
#حماس… ماذا بعد التبادل؟
د. #هشام_عوكل، أستاذ إدارة الأزمات والعلاقات الدولي
انتهت صفقة التبادل، وعادت الأسماء إلى القوائم، ولكن السؤال الذي يهرب منه الجميع: هل ستصمت إسرائيل بعد أن مُرّغت كرامة جيشها في الوحل؟ هل ستقبل بأن يُكتب في تاريخها أن فصيلاً محاصراً أذلّها بهذا الشكل؟
حماس، أنتم تعلمون جيداً أن إسرائيل لا تترك ثأرها، وأنه بعد كل صفقة تبادل تأتي مرحلة استعادة “الهيبة”، فماذا أعددتم لما بعد ذلك؟ هل ما زالت لديكم أوراق؟ أم أن كل ما تملكونه الآن هو انتظار الجولة القادمة، بينما الاحتلال يعيد ترتيب أوراقه، ويمهد لمرحلة جديدة من العقاب الجماعي؟
السياسة ليست مجرد تبادل أسرى، بل استراتيجية طويلة الأمد، فهل نحن مستعدون لما هو قادم؟
الفرصة لا تأتي كل يوم، والتاريخ لا يرحم الأغبياء!
غزة تنزف، وأهلها يدفعون أثمانًا باهظة، فيما تستمر المعادلات الدولية في التغير لصالح العدو. لم يعد الوقت مناسبًا للمكابرة أو العناد السياسي، ولم يعد هناك متسع للمغامرات التي تضع القضية الفلسطينية في مهب الريح. اليوم، نشهد حملة تهجير ممنهجة لشعب غزة، ومساعٍ إسرائيلية لضم الضفة الغربية، وسط انشغال العالم الغربي وأزماته الداخلية، وفي ظل إدارة أمريكية لا تخفي دعمها الكامل لمخططات الاحتلال
حماس، لحظة صدق مطلوبة!
نحن في لحظة حرجة، والعالم الآن يتعامل مع “الأزمات الكبرى”، منها أزمة أوكرانيا، والاقتصاد العالمي المتهاوي، والصراع الأمريكي الصيني، وانهيار الثقة في الديمقراطيات الغربية. لكن، وبين كل هذه القضايا، هناك مكان لقضيتنا، نعم! لأول مرة منذ عقود، أصبحت فلسطين قضية رئيسية على الطاولة الدولية، لكن بشرط واحد: أن نتحدث بصوت واحد، لا أصوات متضاربة تجعلنا نبدو كفرقة موسيقية تعزف كل آلة بمزاجها الخاص.
لم يعد بإمكان الفلسطينيين تحمّل المزيد من الانقسام، ولم يعد هناك مجال للمزايدات السياسية أو الأدوار الإقليمية التي لم تجلب سوى الويلات للقضية الفلسطينية. المطلوب اليوم موقف تاريخي حقيقي من حماس، موقف يرتقي إلى حجم المأساة التي يعيشها شعبنا. فهل ترتقي حماس إلى هذه اللحظة؟ هل تتخذ قرارها الشجاع بالتنازل عن خطها السياسي غير المنسجم مع الظروف الدولية
لعبة “الدهاء السياسي
إن التضحية الحقيقية اليوم ليست فقط في مقاومة الاحتلال، بل أيضًا في اتخاذ القرارات الصعبة التي تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني ككل. فلنجعل كرامة شهدائنا وأطفالنا هي البوصلة، ولنتحرك جميعًا نحو الوحدة الوطنية الحقيقية. الآن، وليس غدًا. ونصحح جمعيا مسار منظمة التحرير الفلسطينية
ونخرج من لعبة الفصائل إلى لعبة “الدهاء السياسي”؟ و ندير ظهورنا لكل مشاريع الاستنزاف، ونتجه إلى مشروع “الإحراج الدولي”؟ الغرب يدّعي أنه حامي الديمقراطية، فلتكن فلسطين هي الاختبار الحقيقي له. نحن نطالب بدولة فلسطينية حديثة، ديمقراطية، موحدة، ونريد أن نحرج الجميع بمشروع لا يمكن لأحد أن يعارضه إلا إذا كان يريد أن يظهر كأنه مع الاحتلال
الوضع الداخلي الفلسطيني منهار اقتصاديًا، غزة أشبه بكوكب آخر معزول عن الكرة الأرضية، والضفة الغربية تحت رحمة الحواجز والجرافات، والقيادات الفلسطينية تعيش في حالة إنكار تام، وكأنما “النكبة” هي مجرد فصل آخر من مسلسل تركي طويل.
حماس: بين المقاومة والمقامرة
هنا يأتي دور حماس، التي نوجه لها خطابنا اليوم: شكرًا لكم على الصمود، ولكن كفى! لنكن صريحين، المقاومة ليست مجرد شعار يُرفع، بل هي استراتيجية تحتاج إلى عقل بارد وإدارة حكيمة. فكيف نقاوم والناس لا تجد قوت يومها؟ ؟
إن غزة اليوم ليست فقط ساحة حرب، بل ساحة تجارب لكل السيناريوهات الممكنة، والناس فيها يدفعون الثمن الأكبر. والضفة الغربية ليست في وضع أفضل، حيث أصبح الاحتلال عند الحواجز بين كل شارع وشارع جنين طولكرم ومخيمها ا مدينة اشباح ! وفي كل هذا، ما زلنا نناقش من الأحق بالتمثيل، ومن الأجدر بالكلمة الأخيرة، وكأنما نمتلك رفاهية الوقت والمزايدات
الفرصة الأخيرة
هذه لحظة تاريخية لا تتكرر. العرب متفقون – ولو مؤقتًا. العالم يراقب. ترامب يحاول أن يعيد الكابوس إلى الواجهة، والاحتلال يسرّع من خططه وكأنه يختبر مدى غبائنا الجماعي. إذا لم نتوحد الآن، فمتى؟ إذا لم نلقِ بالخلافات جانبًا الآن، فمتى؟
حماس، عليكم أن تكونوا جزءًا من الحل لا جزءًا من المشكلة. انضموا إلى منظمة التحرير، دعونا نتحدث بصوت واحد، دعونا نواجه العالم بوجه فلسطيني موحد، فقد سئمنا أن نكون مجرد “فريقين في مباراة بلا حكم”. دعونا نضع فلسطين أولًا، لا الحزب، لا الفصيل، لا الممول، بل فلسطين فقط.
حماس، أنتم أمام فرصة تاريخية، فإما أن تكونوا جزءًا من الحل، أو ستبقون في زاوية من التاريخ تتآكل مع الزمن. العالم تغير، فهل تغيرتم أنتم