تصحيح المفاهيم

تصحيح #المفاهيم
د. هاشم غرايبه
منذ القدم، ترسخت فكرة مفادها أنه على #المسلم احتراما للعقائد الأخرى، أن لا يناقشهم في معتقداتهم، من باب لكم دينكم ولي دين.
حقيقة، المنهي عنه هو تسفيه #معتقدات الآخرين، لكن لا يجوز تقبل أو الإقرار بصحة ما اعتبره الله من تلك المعتقدات ضالا وغير صحيح.
الفيصل القويم في معرفة صواب المعتقد من ضلاله هو القرآن الكريم، لأنه الوحيد من بين كتب الله الذي لم يطله تحريف ولا تزوير.
بداية، ووفقا لما جاء فيه، فالعقيدة الإسلامية تصدق بجميع الأنبياء والرسل وبرسالاتهم وبكتب الله التي أنزلت عليهم، وأنهم قد أرسلوا لترسيخ مبدأ واحد هو التوحيد، وأنهم جميعا دعوا الى الدين ذاته، وليس الى أديان متباينة، لأن الله قد أمرهم بذلك: “شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ” [الشورى:13].
لذا فكل الرسالات السابقة هي مراحل ممهدة للرسالة الخاتمة، وكل الرسل والأنبياء هم رسل هذا الدين الواحد الذي ارتضاه الله لعباده المؤمنين، ومن حق المؤمن أن يتبين الحقيقة بما يتعلق بأولئك المرسلين، والتثبت من صحة ما يرويه من يعلنون اتّباع بعضهم ويكذبون بما جاء به المرسلون الآخرون.
وأهم المقولات التي يجب على المسلم أن يصدق بها، لكن من غير مجادلة لأهل الكتاب ولا مخاصمة:
1 – القول بتجسد الله في المسيح منقوض، فلا يوجد نص صريح واحد في الكتاب المقدس يقول فيه المسيح عن نفسه بأنه الله، بل أول عبارة نطق بها في المهد “انني عبد الله..”، ولا توجد عبارة واحدة فيه تشير صراحة أو تلميحا الى الدعوة لعبادته، بل الإيمان به وبدعوته.
2 – القول بأن المسيح هو ابن الله، استنادا الى إشارته الى الله بقوله “أبي” أو قوله “أبانا الذي في السماوات”، لا تعني قطعا الأبوة الإنجابية، فهذا القول مجازي وفيه تعميم لأبوة كل البشر بمعنى العطف والرعاية والمحبة.
فلا حاجة لله الى ابن، فهو ليس كالبشر الذين يهرمون فيحتاجون لرعاية الابن، ويموتون فيريدون بالأبناء والأحفاد ابقاء ذكرهم بين الناس.
3 – والقول بألوهيته بناء على خصوصية مولده من غير أب، غير صحيح: “إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ، [آل عمران:59]، فقد خلق المادة الجسدية لآدم من تراب، ومن غير أب ولا أم، ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ، وحواء خلقت من غير إنجاب من أم ..فهل نالا بذلك الألوهية؟.
4 – والقول بألوهيته بناء على أنه نفخة من روح الله، ادعاء باطل، فهذه وسيلة الخلق: ” وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا” [مريم:91]، ولم يقل (فيه)، فقد خلق آدم أبا البشر هكذا: “فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ” [الحجر:29].
5 – والقول بألوهيته بناء على احيائه الموتى وابرائه الأكمه والأبرص وغير ذلك من معجزات أجراها الله على يديه، فذلك باطل، لأن تلك الأفعال ليست من فعل يديه، ولا من قدراته المطلقة، بل هي حالات مؤقتة ومحددة، انتهت في زمانها ولم تكن صفة لازمة، وقد أكد لنا الله ذلك بقوله “وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني” [المائدة:110].
نلاحظ قوله تعالى بعد ذكر كل معجزة (بإذني)، أي أن الفعل بإرادة الله وليست بإرادة المسيح، ويؤكد ذلك ما جاء على لسان المسيح:”أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً” [يوحنا:الاصحاح5 :30].
ومثل ذلك معجزة عصا موسى عليه السلام، فلم يكن بامكانه شق البحر بها متى أراد، ولا تفجير النبع ولا جعلها حية تسعى بناء على طلبه، بل متى أراد الله.
6 – لا يوجد في الكتاب المقدس كله دعوة لاتباع الديانة بمسمى اليهودية أو بمسمى المسيحية، إنما توجد الدعوة لاتباع الدين الإسلامي في القرآن.
وهذا لأن الرسالتين محددتان بقوم بني إسرائيل، فلم يطلب من أنبيائهم نشرهما على العالمين، ولما استكمل الدين بالرسالة الخاتمة، آن أوان عالمية الدين، فبات اتباعه ونشره واجبا على كل المؤمنين.
ولذلك قال تعالى: “إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ” [آل عمران:19].

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى