المهندس: عبد الكريم أبو زنيمة
دخل رجل على علي بن ابي طالب كرّم الله وجهه وهو مقيم في الكوفة – العراق ، وكان سيدنا علي يرتدي قطيفة بالية لا تكاد تستر الكثير من جسده فسأله الرجل : ألست أنت أمير المؤمنين ! فأجابه : نعم..أنا امير المؤمنين ، فأردف الرجل : أليس هناك بيت مال للمسلمين ولكم فيه نصيب ! فقال علي : نعم لدينا بيت للمال ولنا فيه نصيب ! فقال الرجل : ولماذا تتدثر بهذه الخرقة البالية وأنت أمير المسلمين ! فأجابه علي : أيها الرجل – لقد اتيتكم من المدينة المنورة مرتدياً هذه القطيفة وإن رايتموني أخرج من دياركم بغيرها فأنا خائن !!!
هدياً بهذا التوصيف الدقيق لتحمل المسؤولية وحفظ الامانة كم خائن من الاغراب دخلوا البلاد وهم لا يكادون يجدون قوت يومهم وأصبحوا اليوم من اصحاب الملايين والمليارات ! كم عدد الخونة الذين أقسموا على كتاب الله بأنهم سيحافظون على الدستور وسيؤدون واجباتهم بأمانة واخلاص لكنهم سطوا على ما طالتهم اياديهم من أموال الشعب ! كم عدد الخونة الذين عاهدوا الشعب بأنهم سيحاربون الفساد ويحقون الحق اذا ما وصلوا القبة المشرفة – هؤلاء الذين كانوا لا يملكون شيئاً أصبحوا اليوم من أصحاب العقارات والثروات والشركات ، كم عدد الخونة الذين تاجروا بالشعارات وخاضوا معارك المظاهرات والندوات والاحزاب وعندما جلسوا على كراسي المناصب انقلبوا على الشعب وحقوقه !
لا يقتصر معنى الخيانة ومفهومهما على تخابر الشخص مع العدو ، كل من نكث وينكث بوعوده ومواثيقه وهو قادر على الوفاء بها فهو خائن ، كل من تحمّل مسؤولية الامانة واستغلها لمصالحه وأهدافه فهو خائن ، كل من فرط بكرامة وعزة الوطن فهو خائن ، كل من طبّل وهلل للمسؤولين الفاسدين الناهبين للثروات في وجوههم ونعتهم بأقذر الاوصاف في ظهورهم فهو جبان خائن ، كل من اعتلى المنابر الدينية وزيّن للباطل فهو خائن ، كل من سهّل ويسهّل للعدو ليغزو الوطن من اوسع ابوابه فهو خائن ، كل من ضلل الشعب بأوهام وأكاذيب وخرافات فهو خائن.. ما أكثر الخيانات والخونة في الوطن !!!