حكومة فيشي بنسختها الأسدية الأحقر
من يستمع إلى مؤيدي النظام السوري وهم يستقوون بذراع بوتين وحسن نصرالله وخامنئي ضد بقية السوريين لا يمكن أن يتذكر عبر التاريخ إلا أولئك الخونة والعملاء الذين استقووا بالأجنبي على أوطانهم وأبناء جلدتهم من فصيلة أبي رغال وفيشي. ويقول الكاتب السوري صلاح قيراطة ساخراً من السوريين الذين يستقوون بروسيا وإيران: “في أحد أفلام ( اسماعيل ياسين ) وفي فحص المقابلة، سأله الضابط هل تتحدث لغات غير العربية، فأجابه بخفة دم، “إن ابن خالتي يتحدث الفرنسية”. يذكرني هذا بالسوريين وهم يتحدثون عن بطولات الروسي وما يفعله بالسوري، لابل هم يتمنون ضربا ً أعنف من المقاتلات الروسية لكل من حلب وإدلب… ويبقى سؤالي هل هم مقتنعون أن الروسي يقاتل من أجلهم كسوريين، أم إن مصلحته هي من يحركه ولو اقتضى الأمر ضربهم هم في لحظة من لحظات المعارك التي تحتاج إلى تسويات في وقت من الأوقات…ليعلم الجميع ان الحرب لادين لها ولا اخلاق كما السياسة”. بعبارة أخرى، ما أسخف أولئك الذين يعتقدون أن الإيرانيين والروس قادمون لنجدة النظام السوري ومؤيديه وتمكينهم من رقبة سوريا والسوريين.
لا يمكن طبعاً أن نلوم جمهور المؤيدين المغفلين الذين يصفقون لخامنئي ونصرالله وبوتين، لأن النظام نفسه وأبواقه الإعلامية الرخيصة تقوم بتصوير الغزاة من روس وإيرانيين على أنهم سيخلصون سوريا من كارثتها وسيعيدون أمجادها القديمة. ما أحقر هذه النوع من الأنظمة التافهة التي تذكرنا بحكومة فيشي في فرنسا أثناء الحرب العالمية الثانية، فمن المعروف أن الغزاة الألمان بقيادة هتلر وقتها استطاعوا أن يستميلوا عدداً من العملاء الصغار، وقاموا بيتعينهم على رأس حكومة فرنسية تابعة من رأسها حتى أخمص قدميها للغزاة الألمان الذين اجتاحوا فرنسا واستباحوها. وموقف حكومة فيشي في فرنسا يذكرنا بموقف النظام السوري الآن بطريقة ملفتة، فكما أن رئيس حكومة فيشي العميلة للألمان برر التحالف مع الغزاة الألمان وإلحاق فرنسا بالرايخ الألماني بحجة حماية المصالح الوطنية الفرنسية، نرى النظام السوري الآن يكرر مواقف حكومة فيشي وتصريحاتها بنفس الطريقة وأسوأ، فكما أن حكومة فيشي كانت تعلم علم اليقين أن هتلر لم يغز فرنسا من أجل مصلحة الفرنسيين، بل من أجل توسيع رقعة الاحتلال الألماني لأوروبا، فإن نظام الأسد يعلم جيداً أن الإيرانيين والروس الذين يجتاحون سوريا لم يأتوا من أجل إنقاذ رقبته ولا رقبة نظامه، بل من أجل الاستيلاء على سوريا وثرواتها. لا بل إن البعض يرفض حتى مقارنة نظام الأسد حتى بحكومة فيشي الفرنسية التي دخلت التاريخ كرمز للعمالة والاستقواء بالغزاة، فحكومة فيشي استسلمت للألمان لحماية باريس من الدمار، وتحملت الذل والهوان ، بينما حكومة الأسد تدمر البلد وتجلب الاحتلال لتدميره … فيشي يترحم عليه كل من يزور باريس ويرى أبينيتها ما تزال قائمة في حين أن أغلب مدن سوريا يدمرها النظام بمساعدة شركائه الروس تحديداً. وهناك من يعتقد أن خطط تدمير المدن السورية هي نسخة طبق الأصل عن مخطط تدمير غروزني عاصمة الشيشان التي سواها بالأرض الجيش الروسي بقيادة الفاشي فلاديمير بوتين.
على عكس النموذج الفرنسي الذي دخل تاريخ الخيانة من أوسع ابوابه، نجد أن النظام السوري يجعل حكومة فيشي العميلة للألمان نموذجاَ وطنياً عندما نقارنها بحكومة الأسد التي باتت تبيع كل شيء ليس من أجل سوريا والسوريين بل من أجل الحفاظ على العرش الاسدي حتى ولو على ركام سوريا وأشلاء شعبها. لا شك أن النظام يعرف قبل غيره أن الدول ليست جمعيات خيرية، ومن يساعدة باليسار يأخذ منك أضعافاً مضاعفة باليمين. فلا يمكن لمغفل أن يصدق أن الإيرانيين ينفقون المليارات، ويضحون بحياة المئات من ضباطهم وجنرلاتهم من أجل إنقاذ رقبة بشار الأسد. ولا يمكن لأحد أن يصدق أن بوتين يضحي بأرواح الجنود الروس، ويستخدم ترسانته العسكرية الحديثة من أجل عيون آل الأسد وشركائهم.
هناك أربعة أسباب تجعل لعاب روسيا يسيل من أجل الاستيلاء على سوريا، أولها الإطلالة العظيمة على المياه الدافئة في العالم التي لطالما حلم بها القياصرة الروس منذ مئات السنين. وحدث ولا حرج عن موقع سوريا الاستراتيجي الرهيب الذي يعتبر نقطة ارتكاز دولية. والأهم من ذلك المخزون الهائل من النفط والغاز في الأراضي والمياه السورية. ولا ننسى أن النظام السوري رهن ثروات سوريا الغازية والبترولية للروس لربع قرن من الزمان مقابل توفير الحماية الروسية لنظامه. لقد كانت الثورة السورية فرصة عظيمة لروسيا كي تنقض على سوريا بحجة محاربة الإرهاب، بينما الهدف الأساسي هدف استعماري استغلالي مفضوح. وقد نزلت ورطة النظام على روسيا برداً وسلاماً، فهو مستعد أن يبيع سوريا وثرواتها كي يبقى في السلطة، وروسيا مستعدة ان تحميه لتحقيق أحلامها التاريخية في المنطقة ونهب ثرواتها حتى ولو على حطام سوريا وأشلاء شعبها.
لا تنسوا أيها السوريون أن روسيا معروفة تاريخياً انها تقبض ولا تدفع. وكذلك إيران. وإذا أردتم التأكد مما نقول فقط انظروا الى وضع العراق الذي تسيطر عليه ايران. هل أعادت إعماره بعد ثلاثة عشر عاماً من السيطرة عليه؟ بالعكس، فالعراق من سيء إلى أسوأ رغم أن ميزانيته اكثر من 135 مليار دولار سنوياً. إيران نهبت العراق وثرواته. وستفعل الشيء نفسه في سوريا، ولا يمكن أن تلومها، فهي تعمل لمصالحها. والأهم من كل ذلك، ان العالم لا يستثمر في روسيا وإيران نفسيهما، فما بالك أن يستثمر لإعادة إعمار سوريا وهي تحت الاحتلال الروسي الايراني.
لكن كما تحررت باريس من رجس الغزاة الألمان، ستتحرر سوريا من رجس المحتلين الروس والإيرانيين وعملائهم. وستتحرر أيضاً من كل شذاذ الآفاق الذين استعان بهم السوريون مؤيدين ومعارضين ضد سوريا والسوريين من أجل مصالح سلطوية وشخصية حقيرة.