تَحريص مش تَحريض!!!
كثيراً ما يَستخدم أبناء الحرّاثين البُسطاء أمثالنا لفظ “حَرَّص فلان” أي طلب من فلان أن يَحرِص و “يدير باله” حتّى لا يضيع حقّه و “يصير مضحكة بين الناس”!!!
و الجذر الثلاثي الفصيح “ح.ر.ص” في المعاجم اللغوية يعني التنبيه و التحذير و الإرشاد و التوجيه من باب الشفقة أو الإهتمام أو الحب… و هو شيء إيجابي؛ فعله نافع و نتائجه نافعة؛ و مِن هنا جاء المصدر “التحريص”!!!
أمّا التحريض فهو مُشتق من “ح.ر.ض” و هو جذر يفيد في الغالب ما هو خطير أو ضار أو غير مُستحب كالإعياء و المرض و القتال… فهو في غالبه سلبي و ضار كالتحريض على الشغب و العنف و الإختلاف؛ و إن كان مفيداً في عواقبه في بعض الأحيان كما في قوله تعالى للنبي: “يا أيّها النبي حرِّض المؤمنين على القتال”!!!
لذلك فقد يخلط من كان جاهلاً أو خبيثاً بين التحريص و التحريض 🙁
فكثيراً ما أُتّهم بجريمة تحريض أبنائي و أصحابي و طلبتي على النقد و تصحيح الأخطاء أينما وجدوه… و هذا من باب التحريص و التوجيه و الإرشاد و من باب حرصي على مصالحهم و على مصالح الوطن الذي ننتمي إليه… لا مِن باب التحريض على الفتن كما يتصوّر البعض؛ مُغرضاً كان أو غير مدرك 🙁
فأنا أُحرِّصهم على عدم السماح لأحد بالتعدّي على “دورهم” في ركوب الباص… فهل هذا تحريض؟
و أنا أُحَرِّصهم على الإبلاغ عن كلِّ موظّف مقصِّر أو متجاوز… فهل هذا تحريض؟
و أنا أحرِّصهم على التبليغ عن أي وضع مريب في الحي خشية وجود خلايا إرهابية… فهل هذا تحريض؟
و أنا أُحرِّصهم على تقديم شكوى رسمية للعميد أو لرئيس الجامعة إذا تجاوز أي دكتور الضوابط الأكاديمية أو الأخلاقية… فهل هذا تحريض؟
و أنا أحرِّصهم على مساعدة المظلوم أينما كان… فهل هذا تحريض!!!
و أنا أحرِّصهم على قول كلمة “لا” لكلِّ مستبدٍّ برأيه… فهل هذا تحريض؟
فإن كانت تنمية مهارة النقد و البناء في المجتمع جريمة فأنا فخورٌ بأنّي مُجرم مع سبق الإصرار… 🙂 أجل مُجرمٌٌ من أجل بناء الوطن و رفعته؛ و مُجرمٌ من أجل بناء جيلٍ واعٍ و حُر؛ و مُجرمٌ من أجل محاربة الفساد و الفاسدين… نِعْم الجريمةُ هي و نِعْم المجرمون نحن 🙂 🙂 🙂
مُجرمٌ أنا في إصلاحي…
مُجرمٌ أنا يا صاحِ…
لا أقبل الضيم و الخنا
فالحقُّ درعي و سلاحي… #Critical_Thinking_Campaign