خواطر رمضانية

#خواطر_رمضانية

د. #هاشم_غرايبه

في الوقت الذي تعاني فيه أمتنا من القهر من تكالب الأعداء عليها، سواء المستعمرون الطامعون، أم المنافقون من الداخل، في هذا الوقت العصيب يصدمنا منظر شخص يرفع علم الكيان اللقيط في إحدى ساحات مدينة السويداء الأبية التي عرفناها منطلق الثورة السورية على المستعمر الفرنسي.
أإلى هذا الحد بلغ التنكر للوطن والانحياز للعدو؟!.
لا يمكن ان تجري دماء العروبة في عروق أمثال هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم أقليات، واختاروا هذا الوقت بالذات للمطالبة بحقوقهم المزعومة.
موضوع الأقليات في أمتنا شائك، وكثيرا ما يجري تجاوز الحديث فيه بهدف هو لم الشمل وجمع صف الأمة، وقطع الطريق على المتصيدين في الماء العكر من أعداء الأمة، الذين لا يقوون على هزيمتها عندما تكون متحدة، فيلجؤون الى محاولة اثارة النعرات وتسعير الحزازات لشق صفوفها وشرذمتها.
لو تساءلنا: لماذا لا يطرح موضوع التباكي على حقوق الأقليات إلا في أمتنا!؟. فهل باقي الأمم لا أقليات فيها، فهي نقية العرق والدين واللون، أم أن الأمم الأخرى تراعي حقوق أقلياتها وتحترم خصوصياتهم فهم قانعون بها؟.
في حقيقة الأمر ليس هنالك من أمة أو دولة أو حتى مدينة في العالم، جميع سكانها من عرق واحد أو قومية واحدة أو دين واحد أو حتى لهم تقاليد واحدة ويتكلمون لغة واحدة، فلماذا لا يحدث عندهم خلافات ولا مطالبات، ولا تطرح أصلا قضية الأغلبية والأقلية؟.
في هذا التساؤل يكمن جوهر المشكلة.
بمعنى أنه لا تطرح مسألة أغلبية وأقلية إلا في ديار المسلمين، مع أنه لم تسجل عبر التاريخ الطويل للأمة طوال الخمسة عشر قرنا الماضية أية حالة من استقواء على من فضلوا الاحتفاظ بخصوصيتهم الدينية او القومية ولم يقبلوا الانضواء في عقيدة الأمة أو الانتماء الى عروبتها، وبقوا يعيشون في كنفها بكامل حقوق المواطنة، ويتعامل معهم جيرانهم (الأغلبية) بود وحسن جيرة، ولم يسفه أحد من مجاوريهم يوما معتقدهم أو يسخر من خصوصيتهم الثقافية.
ها ليس ادعاء فارغا، بل هو واقع ملموس وممارس، ومن ينكره فليأت بدليل واحد.
طالما أن هذه هي الطبيعة الغالبة للعلاقة بين الأغلبية والأقليات، لماذا إذاً تقفز قضية الحفاظ على حقوق الأقليات الى رأس الأولويات عند الحديث عن النظام السياسي أو الدستوري!؟.
الإجابة المنطقية الوحيدة هي أنه ليس هنالك من قضية أصلا، بل هي مسمار جحا الذي يجد فيه العرب الطامع أفضل وسيلة للتدخل بالحجة القديمة حماية حقوق الأقليات.
ومشكلة الأقليات لدينا ليس في العامة منهم بل هي لدى زعاماتهم الطامحين لمكاسب سياسية أو مادية.
والدولة لدينا ترضخ لابتزاز الغرب، طمعا برضاه، فتخصص لهم (كوتات) من الامتيازت والمناصب والمكاسب، هي أكثر بكثير مما يستحقونه لو حسبت بالنسبة والتناسب.
منذ الساعة الأولى لانتصار الثورة السورية على النظام الأسدي البائد، كان السؤال الموجه للقادة: ما هو موقفكم من الأقليات، وهذا السؤال الخبيث يهدف لتحريض هؤلاء وكأن حقوقهم كانت مصانة في النظام القمعي ، والإسلاميون سيضطهدونهم!.
بالطبع فتح ذلك شهية الطامحين للزعامة، فألبوا رعاع منطقة الساحل (الطائفيين العلويين)، والأقلية الدرزية في جبل العرب، لابتزاز الإدارة الجديدة بمنحهم مكاسب لن يستحقوها بالمنافسة الطبيعية للجميع.
أنظار الأمة الآن معلقة بالقيادة السورية لاجتياز هذا المطب بحكمة وشجاعة، فهنا الموضع الذي يكون فيه الحزم مع بعد النظر مطلوبا.
لقد أبلغنا الله تعالى أن معادي منهج الله لن يرضوا عنا إطلاقا مهما قدمنا لهم من تنازلات، إلا أن نترك ديننا ونتبعهم.
ولنتعلم من تجربة “مرسي” الموؤدة، فلكي يرضي الغرب وعملائهم المنافقين، عرض على الأقباط منصب نائب رئيس الجمهورية، وهو منصب يمنح لأول مرة لقبطي، فنسبتهم السكانية لا تتجاوز 10% ، ورغم ذلك لم يقبلوا لأنهم كانوا مندمجين في مؤامرة الانقلاب، وكان خطؤه الثاني أنه انساق وراء وهم إعطاء الرعاع ومحرضيهم المتآمرين مع الأعداء حرية التعبير والتظاهر، فذلك لا يجوز قبل استتباب الأمن واستقرار النظام.
على القيادة المضي بحزم في نامجها الذي يرضي الله، وأن لا تغفل عن الأفاعي المستترة في الجحور من أيتام النظام البائد ومعادي الإسلام، ولا يجرمنها شنآن قوم على ألا تعدل، بل تعدل وتساوي بين المواطنين، فهو الوسيلة الأمثل للنجاح.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى