خمول الراي العام الأردني…ماذا يعني ؟
ا.د حسين محادين
1 – يُمثل الراي العام ببساطة كل من ؛ مدى
انشغال الوجدان الشعبي في التعبير المخفي والعلني لنسبة كبيرة من المواطنين عن اهتمامهم اللافت في القضايا والمطالب العامة وهي كأهتمامات نوعان:-
أ- المقلقة منها لهم ؛ القضايا ذات الاولوية الكبيرة والحساسة راهنا
مثل؛ راهن ومستقبل الاصلاحات السياسية والاقتصادية؛ ارتفاع نسبة البِطالة بين الشباب من الجنسين؛ استئثار واحتكار شريحة قليلة من الافراد والمجموعات بمكتسبات وسلطات كبيرة جدا ؛ طبيعة واتجاه التعامل الرسمي مع واقع الفجوات التنموية بين عمان العاصمة والمحافظات الاخرى؛ الارتفاع المتنام لأسعار السلع والخدمات؛ درجة الرضى عن اداء الحكومة في ظل هذه المعطيات المحبطة للعقل الجمعي اردنيا؛ إضافة الى طبيعة ومبررات الحروب والتوترات في الاقليم المحيط من حولنا ؛ وانعكاساتها على الاردن بشتى الصور والتحديات واقلها الحصارات التي يعيشها مجتمعنا .
ب- الامور التي تُفرح الراي العام؛وحقيقة لا استطيع علميا ؛إلا ان اركز هنا على بنية قيام إضراب المعلمين غير الحكومي؛ والكيفية التي انتهى بها هذا الاضراب رغم انه تمرين ديمقراطي سلمي بمنسوب عال لكنه كان ضاغطا على حواسنا ويومياتنا لتفرده في؛ طول مدته، ودرجة تنظيمه وتماسك افراده ،قياداته من معلمين ومعلمات في مختلف المحافظات؛ وما تم التوصل اليه من حلول توافقية بين نقابة المعلمين والحكومة قبل عدة اسابيع.
2- منذ ذلك التاريخ اي انتهاءاضراب المعلمين يمكن الانتباه؛ بأن الشارع الاردني لم ينفعل بشيء عام؛ لابل كسٌل الراي العام الاردني العلني على صعيد الشأن الداخلي؛ لعوامل ما وبصورة لافتة للمحلل المنصف،إذ لم يجد ما يستفزه للمتابعة كرأي عام؛ او حتى ما يجد فيه مادة للحوار او المماحكة مع اي حدث عام؛ او حتى اي موضوع قرار رسمي للذِكر الصاخب في وسائل الاعلام ودوات التواصل الاجتماعي عموما: سوى شذرات باهتة عن احتمال تعديل وزاري على حكومة د. الرزاز وقد خبى هذا الحديث بسرعة اسهمت في زيادة منسوب الذبول لديه كرأي عام عرف عنه رهافة حسه و دقة حدسه ومواقفه في القضايا العامة داخليا وفي الخارج وهذا مبعث للتساؤل لماذا الواقع عكس هذه المعرفة؟.
3- ان هذا الواقع الموضوعي العام الخامل؛ يوحي بما آت من الاحتمالات التفسيرية علميا استنادا لاطروحات علم اجتماع السياسية:-
1- ان الدولة الاردنية بأذرعها المختلفة؛ ربما اصبحت قنوعة بالراهن الهادىء كما هو؛ وبالتالي اصبحت كما يشير الواقع الراهن؛ أميل الى الصمت والتهدئات المختلفة مع صمت الشارع الاردني المرهق بمستوى التعليم فيه؛ وفي تزامنية متابعاته وعبر وسائل التكنولوجيا المتوافرة للافقين العربي والعالمي؛ ترافقا مع ضغوط الحياة المتنامية عليه؛ بدليل عدم اطلاقها كدولة اية مبادرات عامة منذ الانتهاء من لاصلاحات الدستورية التي جاءت بعد اشتعال الربيع العربي(2011) الذي مازال مشتعلا في العديد من الدول العربية .
اما اردنيا فأجتهد محللا هنا؛ بأن واقع ومصاحبات ونتائج”اضراب المعلمين الاردنيين قد جاء ايضا كأمتداد وجداني ومطلبي لأطروحات الربيع بشكل ما في المجتمع الاردني”.
2- منذ مدة لم تُطلق الدولة آية مبادرات تحريكية جماهيرية للاري العام الاردني خصوصا وفي ظل ضعف اداء مجلس النواب والحكومات الاخيرة والاحزاب تحديدا ؛ كي تُشغل وتشارك الراي العام فيها بصورة فكرية سياسية واقتصادية وشبابية وكي تسعة الى إعادة التمتن الجمعي؛ او حتى العطس بسرعة في جسد المجتمع ومؤسساته المتثاقلة كضرورة رياضية وسياسية مطلوبة وملحة؛ علها تُعيد كدولة توجيه هذا الراي العام للمشاركة السلمية في القضايا المطلبية والتفاؤلية المطلوبة ؛ وبعيدا عن احتمالية اية مفاجات شعبوية غير متوقعة في ظل استمرار وتنام المحبطات القائمة ؛ ولعلها تعيد توجيه الوجدان العام نحو اهداف او تطلعات جديدة؛ بحيث تُعطي لهذا الخمول فرصا محسوبة لإعادة احماء الحس العام للمواطنيين ونحو قضايانا الوطنينية كاساس؛ وبالضد من اهتماماته الراكدة حاليا -وهذا الخمول ليس من معالم الصحة الفكرية والسياسية والاعلامية والامنية وهو بحاجة لتحليل علمي دقيق والانتباه لراهنه لمآلاته -.
3- اقول؛ هذا التشخيص يؤكد على ضرورة المسارعة من قبل الدولة لإعادة الوهج لمشاركة المواطنيين في الشأن العام و في مجمل التحديات التي يمر بها الاردن والاردني الصابرين معا في ظل غموض معرفي لما هو قادم.
اخيرا.. بأجتهادي اقول..على الدولة بسلطاتها الثلاث والاحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والاعلام والاندية وكذلك السياسين المستقلين؛ والقادة المحلين والاسر والمساجد والكنائس والدواوين العائلية اطلاق الحوارات ؛الوطنية الرامية للخروج الآمن من هذا الركود الغامض الذي يُعبر ضمنا عن كمون الواقع السياسي والاقتصادي على شيء ما؛ أذن لننتخي جميعا لمعالجته بالتي هي أسلم ..وبماذا نحن مبادرون بهذا الخصوص .. تحليل وتساؤلات مفتوحة على التفكر والحوار بالتي هي اجدى؟ حمى الله اردننا الحبيب.
*عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.
*عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية”.