حَبل مِشنَقَة “العَزل” يَقتَرِب مِن رَقَبَة ترامب بَعد تَلقِّيه ضَربَتَين قاتِلتَين.. ما هُمَا؟ وكيف انقلَب عليه مُحامِيه كوهين وفَضَحَ عَلاقاتِه الجِنسيّة مع مُمثِّلةٍ إباحيَّةٍ وعارِضَة العُري في مَجلَّة “بلاي بوي” وتَطوَّع للشَّهادةِ ضِدَّه؟ ولماذا يُؤكِّد الخُبراء قُربَ نِهايَتِه؟
عبد الباري عطوان
بَدأ الرئيس دونالد ترامب يَتحسَّس رقبته، ويَشعُر للمَرَّةِ الأُولى بأنّ “حَبل العَزل” باتَ قريبًا جِدًّا مِنها، بَعد تَعاظُم فَضائِحِه الماليّة والقانونيّة، وظُهورِ أدلَّةٍ جَديدةٍ، وشِبه مُؤكَّدة، تُؤكِّد تَورُّطُه، وبَعضِ مُساعِديه، في انتهاكاتٍ لقَوانين تَمويل الحَمَلات الانتخابيّة.
دِفاعات الرئيس ترامب بَدأت مُسيَّرة الانهيار الواحِدة تِلو الأُخرى، انهارَت، وبَدأ القلق يَظهَر على وَجهِه، وللمَرَّةِ الأُولى، في المُقابَلة التي أجرَتها معه محطتّه اليمينيّة المُفضَّلة (فوكس نيوز) عِندما قال “أنّ الاقتصاد الأمريكيّ سيَنهار في حالِ عَزلِه، وسيُصبِح الجميع فُقَراءً جِدًّا”.
ضَربتان قاصِمتان أصابَتا الرئيس ترامب في مَقتَل يوم الثُّلاثاء الماضي، وكشف عَنهُما المُحَقِّق الخاص روبرت مولر، الذي باتَ كُل طُموحاتِه في الحياة أن يُطيحَ بِه بطَريقةٍ مُهينةٍ ومُذِلَّةٍ:
ـ الأولى: اعتراف مايكل كوهين، مُحاميه الخاص، بِذنبِه في ارتكاب انتهاكات تَتعلَّق بتَمويل الحَملة الانتخابيٍة الرئاسيّة، ودفع مبلغ 150 ألف دولار لإسكاتِ إمرأتين أقامَتا علاقةً جنسيّةً مع مُوكِّلُه ترامب، الأولى ستورمي دانيالز، المُمثِّلة الإباحيّة، والثانية كارين ماكدوغان، عارِضَة مجلة “بلاي بوي” المَعروفة بصُوَرِها العارِية.
الثانية: إدانَة المحكمة لبول مانفورت، رئيس حملة انتخاباته السَّابِق، بالاحتيال الضَّريبيّ والمَصرفيّ، والتَّورُّط في 12 قضيّة على الأقَل.
***
فوز الحزب الديمقراطي في انتخاباتِ التَّجديد النِّصفيّ لمَجلسيّ الشُّيوخ والنُّواب، سيُعطيهِم القُدرَة على بِدء إجراءات العَزل فَورًا، والانتقام من هذا الرئيس الذي تَخَصَّص في الإساءةِ إليهِم بطُرُقٍ بَذيئة، وخاصَّةً الرئيس السابق باراك أوباما، وتُؤكِّد مُعظَم استطلاعات الرأي أنّ احتمالاتِ هذا الفَوز كبيرة.
تحذير الرئيس ترامب من انهيار الاقتصاد الأمِريكيّ في حالِ عَزلِه يأتِي في مُحاولةٍ لاستعطافِ مُناصِريه، الجُمهوريين البيض، والعُنصريّين منهم تحديدًا وهُم الغالبيّة، وكذلك لاستمالَة الكنيسة الإنجليكانيّة المُتطرِّفة وأنصارِها الذين صَوَّتوا له في الانتخابات الرئاسيّة الأخيرة، ولكن هَذهِ الخدعة لن تُعطِي ثِمارها، لأنّ مَن سيُدَمِّر الاقتصاد الأمريكيّ هو السِّياسات الصِّداميّة التي يتَّبِعها ترامب، وحُروبِه الاقتصاديّة ضِد أبرز حُلفاء أمريكا ابتداءً من كندا وانتهاءً بأوروبا، ناهِيك عن الصين الشَّريك التِّجاريّ الأكبَر لأمريكا، وتركيا الحَليف والعُضو المُؤسِّس في حِلف الناتو.
الاقتصاد الأمريكي ربّما شَهِد تَحسُّنًا في العامَين الأوّلين من حُكم الرئيس ترامب، حَيثُ انخَفضت مُعدَّلات البِطالة بمِقدار النِّصف، أي مِن 8 بالمئة إلى 4 بالمئة، ولكن هذا التَّحسُّن لا يعود في مُعظَمِه إلى براعَتِه، وإنّما إذعان بعض الأشقّاء العَرب في مِنطَقة الخليج العربيّ، والمملكة العربيّة السعوديّة خاصَّةً، التي قدَّمت له حواليّ 500 مِليار دولار مُساعدات ماليّة على شَكلِ صفقات، أسلحة باهِظَة الثَّمن، حتى أنّ الرئيس ترامب عادَ من الرِّياض بعد حُضورِه القِمّة الإسلاميّة التي انعَقدت للتَّرحيبِ بِه، وبعد أن ضَمِنَ هَذهِ المِليارات، وهو يَهذِي مُرَدِّدًا “وظائِف.. وظائِف.. وظائِف”.
ترامب راهَن على اللُّوبي الإسرائيليّ الذي يُدين لها بالوَلاء لإخراجِه من مأزِقِه الحاليّ، مُعتَمِدًا على صِهره جاريد كوشنر، ولم يَتردَّد في تنفيذ كُل مطالب بِنيامين نِتنياهو في إلغاءِ الاتِّفاق النَّوويّ مع إيران، وفَرض حِصارٍ خانِقٍ لإطاحَة نِظامِها، والاعتراف بالقُدس المُحتلَّة عاصِمَةً أبَديّةً مُوحَّدةً لدولة الاحتلال، والعَمل على فَرضِ صَفقة القَرن التي تَعنِي تَصفِيةً نِهائيّةً للقضيّة الفِلسطينيّة، بمُساعَدة حُلفائِه في المِنطَقة، ولكن هذا الرِّهان مَحفوفٌ بالمَخاطِر، وقد يُعطِي نتائِجَ عَكسيّةً.
***
نَعتَرِف بأنّنا نَتحرَّق شَوقًا للإطاحةِ بهذا الرئيس الأمريكيّ العُنصريّ الكارِه لنا كعَربٍ ومُسلمين، ونَنتَظِر اليوم الذي يَخرُج فيه من البيت الأبيض ورَهطِه مُهانًا مَذلولاً وبقُوَّة القانون، لأنّ وجوده يعني زَعزَعَة أمن العالم واستقرارِه بإغراقِه في حُروبٍ وصِراعات مُدَمِّرة، وخاصَّةً في مِنطَقَة الشرق الأوسط.
جون كيري، وزير الخارجيّة الأمريكيّ الأسبَق، كان في ذَروة الإبداع والتَّوفيق عِندما خاطَب ترامب بعد صِداماتِه مع حِلف الناتو والاتِّحاد الأوروبيّ بِطُرقٍ ابتزازيّةٍ وَقِحَةٍ أثناءَ جَولَتِه الأخيرة قائِلاً “لقد فَضحتَنا يا رَجُل”.
نَأمَل أن يأتِي اليوم الذي نَكتُب فيه في هذا المَكان احتفالاً بخُروج ترامب مَطرودًا من البيت الأبيض، وليسَ هذا على اللهِ بِكَثير.