خيارات الأردن في درعا
ما زال الأردن يتحدث عن اتفاق خفض التصعيد في درعا، مع قناعتي أن الاتفاق بات بحكم المنتهي، فما نراه يقول إننا نقف أمام مرحلة جديدة لا بد من التعاطي معها بمرونة وسرعة. هناك قصف عنيف على درعا، أي عملية عسكرية يقوم بها الجيش السوري بمساندة الطائرات الروسية، وبالمقابل أعلنت واشنطن رفع الغطاء عن الفصائل المسلحة في الجنوب وتركتها لخيارها الذاتي.
شخصيا، أرى أن ثمة تفاهمات بين روسيا وأميركا، تدير المشهد الحالي في جنوب سوريا، ولعل ابرز عناوين هذه التفاهمات هي الحفاظ على مصالح إسرائيل، والسماح بعودة الجيش السوري الى الحدود.
لا اشك أن الأردن جزء من التفاهمات، لكنه أيضا جزء من التداعيات، فقد قررت عمان رفع الغطاء عن فصائل المعارضة “المخدات”، وتركها لمصيرها كي تقرر، إما المعركة أو الرحيل.
سيناريو المعركة الشاملة وارد بقوة، قد تصر المعارضة على الصمود والحرب، ولا تقبل بالتسويات والرحيل، عندها ستكون التداعيات كبيرة، الأمني منها والإنساني، لا سيما أن سياسة الأرض المحروقة ما زالت تعشعش في ذهن الأسد والروس.
الأردن يراهن على تسويات تنصاع لها المعارضة بعد رفع الغطاء عنها، وعمان لا تمانع من عودة الجيش السوري الى الحدود، وتعتقد أن التفاهمات الروسية الأميركية أبعدت الإيرانيين عن الجنوب السوري بشكل معقول.
“لطن حسابات السرايا قد لا تلقى ذات مصير حسابات القرايا”، فهناك احتمال لمعركة كبيرة، يتدفق على أثرها أكثر من نصف مليون لاجئ للحدود، بالتالي لا بد من الاستعداد واخذ الحيطة والحذر.
لاجئو اليوم ليسوا كلاجئي الأمس، في السابق، كان الفار المدني يأتي ويبقى المقاتل في المعركة، أما اليوم فقد يأتينا المقاتل الهارب من الحرب بثوب اللجوء وقد يكون من بين هؤلاء الداعشي أو النصرة.
لا بد من خطة محكمة، عنوانها السعي الجاد على إبقاء اللاجئين في الأراضي السورية، على شاكلة مخيم الركبان، وإقناع المجتمع الدولي بذلك، مع الحفاظ على صورتنا الإنسانية الجيدة.
خياراتنا باتت محدودة، لم نعد نملك ترف التحرك البطيء، لذلك، اجزم، أننا أمام مرحلة ردات الفعل، أكثر منها المبادرة، بالتالي يجب أن تكون الخطة واضحة ومنطقية.