تبيان #الخيط_الأبيض من #الأسود
د. #هاشم_غرايبه
في أحدث ما نشر عن أخبار العملية العسكرية التي تقوم بها السلطة الفلسطينية ضد عناصر كتيبة جنين في مخيم جنين، تحت مسمى مطاردة الخارجين عن القانون، نقل موقع “اكسيوس” و موقع “واللا” خبرا متطابقا مضمونه أن السفير الأمريكي والمنسق الأمني، حثا سلطات الاحتلال على تقديم الدعم للسلطة في هذه المعركة، والافراج عن أموال محتجزة لديها، لتمويل شراء احتياجاتها من عتاد وخوذ عسكرية وبزات مقاومة للرصاص.
بداية كان يجب على أزلام السلطة الذين يصيغون البيانات أن يتنبهوا الى أن عبارة (الخروج على القانون) لا تنطبق على واقع الحال، فهذه تستعملها الدول المتكاملة الأركان، فهي تمتلك منظومة قوانين توافقت عليها مؤسسات الدولة التشريعية، أما السلطة الفلسطينية التي لا تملك الولاية على الأرض ولا على الشعب، وليس لها دستور ولا قوانين، بل هي مجرد ادارة أمنية وضعت لها تعليمات تحدد وظيفتها الوحيدة، بحماية الكيان اللقيط من هجمات المقاومين الفلسطينيين، والتجسس عليهم لتقديم المعلومات عنهم، ومساعدة (الشين بيت) في القبض على من يودون اعتقاله.
لقد تسرب من أحاديث المسؤولين الأمريكيين أن هنالك خشية من استلهام النموذج السوري، ويبدو أن ذلك يفسر التنفيذ في هذا الوقت، خاصة وأنه ليس هنالك من خرق لأمن المواطنين، أو أن استهدافا حدث من كتيبة جنين لأمن السلطة مثلا.
يعزز ذلك التعليل أن هنالك قلقا غربيا متزايدا من توسع قدرات المقاومين في الضفة وأعدادهم، جراء انضمام العديد من شباب مختلف مناطق الضفة لهم، كإحدى إرهاصات طوفان الأقصى، واستلهام تجربة القطاع، لذلك كان الايحاء للسلطة باستئصال الفصائل الإسلامية المقاومة، قبل أن تقوى وتتمدد لتشكل ما يشبه هيئة تحرير الشام، وما يمثله ذلك من خطر على سلطة عباس.
أعتقد أن التنفيذ لن يكون بتلك السهولة التي اعتقدها رجالات السلطة المنغمسين في أوحال العمالة، فهم يعتقدون أن المنتمين الى فتح سيكونون عونا لهم، وأنهم بالإغداق على المخاتير ذوي التاريخ الفتحاوي سيتمكنون من شرخ الصف الفلسطيني والاستفراد بالإسلاميين، لكنهم واهمون، فالأمر بعد الطوفان تغير، فلم يعد أحد يشتري حكاية الرخاء الموعود في صفقة ترامب، مقابل التعاون مع المحتل، والتسليم له بما احتل، ولم تنفع الضغوطات الاقتصادية التي ساهمت بها الأنظمة العربية المطبعة على شعوبها عامة لنبذ الجهاد والانكباب على تحصيل لقمة العيش، وعلى وجه الخصوص جهود السلطة لإقناع الصفوف الطويلة من البطالة بأنه لا سبيل أمامهم الا بالعمل لدى الكيان اللقيط في الإنشاءات لتوسيع المستوطنات.
فقد حدث عكس ما خططوا له وأملوا تحققه، إذ أن الطوفان أحيا الأمل في النفوس من جديد، وغطى هدير الجموع المتحمسة على أصوات جرذان التطبيع، فانكفأوا الى جحورهم خاسئين.
لهذا فلن يكتب النجاح لهذه المحاولة اليائسة، فأبناء الضفة الغربية ليسوا بتلك السذاجة، ولم يعد سلاح التخويف مجديا بعد أن حشرت الأنظمة أمتها على الحائط، فلم يبق مجال للتراجع أكثر، لذلك لن يفيد الاستقواء بالإقليمية البغيضة (التعصب الفتحاوي)لأجل الاستفراد بالثور الأبيض (الإسلاميين)، فقد عرفت الشعوب من هو المقاوم الحقيقي من مدعي النضال الكاذب، فشتان ما بين من يجالد العدو بما بيده من أسلحة بسيطة، وبما يصنعه بيتيا من متفجرات (الأكواع)، وبين من يخون وطنه بتقديم المعلومات للعدو تحت مسمى التنسيق الأمني.
السؤال الكاشف لرجال السلطة ولمن يؤيدونهم، والذي سيسقط كل الادعاءات بانهم يسعون لتأمين أمن المواطنين من الخارجين على القانون: هل رأيتم يوما قوات العدو أو حتى رجال أمنه يتصدون للمستوطنين الذين يعدّونهم رسميا خارجون على القانون، وهم كذلك فعلا عندما يهاجمون البلدات الفلسطينية؟.
بل ترون عيانا تلك القطعان المتوحشة – ومع أنها مسلحة – الا أنهم دائما حينما يدنسون الأماكن المقدسة أوينفذون اعتداءاتهم على المدنيين الفلسطينيين العزل أوتخريبهم لمزروعاتهم، تكون تحت حماية قوات الكيان اللقيط العسكرية.
فهل رأيناكم في أية مرة تتصدون لهذه الهجمات التي تدعي سلطات العدو أنها تتم خارج علمها، أي هي تعترف أن فاعليها خارجون على القانون!؟.
لماذا لا نراكم ألا حين التصدى لشعبكم اعتقالا أو قتلا؟.
أليس ذلك دليلا دامغا على أنكم تخوضون معركة العدو ضد شعبكم، وليس صحيحا أنكم تحمونه، بل تساعدون العدو عليه!؟.