سواليف
أرسل النظام السوري، الجمعة 6 مايو/أيار 2016، تعزيزات أمنية جديدة إلى سجن حماة المركزي وسط البلاد، استعداداً لإنهاء العصيان الذي ينفذه السجناء منذ أيام، في حال فشلت المفاوضات المستمرة بين السلطات والمعتقلين، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وينفذ نحو 800 سجين ومعتقل داخل السجن عصياناً منذ مطلع الشهر الجاري بدأ – وفق المرصد وناشطين – إثر محاولة إدارة السجن نقل بعض السجناء الى سجن صيدنايا العسكري في ريف دمشق، حيث نفذت مؤخراً العديد من الإعدامات بحق موقوفين، بالإضافة إلى تأخير محاكمة عدد كبير من المعتقلين.
وكانت هيئة التفاوض الممثلة لمعتقلي سجن حماة المركزي وصفت لـ”هافينغتون بوست عربي” المفاوضات التي تجريها مع السلطات السورية في المدينة بـ”الطريق المسدود”، بعد أن فشلت في إطلاق سراح الموقوفين السياسيين مقابل إنهاء العصيان العام الذي أخرج السجن عن سيطرة القوة التي تحرسه منذ الاثنين الماضي، وما زال مستمراً حتى الآن.
وناشدت الهيئة العليا للمفاوضات في بيان، الجمعة، كافة “الجهات الدولية التدخل لمنع مذبحة وشيكة خلال الساعات القادمة بحق المعتقلين”، مطالبة العالم كله “بتحمل مسؤولياته كاملة في ردع النظام السوري من القيام بأي أعمال انتقامية بحق المعتقلين”.
وحذرت وزارة الخارجية الفرنسية، الجمعة، من “أعمال انتقامية قاتلة ينفذها النظام”، داعية حلفاء دمشق لممارسة ضغوط “لتفادي مجزرة جديدة في سوريا”.
يُذكر أن سجن حماة المركزي يضم 1600 سجين، منهم 830 معتقلاً سياسياً بتهم تتعلق باشتراكهم بنشاطات معارضة للنظام في سوريا، فيما تتراوح تهم البقية بين الجُنح والجنايات القضائية.
كيف بدأت القصة
إبراهيم (27 عاماً) المعتقل منذ شهر يونيو/حزيران 2012 على خلفية مشاركته في مظاهرات مناهضة النظام، قال لـ”هافينغتون بوست عربي” إن الإضراب بدأ الاثنين الماضي، عندما حاولت عناصر شرطة السجن اقتياد 5 موقوفين إلى سجن صدنايا العسكري الواقع شمال دمشق، بهدف تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحقهم من “محكمة الإرهاب”.
وأضاف: “بالطبع حاولنا منع الشرطة من أخذ زملائنا، وقاومنا الدورية المسؤولة عن سوقهم، ما دفع بقائد شرطة المدينة للتدخل مهدداً بتنفيذ حكم الإعدام بحق المتهمين وبحق مَنْ يحميهم ميدانياً في ساحة السجن”.
وبحسب إبراهيم فإن العصيان بدأ “بشكل عفوي”، دون أن يقدروا ما قد تؤول إليه الأمور، وأوضح أن خبر التهديد بالإعدام انتشر سريعاً بين المعتقلين، و”تحول إلى انتفاضة حقيقية عمَّت كافة أقسام السجن”.
وأضاف أن قوات الشرطة المسؤولة عن تأمين السجن انسحبت سريعاً، “فيما تمكَّنا من أسر 9 عناصر من مفرزة الحرس الداخلي، إضافةً إلى الضابط المسؤول عنهم”. وقال إن السلطات القائمة على السجن قطعت الماء والكهرباء وإمدادات الطعام، إضافة إلى قطع الاتصالات الأرضية.
جولات من المفاوضات
وذكر أبوعادل، أحد المسؤولين عن التفاوض، أن الموقوفين شكَّلوا وفداً للتفاوض مع سلطات السجن بهدف إنهاء العصيان وإطلاق سراح الموقوفين السياسيين غير المحكومين.
وعند سؤاله عن مطالب المعتقلين قال لـ”هافينغتون بوست عربي” إن سجن حماة المركزي يحتوي على 830 معتقلاً سياسياً فاقت فترة اعتقال معظمهم العامين دون محاكمة، “مطالبنا كانت واضحة” وتتمثل في عملية إطلاق السراح عن طريق “استصدار مرسوم رئاسي خاص وتحت إشراف منظمتي الهلال والصليب الأحمر الدوليتين”.
السلطات بدورها أطلقت سراح 30 معتقلاً كبادرة حُسن نية، ثم تلاه صباح الجمعة إطلاق سراح 14 آخرين، ووافقت مبدئياً على إطلاق سراح 491 معتقلاً خلال شهرين شرط تسليم السجن دون تقديم أي ضمانات، ورفض إشراف لجنة من الصليب الأحمر على عمليات إخلاء السبيل.
وبحسب أبوعادل فإن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود نتيجة “تعنت النظام ورفضه إشراك منظمات دولية في عملية التفاوض”، فيما تدخل بعض رجال الدين لتسهيل التفاوض دون تحقيق أية نتائج تذكر.
محاولات اقتحام متكررة
السجين إبراهيم ذكر أن السجن تعرض “لمحاولة اقتحام أولى في يوم العصيان الأول”، فقد تم حشد أكثر من 1000 عنصر في ساحة السجن الخارجية وحاولوا اقتحامه مستخدمين الغازات المسيلة للدموع.
وقال: “قاومنا بكل ما نملك من وسائل، بالطبع نحن لا نملك أية أسلحة، قاومنا الاقتحام بأيدينا وبما توافر لنا من عصيّ وأحجار، فيما تعرض العديد منا لحالات اختناق مؤقتة نتيجة استنشاق الغازات المسيلة للدموع”.
محاولة الاقتحام الثانية كانت الأربعاء 4 مايو/أيار، وكانت شبيهة بالمحاولة الأولى إلا أن القوات المهاجمة للسجن استخدمت الرصاص الحي، “لكن صمودنا وتقسيم المهام بيننا حال دون تمكنها من دخول الأبنية”.
فيما كانت المحاولة الثالثة – بحسب إبراهيم – فجر الجمعة 6 مايو/أيار باستخدام أكثر من 1500 عنصر من عناصر الجيش والمخابرات الجوية وقوات الدفاع الوطني دون أن يحقق المقتحمون أي نجاح يذكر.
ظروف غير إنسانية
بدوره وصف الناشط شيار خليل، أحد المشرفين على حمله الإفراج عن المعتقلين وإيصال ما يحصل داخل السجن للجهات الدولية، الأوضاع الإنسانية داخل السجن بـ”غير المقبولة”.
خليل قال لـ”هافينغتون بوست عربي” إن عدداً كبيراً من الموقوفين يعانون “ظروفاً صعبة نتيجة إيقاف إمداد السجن بالطعام، وانقطاع الكهرباء والماء عن السجن”.
وأضاف أن هناك عدداً كبيراً من الموقوفين يعانون من أمراض مزمنة كأمراض السكري الضغط والقلب، “فيما سجلنا أكثر من 50 معتقلاً يعانون من مرض الربو جميعهم حالياً دون دواء”.
وعن الأوضاع المعاشة قال خليل إن أكثر من 1600 موقوف يستخدمون الآن ألبستهم وبطانياتهم كوقود لطبخ ما تبقى لديهم من مواد غذائية مخزنة كالرز والبرغل، فيما تهددهم مجاعة قريبة إذا لم تجد المفاوضات أي طريق باتجاه الحل.
– تنويه: يذكر أن الأسماء المذكورة (إبراهيم – أبوعادل) هي أسماء مستعارة بناءً على طلب أصحابها بإخفاء هويتهم فوجب التنويه.
هافينغتون بوست