الى سالم أبو عبود الحياصات… الجد والصديق،والأب والرفيق:
رائحتك التي خبأتها بوفرة حتى أشمها كلما شعرت بشوقي إليك، نفدت بعد أن غادرتني بيوم، فأي الرجال أنت؟
أربعون يوماً مرن على رحيلك،وما زالت حياتي مضاءة بنور قنديلك..لم يخفت نورك أبداً،وما زلت أتحدث معك بلغة “المخاطب عمداً.. لأن حضورك أكبر من أن يلغيه الموت ،ولأن ضمير الغائب يليق بكل الناس الا أنت ..ولأن عبارة “بمن حضر” التي نقولها في المناسبات تصلح دائماً إلا في غيابك.. أي قيمة للمناسبات ومن حضرها إذا غبت أنت يا جدي ؟!
الكبار مثلك لا يرحلون بكاملهم يا جدي ،يظل ذكرهم الطيب فينا ما حيينا،وتبقى مواقفهم خالدة فينا أبداً ،كأنهم يتركون لنا ما يعيينا على تحمل الحياة دونهم،أو كأنهم يعرفون أن موتهم الكامل يعني موتنا الكامل،لذلك يرأفون بنا بعد الموت كما رأفوا بنا في حياتهم..
سأبقى مديناً لك طول عمري،وسيبقى قلبي يلهج بحبك وذكرك حتى النبض الأخير،ذلك القلب الذي منذ نعومة إظفاره نشأ على حبك وسيموت على ذلك،كيف لا ومنذ بداياتي وجدتك في ظهري كأب يراقب خطى ابنه الأولى..وفي كل خطوة جديدة يقفز فرحاً وخوفاً،فرحاً لأن الابن المدلل اشتد عوده،وخوفاً لأن أي خطوة جديدة ستنمي اعتمادي على ذاتي ..كأنك لم ترد لي أن أكبر يا جدي،وكأني أنا أيضاً كنت أحرص أن لا أكبر..حتى تبقى طوق نجاتي وأماني الوحيد، يا حافظ القرآن، ويا خير إنسان !
جدي يا عُمري وكُلي:
لطالما ايقظتني رياح الشوق اليك ..فليتك تفاوض الموت عله يمنحك “إجازة شوق” وأنا أتكفل له بانني لن أعيدك أبداً