جرح لا يندمل

جرحٌ لا يندمل
مهند أبو فلاح

واحدٌ و ثلاثون عاما مرت بالتمام و الكمال في التاسع و العشرين من كانون الثاني يناير الحالي على جريمة الاغتيال النكراء التي نفذتها في العاصمة اللبنانية بيروت عصابة ابو نضال الإرهابية المسماة حركة فتح المجلس الثوري بحق المستشار في السفارة الأردنية هناك الشهيد البطل نائب عمران المعايطة .

رصاصات الغدر التي أصابت شهيد الواجب تركت جرحا لا يندمل في قلوب الأردنيين الشرفاء الذين ساءهم ما أقدم عليه خفافيش الظلام من فعلة نكراء بحق أحد أفراد السلك الديبلوماسي الأردني التابع لوزارة الخارجية في مدينة عربية حرة أبية على يد ادعياء النضال من الطابور الخامس الموالي فعليا لاعداء العروبة و الإسلام كما أكد العديد من المسؤولين الأمنيين البارزين في أكثر من تصريح موثق لكتاب غربيين و على رأسهم باتريك سيل في كتابه المترجم إلى العربية تحت عنوان ” أبو نضال بندقية للايجار ” .

لقد استخدم النظام الحاكم في دمشق حينها تلك المجموعة الإرهابية كأداة في حملة اغتيالات جبانة في النصف الأول من العقد قبل الأخير من القرن الماضي ضد العديد من أفراد السلك الديبلوماسي الأردني مما أسفر عن استشهاد عدد منهم و إصابة آخرين بجراح متفاوتة في العديد من العواصم الغربية و الشرق أوسطية كما أورد ذلك السيد سيل في كتابه الأنف الذكر .

لقد ذهب بعض رجال الاستخبارات في أوروبا الشرقية و على رأسهم ماركوس وولف رئيس جهاز اشتازي ( استخبارات ما تعرف بألمانيا الشرقية سابقا ) و الذي شغل هذا المنصب الخطير و الحساس في بلاده على مدار ثمانية و عشرين عاما الى اتهام الموساد الصهيوني و وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية السي. أي . إيه إلى كونهما أكبر مجندين للإرهابيين على مستوى منطقة الشرق الأوسط بحسب ما أدلى به في حينه من تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية فرانس برس أجرته معه في شقته بالعاصمة السوفيتية موسكو في خريف العام 1991 بالتزامن مع انطلاق مؤتمر مدريد الدولي للسلام .

على أية حال بعد انقضاء أكثر من ثلاثة عقود على هذه الجريمة المروعة ما زالت التساؤلات عن دوافع هذه الجريمة قائمة ، صحيح أن النظام الحاكم في دمشق قد منح دعما لوجستيا للقتلة الذين كانوا يتنقلون مسلحين في داخل العاصمة اللبنانية بيروت على نحو سافر فقد حظي هذا التنظيم الإرهابي بكثير من التسهيلات لعناصره الذين شنوا حملة اغتيالات مماثلة ضد قيادات و كوادر حركة التحرير الوطني الفلسطيني ” فتح ” التي تزعمها السيد ياسر عرفات في حينها في العديد من المدن اللبنانية و المخيمات الفلسطينية المجاورة لها كتلك التي طالت مسؤول ميلشيات فتح في بلاد الارز العقيد انور ماضي في 30 حزيران / يونيو من العام 1992 .

لقد حاول الإرهاب النيل من عزيمة أبناء الاردن النشامى دون جدوى و برهن هؤلاء الابطال عن أصالة معدنهم و صلابتهم في أوقات الشدائد رغم كل محاولات ثنيهم عن خطهم الواضح المستقيم في هذه الحياة الحافلة بالمصاعب و المتاعب فكانت الشهادة شرفا عظيما و لم تكن الكرك مسقط رأس الشهيد نائب المعايطة غائبة عن ذلك الشرف العظيم فقدمت أبطالا في ساحات الوغى من أمثال الشهيد الطيار معاذ الكساسبة و اسد القلعة سائد المعايطة كما قدمت رجالا ضالعين في ميادين المعارك التفاوضية السياسية كدولة الدكتور عبد السلام المجالي و دولة فايز الطراونة و لم يكن مستغربا اطلاقا ان تكون هذه المدينة العربية الأردنية الجنوبية الأصيلة في طليعة المدن الأردنية ذات الباع الطويل في مواجهة قوى التطرف و الإرهاب .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى