.خبز وسياسة

[review]لن تجد – في العالم – شعباً مغرما في السياسة كشعبنا،نفيق باكراً على موجز الأنباء ،نغسل وجوهنا بآخر التطوّرات ،نفطر على "الجزيرة هذا الصباح" نرتدي لباس المحللين السياسيين و"نستلم بعضنا"..أول أمس، جلست في صالون حلاقة، تناول الرجل "دلة القهوة" وضعها على الغاز، ثم اشعل سيجارته أخذ منها "مجّة"واحدة ثم دحلها فوق درج الأمشاط، حرك فكي المقص بسرعة كبيرة وبدأ برشّ الماء وتمشيط شعري ..كنت اتوقع أن يفتح الرجل معي أي موضوع معتاد: عن الشوب، عن الغلاء،عن عملي ، عن عمله ، عن نتائج التوجيهي..قال لي : شو رايك بإياد السامرائي؟…سرحت قليلاً..قلت له: والله شغله نظيف…بنجّد لحف وفرشات اشي مرتّب…لم يشأ أن يحرجني…أخذ "مجّة"ثانية من السيجارة ثم نفث دخانه الى الوراء وقال: اياد السامرائي..رئيس مجلس النواب العراقي..حاولت أن الملم الموضوع ، قلت له :لعاد شو اسم المنجّد تبع حارتنا ..قال: جعفر العاني…طأطأت رأسي لتأخذ ماكنته راحتها في الحلاقة ، وليأخذ راحته هو في "التحليل" وأنا ممتثل للإنصات..ثم  عدد لي الكتل المؤثرة في البرلمان العراقي ،وسمّى بعض الشخصيات التي تحاول الضغط على حكومة ، وذكر في معرض حديثه – على موسيقى السشوار  التصويرية – اسماء كثيرة تنتهي بالجبوري وبحر العلوم والشهرستاني وغيرها..وعندما حاسبته، التفتُّ فجأة الى التلفاز فشاهدت شعار قناة "الرافدين"…قبل اسبوعين ، سافرت الى دبي ، في طريقي لمطار عمان، تأفف سائق التكسي من سوء الشوارع ، وشكا من سعر "جوز العجال"، ومن ضع البلد و من المسوؤلين وانتقد سياسة الحكومة ،وكان يستشهد بعد كل جملة "ولا انا غلطان يا خالي "..بينما بقيت أهزّ رأسي فلا استطيع مجاراته في التعليق،  ثم قال لي بالحرف الواحد: بتعرف يا خالي احنا ناقصنا بالبلد، شغلتين: الانتماء الصادق دون شعارات، والاصلاح الاداري!!…عندها قفزت من السيارة وتركت الطريق له…صباح اليوم كذلك، ذهبت لشراء "اسافين بلاستيك" لبعض البراغي اللازمة لتعليق ستارة غرفة الضيوف..فوجدت صاحب المحل يتحدّث باسهاب لأحد الزبائن عن طفولة رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني…*** بعد كل هذه المشاهدات اليومية وصلت الى قناعتين مهمتين: الأولى: ان كل من يتحدث بالسياسة قادر على ان يقنعني،  باستثناء السياسي نفسه.الثانية: أكثر مادتين استهلاكاً في الأردن هما الخبز والسياسة.احمد حسن الزعبيahmedalzoubi@hotmail.com