“حرامي برخصه” / محمد يوسف الجعافره

“حرامي برخصه”
بعد يومٍ طويل بداته بقصه حزينه جداً ومُضحكه قليلاً
حيث كنتُ بشركه الفوسفات العربيه وبعد ان انهيتُ عملي هناك ‘ خرجتُ من المدخل الرئيسي وقفت قليلاً على الرصيف ونظرت الى وزاره الصناعه والتجاره وراودني شيطاني بفكره ملعونه ..
كان الشارع شبه خالي من الركاب فرفعتُ يدي ملوحاً لتكسي مكتب( اصفر ) لم يكن مسرعاً ولسوء حظي كان (موديل قديم)
وقف جانباً مع اعطائه الرباعي واتجهت اليه وقلت له ( يعطيك العافيه لو سمحت ودي وزاره الصناعه والتجاره )للعلم وزاره الصناعه والتجاره بجانب شركه الفوسفات بحوالي عشره امتار”
فقال لي اتفضل اركب
فتحت الباب وركبت بجانبه فقال لي (الأخ من الجنوب ) فقلت( اه والله من الكرك )
بدا بالترحيب والمدح الذي يسبق ( النصب) شغل العدد
وبدأ بالمشي وكانت فيروز تغني (يا جبل البعيد)
فقلت في نفسي ( يبدو أنني اليوم سأزور أحد جبال عمان)
أصبح السائق يرحب كثيرا الى وصلنا (دوار الداخليه ) واتجه يمينا نحو (جبل الحسين) وهو ما زال يرحب وأنا أُدخن سيجاره تلو السيجاره واصبحت (طقطقه الصنوبرصات وزقزقه التابلو) هي اللحن الذي أسمعه بدلاً من فيروز…
وكان حديثنا عن أحداث الكرك وعن سبل التأخي وكيف أننا شعبٌ واحد…
لن أُطيل كثيرا عليكم ولكنني فوجئت بإنني على(جسر عبدون) ومن ثم (تلاع العلي ) وبعدها وصلنا لشركه البوتاس العربيه ومن ثم ( لفينا شوي )وقلت في نفسي
يبدو أن ظميره قد أستيقظ أخيرا وقرر إيصالي للوزاره ..
وبالفعل خلال ثلاثه دقائق كنا نقف أمام الوزاره
(طبعا مع غماز يمين وأصطفاف واحد محترم وكمان حكالي الحمدلله ع السلامه)
فقلت له قديش تؤمر يا معلم
حكالي العداد (7دنانير وربع واعتبرهم (7)وخليها علينا جيره الله ” الله ع كرمه وحنيته الأخ” أخرجت النقود ودفعت له ما طلبه العداد (على رأيه)
ونظرتُ اليه ونظرت الى المكان الذي أخذني منه وضحكت مع غصه بقلبي وقلت له (يا جبل البعيد طلعت ب 7 دنانير ) ونزلت دون أن أقول له بإنه (حرامي برخصه)
ودون أن أجرح شعوره لأنني متأكد بإنه خرج من بيته صباحاً ومعه (ورقه بطلبات البيت) ويحمل هموماً أكثر مما أحمل ..
لماذا يلجأ هذا السائق أو غيره لمثل هذه الأساليب وعمره قد تجاوز الستون عاما وشعره ابيض من الشيب?
مع العلم بإن بإمكانه أن تكون تكلفه مشواري( تأشيره أصبع بأتجاه الوزاره)

لماذا يريدُ هذا السائق أن يُطعم أبنائه من نقود لن تكون بطريقه شرعيه ?
ماذا كان يدور في ذهن هذا السائق عندما كان يمشي لساعه ونصف وطريقي مجرد (دقيقه)
أعرف جيدا أنكم ستقولون أن الغايه او الحاجه لا تبرر الوسيله
ولكنني أعرف جيداً أن هذا السائق لم يلجأ لمثل هذه الأساليب الا اذا كان محتاجاً ولا يملك حتى ثمن تركيب (صنوبرصات) للسياره ولن يستطيع أن يعود للبيت بعد يومٍ طويل تحت أشعه الشمس الا ومعه ثمن الخبز والماء ..(
أصبحنا نسرق لنأكل )
الغايه تبرر الوسيله في بعض الأحيان فلقد أوصلتنا السياسات الفاشله من حكوماتنا الى ما نحنُ عليه …..

محمد يوسف الجعافره

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى