة بما تطرح من مشاكل خاصة بها جوهرها قد يختلف عن العشوائيات، لن استطيع التوسع اكثر بهذا الأمر لكي لا نخرج عن السياق النقدي و التحليلي لهذا المقال، و لكن أُحَيٍ المخرج بما قدم لنا بهذا المسلسل و بالفوارق التي ضبطها بهذا السياق ايضا، قد تشترك الحارة الشعبية مع العشوائيات ببعض الأمور المشتركة و لكن يبقى الفرق بينهما جوهري و يمكن فصله حتى بالعين المجردة،
مسلسل بين السرايات، من بطولة عدد لامع جدا من النجوم الذي لا يُسْتَهَان بأرشيفهم الفني، و اذكر منهم (مع حفظ الألقاب) الراحل سامي العدل و باسم سمرة و نجلاء بدر و سيمون و روجينا و سيد رجب و صبري فواز و ايتن عامر و محمد محمود و محمود مسعود، و هو من اخراج سامح عبدالعزيز، و تم انتاجه في سنة 2015 ، و هو بحقيقته عن منطقة بين السرايات، و للذي لا يعرف عن مصر كثيرا منطقة بين السرايات هي جزء من حي الدقي بمحافظة الجيزة، و تقع بين اربع شوارع رئيسية معروفة و كما توضحه مصادر الويكيبيديا هي شارع ثروت الذي به جامعة القاهرة وفي نهايته كوبرى ثروت، وشارع أحمد الزيات (المعروف بشارع المرور) لوجود مرور الجيزة به، وشارع التحرير من نهاية مركز البحوث وحتى شركة أخوان مقار، والجزء الأول من شارع السودان،
تأثير جغرافية بين السرايات على سكان الحي و الحركة التعليمية :
و لعل وجود منطقة بين السرايات بالقرب من جامعة القاهرة كان له تأثير كبير على الحركة التجارية بالحي حيث انتشرت به الى حد مُعَيًنْ المكاتب التي تبيع الملازم المنسوخة و المُهَيًئَة مسبقا للطلاب للمواد المختلفة بالجامعة، و هنا نرى معادلة جميلة تعالج وضع الطلاب الحالي بالنسبة للدراسة، فالطالب في هذه الأيام يلتجئ الى الملازم المهيئة التي لم يتعب في نسخها و تحضيرها ليجد مادة يسهل عليه تقبلها من دون تعب و جهد، بعكس ايام سالفة فكان الطالب يجلس بالمحاضرة و ينسخ بيده كل محاضرات الأستاذ للمادة ليتعب و يتعلم بجهده الشخصي، بل حتى كانوا يسهرون و يدرسون في ظروف قهرية بالأحياء التي سكنوا بها، و لكن في هذه الايام الطالب لا يريد التعب في دراسته، ففي عصر التكنولوجية و في عصر تربى به الطالب على الهواتف الذكية و التابلت و الحاسوب بنماذجه المتطورة و على امكانيات تسهل له توفر المواد منسوخة و جاهزة نرى تهافته على هذه المكاتب ليشتريها مجهزة سلفا، لتصبح المادة سهلة المنال، و نرى هنا المسلسل يعالج هذا الأمر من خلال قصص ابطاله و عراكهم في تجارتهم المكتبية ليوفروا هذه المواد للطلاب، فأصبحت تجارة و طريقة رزق لمالكي هذه المكاتب، فنرى مخلص (باسم سمرة) يمكتلك مكتبة كبيرة و تجارة ناجحة بهذا المجال بين منافسين له بالحي، فنراه طالب بجامعة القاهرة يتنقل بين المحاضرات و التخصصات المختلفة، و نرى انه مثقف يقوم بنسخ المحاضرات و تجهيزها بصورة دورية ليقوم ببيعها للطلاب، و نرى هنا اللفيف الطلابي لا يقتصر على طلاب الحي، و بل هنالك طلاب من احياء بالقرب من بين السرايات يقصدون مكتبة مخلص و المكاتب المختفلة ليشتروا هذه المواد، فنرى انعكاس هذا الواقع اقتصاديا على اهل الحي، حيث تصبح هذه رزقة عدد من سكانه لتخلق تنافس بينهم، و احد منافسين مخلص هو المعلم سالم (سيد رجب) الذي جمع ثروة كبيرة من وراء بيع الملازم للطلاب ليصبح معلم من معلمين حي بين السرايات، و نرى مع تطور احداث المسلسل اكثر من شخصية تطمح للدخول لهذه التجارة و تنجح بذلك، فهنالك زينهم (الراحل سامي العدل) الذي يحاول رغم بساطة تفكيره تحسين وضعه المعيشي و الخروج من حالة الفقر المهلكة التي يعيشها ليفتح تجارة ناجحة بهذا المجال، و هنالك صباح (سيمون) التي تعمل بمهنة الفاليه او اصطفاف العربيات في ساحة من ساحات الجامعة، فبعد رؤيتها للمردود المادي الكبير من وراء هذه المهنة نراها مع تطورات احداث العمل تدخل بمساعدة المعلم سالم هذه المهنة و تفتح مكتبة، و مع نجاحها بهذه المهنة و رغم تدني مستواها التعليمية يدفعها طموحها و السيولة المادية التي تكسبها الى فتح معهد للتقوية في الحي و توظيف دكاترة و اصحاب شهادات علية لإعطاء محاضرات لطلبة الذين يلتحقون بمعهدها…و هذه سخرية درامية (irony)رائعة يقوم الكاتب بإستخدامها ليبين مدى انحدار القيمة الاكاديمية للأستاذ الجامعي، فبالرغم من شهاداته لا يكسب المال الوفير مثل التجار الأميون الذين لا علم و لا ثقافة لديهم، فالأستاذ يلزمه ان يقتات و يعيش ايضا، و نرى هذه المعادلة تبنا دراميا بصورة رائة بين الدكتورة هالة (حسناء سيف الدين) زوجة الدكتور يونس (خالد طلعت) و بين صباح، حيث يحدث صراع بين الدكتور يونس و زوجته الدكتورة هالة بحلقة من حلقات العمل على عدم تمكنهم من توفير اجور سفر الى اوروبا، فيونس لا يرى انهم يمتلكون هذه النقود للسفر في حينها بينما نرى هالة متحمسة لهذه السَفْرَةْ، فنرى صباح تدخل مكتب هالة في يوم من الأيام لتطلب منها العمل لدى معهدها لإعطاء دروس اضافية للطلاب، فتطردها هالة من مكتبها كونها عاملة اصطفاف لا قيمة لها، و لكن بعد بضعة ايام نرى ظروف الصراع بينها و بين زوجها تدفعها لقبول عرض صباح و نراها تعطي الدروس و تقبل المال منها، فعاملة الإصطفاف صاحبة التعليم البسيط اصبحت مستثمرة و توظف الدكاترة و مثقفي الأمة في مصالحها، حالة رائعة آخرى من السخرية الدرامية نراها في هذا المسلسل بين مخلص و يونس، فنرى مخلص يقنعه و لكي تنتشر شعبيته اكثر بين لفيف من طلاب بين السرايات و لكي تبيع كتبه اكثر ان يشاركهم برحله الى البحر مع سكان الحي البسطاء، فنرى يونس و هالة يشتركون بهذه الرحلة و يخالطون الطبقات البسيطة بثقافتها و عَيْشِهَا، فنرى عدة مشاهد طريفة و ضاحكة بهذه اللحظات من العمل،
نرى هنا ايضا كيف تدفع لقمة العيش الطلاب الأذكياء لتلخيص المحاضرات و بيعها لهذه المكتبات، و لعل هذا الأمر قدمه وليد (محمد الشرنوبي) بصورة ناجحة جدا، فهو طالب ذكي و لكن احواله المعيشية المتردية تجعله يقبل المال الوفير من صباح ليلخص لها المواد لتبيعها في مكتبتها، فتتحسن احواله لينعكس هذا على لبسه و قدرته على شراء مستلزماته المعيشية، و نرى هذا الأمر يؤثر اجتماعيا عليه فيدخل في شجار مع عشيقته بالجامعة ابتسام (تارا عماد)، فإبتسام رأته يتغير من الإنسان البسيط الذي عشقته منذ اولى ايام علاقتهما الى إنسان مقتدر ماديا مما اربك عواطفها و احاسيسها نحوه، فنرى اجواءا مشحونه بينهما الى حين بعدة مشاهد درامية مؤثرة، و نرى ايضا كارثة كبيرة تتبلور هنا بوسط هذا الصرح الأكاديمي الراقي، فيصل التمادي على الحركة التعليمية الى تغشيش الطلاب في قاعات الإمتحانات، فموظفوا المكاتب يسعون لكسب ارزاق زيادة من خلال عملية التغشيش هذه، فنتعرف بهذا العمل على قمر (نسرين أمين)، و هي شقيقة صباح، و تكون فتاة سوقية السلوك تائهة بين تجميل شكلها المتواضع عند مصففة الشعر بالحي زيزي (غادة جريشه) و كسب شهادتها الجامعية بالطرق الملتوية، فتطلب معونة سعيد الخطاط (حاتم جميل) الذي يعمل بمكتبة مخلص ليقوم بتغشيشها احوبة الإمتاحانات عن طريق الهاتف النقال، و حيث تلبس اللباس الشرعي بقاعة الإمتحان لتخبئ تحت حجاب رأسها جهازها الخلوي لأتمام مرادها، و لكن تفشل محاولاتها بآخر امتحان لديها فيمسكها مراقب القاعة بجرمها و يحول جرمها الى المكاتب المسؤلة،
في حقيقة الأمر ان البعد الجغرافي لمنطقة بين السرايات شَكًلً الحياة بالكامل قلبا و قالبا للعديد من ابطال هذا العمل، فكل منهم اختار ما يناسبه من رزق و قوت بسبب قربه من جامعة القاهرة، حتى نرى هذا التأثير يطال ابسط البسطاء، فَعَلي (عمرو عابد) ابن زينهم كان يعمل بلَمْ النفايات الورقية من المكتبات و بيعها بالوزن لتجار كانوا يمرون بالحي ليكسب رزقه، و كان يعيل عائلته مما تيسر له من رزق مع دخل والدته ام علي (سلوى عثمان)، فنرى حتى ان عمال النظافة بالحي تأثروا بصورة جذرية من رزق المكتبات و بيع الملازم،
دردشة عن الخطوط الدرامية للأبطال :
انهم سكان حي واحد، و لكن لكل منهم قصته مع الزمن و الكفاح من اجل لقمة العيش، فيهم الفقير الذي يحاول العمل بنزاهة و بشرف، و فيهم الميسور الذي يعيش على هامش الحياة منغمس بالملذات الدنيوية، و فيهم الفهلوي الذي يمتلك مصلحة ناجحة و لكن يعميه الطمع لدرجة ان يأكل حقوق الآخرين، و فيهم الذي ابتسمت له الحياة كثيرا و لكن ذله فقر اهله المهلك، انهم مصريون و قد يمثلوا طبقات عدة على ارض الواقع و قصتهم هي تارة مع اختياراتهم بالحياة و تارة مع زمن مُرْ يجبرهم على ما لم يكن بالحسبان بهذا المعمل الدرامي،
نتعرف بهذا العمل على مخلص (باسم سمرة) و سمر (روجينا)، و هما زوجان مخلصان لبعض و تجمعهما علاقة حب و تفاهم قوي، مخلص انسان طيب الطبيعة الى حد معين يتعامل بالوِدْ و التفاهم مع اسرته و زوجته و بيت شقيقه، فيعامل والديه بالوِد و التفاهم و لعله نموذج للشاب ابن الحارة المكافح و الطموح و الجًدَعْ و الذي قد يسعى اي شاب صاعد ليحقق ما حققه في حياته، فعنده تجارة مكتبية ناجحة و سمعته بالحي رائعة جدا، و هو ميسور الحال فنراه يمتلك بيت مؤثث بالكامل و سيارة حديثه تصطف على باب بيته يستخدمها هو و شقيقة محروس، و هنا حدث بالعمل تباين رائع بين العمارات القديمة بالحي و بين الحياة المعاصرة و التمدن الذي قد يعيشهما سكان الحي باي لحظة، فبوسط الأحياء الفقيرة نجد اللباس المُرَتًبْ عند ميسورين الحال و الهواتف الذكية و الأثاث الأنيق بداخل الشقق القديمة، نجد السيارات الحديثة تسير عند من يمتلك قدرة شرائها في الشوراع القديمة المترهلة و العمارات التي شُيِدَتْ منذ أزمنة عتيقة…حياة معاصرة تعانق باسلوب درامي رائع قِدَمْ الحارات الشعبية و عراقتها، فمخلص حقق هذا التقاطع بإمتياز فهو شاب مهندم و مثقف و يمتلك اساليب رفاه نادرة بعض الشيئ عند سكان هذه الحارة، و قُدِمَ لنا بهذا العمل بأسلوب مثالي جميل من خلال عدة لوحات درامية جميلة كمساعدة والده بالنزول من بيته الى الجامع و الصلاة به مع والدته بمصلى النساء، مثل دعوات والدَيْه له بإستمرار خلال حلقات العمال كافة تقريبا، مثل التبرع باللحوم للفقراء لكسب رضا الرحمن عليه، مثل سَعْيُهْ لمساعدة والديه للذهاب الى الحج و تغطية نفقات سفرهم، و بالرغم من خوفه عليهم الا اننا نفهم من خلال سياق الأحداث انه قام بذلك في السابق، و تفاهمه المثالي مع زوجته لدرجة عدم تخليه عنها و السعي لحل مشاكل الإنجاب بينهم من خلال الطب الحديث عوض عن الزواج في بادئ الأمر من امرأة آخرى او طلاقه منها، قُدِمَ لنا هذا الشاب بأسلوب شاب الحارة الجًدَعْ الذي لعب معه الحظ بشكل رائع جدا،
و لكن لمخلص جانب اسود تباين بصورة رائعة مع الخير الذي به، فنراه يأكل حقوق شقيقه محروس (صبري فواز) بالمسلسل طمعا بالمادة، و لأن شقيقه بسيط الفكر و الشخصية انْعَدَمَتْ منه الرغبة و القدرة بالمطالبة بحقوقه، فنراه لا يعطيه نصيبه بالمكتبة بل يعطيه مبالغ بسيطة جدا لا تعوضه بشيئ من حقوقه، بل حينما يعطي مخلص لنفسه الحق بإمتلاك سيارة نراه يبخل على محروس بسيارة بالرغم من انه رجل متزوج من نعيمة (نجلاء بدر) و لديه اولاد، فلا يفكر بشقيقه اطلاقا ككيان منفصل عنه له حقوق، بل يسعى لتهميشه و تهميش متطلباته كليا، و لا يتوقف هذا الأمر عند هذا الحد بل نراه يسهر بنادي ليلي برفقة المعلم سالم، فهو صديق له تجمعه به جيرتهم بالحارة و الليالي الحمراء و زجاجة الخمر و الراقصات بالملهى و لحظات السُكْرْ، و مما لا شك به ان هذا تناقض بشخصية مخلص فبينما نراه يخلص بزيارة مسجد الحي مع والديه الا ان شهيته للسهر بالنادي تبين لنا رغبته بالجموح عن تقاليد الحي الشعبي الذي سكنه به، فربما القرش الذي تيسر بجيبه هو الدافع وراء زياراته للملهى الليلي، فالقرش يعلم صاحبه احيانا الطُرُقْ الحرام، و ربما يكون السبب عدم قدرة زوجته التي يحب الإنجاب له، و لكن مهما تكن الأسباب عند هذه السلبيات في حياة مخلص نرى ان ظاهره مثالي ام باطنه فيحمل مل لم يكن بالحسبان،
سمر زوجة مخلص إمرأة مستورة الحال ابنة حي شعبي تمتاز بالقلب الطيب، فهي لا تعرف عن سهرات زوجها مع المعلم سالم، بل نراها مخلصة لزوجها مخلص ربة منزل تسهر على راحته و راحة والديه، فهي تحبه حبا كبيرا و تحاول اسعاده كثيرا بالعمل، بل نراها بشخصية مثالية تخلو من اية شوائب عكس زوجها الذي يخفي عنها بعض انحرافاته الأخلاقية، فحتى رغبتها بالإنجاب تحاول تخطيها بالعلاجات الطبية لتحقيق طموحها في بناء اسرة و لإسعاد زوجها، ونراها بدور اكثر من رائع تكافح للمحافظة على زوجها و سعادة اسرتها، استبسالها بإسعاد زوجها بالمسلسل تعدا حتى حدود المعقول فبعد ان تخسر جنينها التي حاولت انجابه عن طريق التلقيح الصناعي بحادث سير ترفع آلمها الى الله و تحاول المضي قدما بزواجها رغم غصة الحزن التي تملكتها، و هنا نرى روعة هذه الشخصية حينما يطرح والد مخلص عليه فكرة الزواج مرة آخرى من إمرأة لتنجب له، فنراها رغم غيرتها و اللوعة الكاوية بقلبها تختار زوجة على ذوقها لمخلص، و تختار له قمر شقيقة صباح، فيقبل زوجها برغبة منه للمحافظة على مشاعر زوجته قدر المستطاع، و تتحمل سمر الأمَرًيَنْ من قمر التي تحاول استفزازها كثيرا ناكرة جميلها عليها بإقناع زوجها بأنها الزوجة الثانية المناسبة له، فتحاول استفزازها بشتى الطرق الا ان سمر الإمرأة المستورة تتمالك اعصابها بأكثر من موقف لأجل تجنب المشاكل، سمر إمرأة الحارة الشعبية الطيبة الجدعة التي تُضَحِى بالغالي و النفيس للمحافظة على زواجها و حمويها فتتباين شخصيتها بصورة روائعة مع قمر التي تمتاز بالسوقية بالتعامل معها،
يحدث هنا تباين رائع بين شخصية محروس و مخلص، فمحروس كما اسلفت انسان ضعيف الشخصية حتى امام إلحاح زوجته نعيمة بالمطالبة بحقوقه من شقيقه، كما يتعرض للتنمر من مخلص اثناء عمله بالمكتبه، فنراه يصرخ به كثيرا بسبب عدم قدرته ادارة المكتبة حتى اثناء غيابه و عدم قدرته التعامل مع الموظفين، فنرى مخلص بصورة متكررة يشكو من فهمه الغليظ و شخصيته المهزوزه بالعمل، و نرى محروس يتألم كثيرا من هذه المعاملة حيث يسعى كثيرا لينال رضى شقيقه و اثبات شخصيته بالعمل و لكن عبثاً، فيستمر مخلص بتوبيخه بصورة متكررة على شخصيته الضعيفة، و نرى نعيمة توبخه بإستمرار في البيت على ضعف شخصيته امام مخلص و على حالهم المادي الضعيف بسبب خنوعه، فنعيمة ربة منزل مستورة الحال و لكن كثرة خنوع زوجها لمخلص تجعلها تتمرد على واقعها و تضغط عليه كثيرا، فترى الرفاه الذي يعيشه شقيق زوجها و المادة التي يتمتع بها مقارنة بزوجها الذي يكتفي بمصروف الجيب، نرى نعيمة تخرج عن طوعها بعدة مرات امام زوجها لتتحول عيشتهم بالكثير من الأحيان لجحيم حقيقي، بل نرى محروس وسط شجارهم في ذات مرة يضربها بسبب قهره من ضعفه و ضغوط الحياة عليه، نعيمة انسانة مثقفة تسعى لنيل حتى شهادة جامعية عليا بحياتها لتُحَسِنْ من دخلها و ذاتها و لكن عيشتها وسط الفقر المهلك و برفاه اقل من بيت مخلص يدفعها لتبرز مخالبها كإمرأة و تدفع بزوجها ليكون رجلا امام حقوقه، فهي بصورة اساسية لا تسعى لاذية احد و لكن كثرة القهر من طبيعة علاقة زوجها بمخلص يدخلها بدوامة ألم كبيرة،
تتباين شخصيات مخلص و محروس بصورة رائعة بأكثر من موقف، فنرى النقيضين بين الاشقاء بحرفية عالية جدا و بأسلوب درامي رائع، بين القوى و المستقوى عليه، بين الفهلوي و الخبيث من جهة و بين البسيط الساذج الذي حتى يتلعثم اثناء كلامه بعدد كبير من الحلقات بسبب شخصيته المهزوزة و الضعيفة، فَتَلَعْثُمْ محروس بالكلام ليس الا دلالة ظاهرية على صفة الخنوع التي تلازمه لعدد كبير من الحلقات، الى ان يقرر محروس التَغَيُرْ بصورة جذرية، فكثرة الظلم الذي يراه من شقيقه و توبيخ زوجته المتكرر و صفعها المعنوي له يجعل الرجل الذي في داخله ينهض من جديد، و نرى فجأة التَغَيُرْ بحاله، و نراه بحفل زفاف مخلص و قمر يختلس المال من المبلغ الذي إئتمنه عليه شقيقه ليغطي مصاريف الفرح، و كأنه يشعر ان هذه الأموال التي يختلسها هي جزء من حقوقه الذي نكرها شقيقه عليه، فيقرر حتى ضرب الملازم التي يبيعها شقيقه بالسوق فيتعاون مع سعيد بالمبلغ الذي سرقه من شقيقه و نراه يشتري آلة تصوير يستطيع من خلالها نسخ و بيع الملازم المسروقة للطلاب و بذلك ضرب عصفروين بحجر واحد، فانتقم من شقيقه على ما فعله معه و اصبح يكسب المال الوفير، و مع مرور حلقات العمل نرى احوال محروس تتغير كثيرا فيتخلص من تلعثم الكلام ليتكلم بصورة صحيحة، و هذه دلالة درامية و تمثيلية في الشخصية تترافق مع تغير نوعي بنفس الشخصية خلال الأحداث الدرامية للعمل، و غالبا ما تدل على تغير جذري بعمق الشخصية في العمل، تأخذ نعيمة موقف المؤيد مما يفعله محروس فأخيرا شُفِيَ غليلها مما يفعله مخلص و اصبحت الأموال تجري بين يديها كما كانت تحلم،
المعلم سالم و صهره ابراهيم (علاء حسني) هما فاكهتا العمل الدرامي بلا منازع، هما جرعات محكومة من الفكاهة تمت توزيعها بعناية فائقة على حلقات العمل الدرامي لتضفي على المسلسل الأجواء اللطيفة، فالمسلسل هو عمل اجتماعي بلا منازع و يحمل التراجيدية ببعض من مشاهده، هنالك لحظات الفرح التي ترسم البهجة على شفاه ابطاله و هنالك لحظات الحزن التي تكوي فؤادهم بالدموع و الآهات، انها الحياة و انعكاساتها في هذا المسلسل، فلا ننسى ان الحياة هي دراما و الدراما هي الحياة، هما توأم و الفرق الوحيد بينهما ان لحياة حقيقة، اما الدراما فهي مرآة للحياة، و لعل المحطات المختلفة التي يمر بها ابطال العمل و طبيعة بيئة العمل امتزجت بصورة ناجحة مع الثنائي الذي شكله سيد رجب و علاء حسني، فالمعلم سالم هو رجل اعمال ناجح بالحي الذي يسكن به، و يتمحور عمله حول بيع الملازم الأكاديمية لطلاب الجامعات، و قد جمع ثروة لا بأس بها من خلال عمله، فإنه ميسور الحال مقارنة بغيره من سكان الحي، بل نراه يضع عينه على المعلمة صباح في بداية العمل و يعحب بها، و نراه يزورها في منزلها من حين لآخر و يحاول مغازلتها، الا ان الكذبة التي ترسمها على اهل الحي بأن زوجها مازال حي في سجن من سجون القاهرة تُكْشَفْ سريعا، و لعل وعيها بأن المعلم سالم معجب بها و انكشاف سر كذبتها امامه تجعلها تعلن فجأة وفاته، و تقيم له عزاء بالحي لتنهي امال سالم بالإرتباط بها، المعلم سالم هو رجل طيب القلب صاحب نخوة و بالرغم من سهراته الحمراء بالنوادي الليلة الا اننا نرى له شهامة مع صباح، فيعرض عليها مبلغ من المال لتكمل تكاليف فتح مكتبتها بالحي لتبيع الملازم بدل من وقفتها بساحة الإصطفاف و تعبها بهذه الوظيفه،
نتعرف خلال سهرات سالم بالنادي على ألمه الحقيقي من وراء صرف الأموال الطائلة على الراقصات، فغربة اولاده عنه و عدم سؤالهم عنه طيلة سنين طويلة يجعله منكسر القلب و مندفع وراء متاع ربما يبحث من خلاله على سعادة مفقودة في حياته، و ربما يحاول تغطية بعض من آلآمه باللهو بالنوادي مع النساء و زجاجات الخمرة ليسكر و ينسى ما صنعه اولاده به، انها لحظات حرجة بحياة رجل لم يُقَصِرْ مع فلذات كبده ليلاقي منهم الإهمال الغير مبرر له بسنين تقدمه بالسن، و مما لا شك به ان احماله تزداد مع صهره العاطل عن العمل و الذي يصرف عليه مع ابنته و اولادها، فإبراهيم هو متسكع لا يعمل شيئ بالحياة ليصرف على اسرته، و هو خبيث يسعى للعيش السهل من حماه الثري، فتارة نراه يسرق من غرفة سالم بعض المعدات المكتبية و يبيعها لبائعي الخرده الذين ينتشرون بالحي، و حينما يكتشف سالم هذه السرقة و يوبخه عليها تارة نراه يضع في غرفته الفئران الذي يشتريها من عند سليمان (محمود حافظ) لتأكل الورق المُخَزًنْ بها، و لا تنتهي الخلافات بينهم عند هذا الحد، بل يتعاركا في منزلهم بحلقة من الحلقات ليفتح سالم رأس صهره بحادث مفاجئ، فينتهي بإبراهيم المطاف بالمستشفى، و بعد تشخيض الأطباء بأنه يحتاج لمدة للتعافي مع العلاجات الطبيعية نرى سالم يعاني الأمَرًيْن و هو يخدم صهره، فنراه يحمله الى شقته عبر سلم العمارة بأكثر من مشهد مضحك مبكي، بل نراه ينجح بالكذب عليه بأنه يحتاج الى مدى للتعافي لكي يخدمه حماه بإستمرار، و نرى قمة سخرية الأقدار حينما يقنع ابراهيم سالم بأخذه معه الى النادي حيث يسهر، و نراه يندمج معه و مع مخلص بأجواء الليالي الحمراء و يستمتع بالراقصات و ما يقدمن من متاع برقصهن، و نرى سخرية الأقدار هنا في خضم هذه المشاهد الهزلية، ففجأة و ابراهيم في حالة سكر يقف من على الكرسي المتحرك ليتفاجئ سالم و مخلص بأنه سليم و قد تعافى باكرا من وضعه المرضي،
و نتوقف هنا عند عادل حديدة (محمد شاهين) و المعلم حافظ السني (محمد محمود) و ابنته شاديه (ايتن عامر)، و قصة ابتدأت بفرحة إنتصار عادل حديدة بمعركة شرسة مع صِيًعْ من حي آخر قاموا بالتحرش ببنات بين السرايات، و بالرغم من هجومهم على الحي بالأسلحة البيضاء الخطرة الا ان عادل بِدِرْع قام بصناعته بمحل الحدادة الذي يمتلكه مع اشقائه قام بتحصين نفسه و ذَبَحَ الشبان الصِيًعْ، فإرتفع نجمه بالحي بأنه رجل شديد البأس ليلفت انتباه شادية، فنراها تحاول انتهاز اية فرصة للحديث معه، بل و نراها تنظر اليه بنظرات ملتهبة ليتنبه لها أخيرا بأنها تحبه، و بعد ان طلب منه المعلم سني أخذ قياسات لازمة لشغل حديد لمكتبته نرى المسافات بينهم تقترب اكثر فأكثر، و يدعم المعلم السني عادل بالمادة و المواقف و لينجح بجعله يتقرب من ابنته، و نرى في حقيقة الأمر احوال عادل حديدة تتبدل من فقيرا منكسرا بالحي الى صهر عائلة ثرية تشتريه بكل ما تمتلك من قدرة ليصبح خطيب ابنتها، و نستمتع هنا بقصة رومنسية كلاسيكية عنترية الجوهر، و كأنها تحاكي الى حد مُعَيًنْ فحولة عنتر الذي يحب عبلة المتيمة برجولته و فحولته بالقتال، فعادل هو رجل الحي مفتول العضلات شديد البأس الذي يشتريه سهره ليكون عروس شادية، و لكن نرى هذه العلاقة تتقهقر عند احتياجات عائلة عادل الفقيرة، فبأكثر من مناسبة يعطي عادل النقود الذي ينالها من حماه لعائلته مما يزعج حماه كثيرا، و نرى بمشهد يفقد به السني رشده يتشاجر مع عادل بسبب اهله و يطرده خارج حياتهم، تتوالى الأحداث المؤسفة بين هذه الشخصيات ليتحول عادل الى سكير يتألم على فقدانه لشعيقته، و بلحظة سكر حينما يتهجم على محل السني يخرج عليه السني و يتواجها بموقف ينتهي بمشهد تراجيدي يدمي القلوب، فيقتل عادل و هو بحالة سكر السني، لتنتهي قصة الحب الجميلة هذه عند عتبتة العوز المادي لأهل عادل و بنهاية تراجيدية مؤثرة و قوية،
و لا ننسى قصة ابتسام (تارا عماد) و وليد (محمد الشرنوبي) و والدها (عبدالرحيم حسن)، فهذه القصة الكلاسيكية تعد من ابرز الأحداث في هذا العمل، فوليد هو شاب من الأرياف بسيط القلب تربى على نخوة و شهامة اهل الريف و الصعيد الأكارم في مصر، و هذا واضح جدا من خلال انبهاره بجامعة القاهرة و حرمها العريق و الكبير، فحينما اوقف احدهم ليصوره على مدخلها سرق منه هاتفه الخلوي، فظن ان الكل بالقاهرة طيب القلب كما هو السائد بالريف في بلدهم، و لكنه سرعان ما اكتشف ان هذا خطئ بالتقدير منه و تعرف على منوال حياة اهل القاهرة و بأن الحذر مطلوب منه، و يتعرف وليد على ابتسام، و هي شابة جميلة من طالبات الجامعة تلتقي به بالصدفة اثناء تغلبه بالإندماج باجواء الجامعة، و هي ابنة ثري من اصول صعيدية، و تنشئ بينهم علاقة حب مع تطور حلقات العمل بريئة و نظيفة، فتعكس الحب الكلاسيكي البريئ بقلب عاصفة العوز التي تعصف بالقاهرة، فهاؤلاء هم جيل طموح يحاولون بناء مستقبل لهم في خضم فقر و عوز و ضيقة، و هي علاقة شبه تقديلية تعودنا ان نراها في معظم الإعمال الدرامية المصرية، شابة ثرية يوفر لها والدها الثري كل رفاهيات الحياة حينما تكون متيمة بشاب ريفي فقير او بسيط…فتكاد تكون فرص اكتمال هذه العلاقة بحسب المنطق المعتاد صفر، و لكن نرى هنا جمال المنطق الدرامي الهادف فلا نرى والدها يتسرع بإغلاق الباب امام وليد، بل حينما نراه يطلب يدها يمتص حماس حبهما بالمنطق و التعقل و يشترط عليه النجاح بمشروع يسعى لتحقيقه بالريف حيث يسكن اهله لينال يد ابتسام…جمال للمثالية و لا اروع ينغمس بمجتمع على ابواب ثورة 25 يناير بالعمل،
النهايات لهذه القصص تتنوع وسط فوران ثورة 25 يناير المباركة، فنرى الأبطال و اهالي بين السرايات يتكتلون مع بعض ليتناوبوا على حراسة الحي بإنعدام الأمن و الشرطة، و من بين ابرز الأحداث الختامية نرى مخلص يعود لزوجته بعد ان يطلق قمر، و بعد ان اكتشف انها تأخذ موانع الحمل كي لا تحمل منه، و نرى ايضا نهاية تراجيدية لمحروس و مخلص مع توافد اول الثوار الى ميدان التحرير بالقاهرة، فيكتشف مخلص خيانة سعيد و محروس له من خلال بيعهما لملازمه المكتبية، فديخل مخلص فجأة على الغرفة التي يصوران بها الملازم و تنتابه موجة غضب شديدة، يضرب مخلص سعيد ضربا مبرحا و يتركه غارقا بدمائه مع محروس شقيقه، و لكن خبث محروس يدفعه ليُكَذِبْ على شقيقه فيقول له ان سعيد توفي نتيجة الضرب الذي تلقاه، فيدخل مخلص بنوبة ندم شديدة، و لكن سرعان مع تنجلي الحقائق و يبوح محروس لمخلص بالحقيقة، و يعده بتسليم نفسه للجيش بما انه هو من يمسك بأمن القاهرة، و نرى هنا هروب عادل حديدة من السجون و نجاحه بالوصول الي بين السرايات و وزيارة اهله، و نراه ينجح بماقبلة شادية ليتواجه معها بخصوص قضية مقتل والدها، الا ان المواجهة تنتهي بمحاولة شاديه قتله، و حينما لا تكون هذه المحاولة ناجحة يهرب من منزلها، و لكن سرعان ما نراه يسلم نفسه للجيش، و نرى ابراهيم ينخرط بالتكتلات و الإئتلافات التي نشأت خلال ثورة يناير، و نراه يتغير الى الأحسن و ينجح اخيرا بنيل ثقه حماه، و نرى فتحي ابن المعلم زينهم يتعرض لأصابة بعينيه بسبب احداث الميدان الا اننا نرى له بصيص امل بأن علاجاته مضمونة على نفقة الدولة، نرى صباح تسترد نقودها بسبب خيانة سلميان لها بشركتهم و تستمر بحياتها الطبيعية مع شقيقتها قمر، فقمر غَيًرَتْ من نفسها و اصبحت تجتهد بالجامعة بغير عادتها القديمة، و نرى المعلم سالم يقنع شادية بضرورة اعادة فتح مكتبة والدها لتستمر الحياة و ليرتاح والده بتربته بدل من حالة الحزن و البؤس التي تسيطر عليها، نرى حالة من الفرح و السعادة تجتاح هذه الحي مع تقدم احداث الميدان لتستفيق بهم امال كثيرة حول بلادهم و مستقبلها السياسي و المعيشي، فالثورة تعني تجدد الحياة السياسية و امال بتحسن الأحوال الأقتصادية مما يضفي على حَيٍهِمْ روح الفرح و البهجة العارمة،
النقد الذي قد يحيط بهذا العمل بسيط و قد ينصب ببعض الضعف في تصوير مشاهده اثناء الحلقات التي تداخلت احداثها بثورة 25 من يناير، فاللوحات الدرامية التي نَسًقَها المخرج للبهجة في الحي كانت تعاني من ضعف في تركيبتها، فكانوا اهالي الحي يلوحون في بعض الأحيان بِعَلَمْ مصر من دون ان يسند اليهم دواعي درامية متينة، يعني “حركة و اي كلام”، لم نرى درجة اتقان بهذه اللوحات و خصوصا في اللوحات التي رسمها المخرج في آخر حلقة في جامعة القاهرة، كانت سهلة البنية و خاتمة سهلة التنبئ بها و لم تمتاز بالقوة الدرامية كسائر حلقاته، كُنْتُ اود ان ارى في هذا المسلسل بعد هذه العملقة الدرامية خاتمة اقوى من التي رأيت، فالثورة كانت قوية و مؤثرة جدا و لم نرى بالحلقات التي تداخلت مع احداث الثورة مشاهد درامية مؤثرة سوى فيديوهات من الارشيف الإعلامي تضفي على الحلقات مفاهيم انها تحدث اثناء الثورة، و بعض مشاهد درامية تعبيرية في جامعة القاهرة، غابت عن هذا العمل الخاتمة الدرامية القوية، و لكن بالرغم من كل هذا استمتعت بهذا العمل جدا و كنت ارغب ان ارى جزءا آخر له،