بين سنتياغو والغزيين

بين #سنتياغو و #الغزيين

د. #عبدالله_البركات

احتفل العالم برواية آرنست همنغواي ( الشيخ والبحر ) ونال الكاتب جائزة نوبل على هذه الرواية وحق له أن يحصل عليها. وتلخص مغزى تلك الرواية في اصرار الإنسان على التحدي والفوز ومقاومة الاعداء والظروف القاسية من كبر السن وضعف البدن وقلة الزاد وطول المعانة واقسوة الوحدة ، وهذا كله احتراما لنفسه وصورته الذاتية رغم انه فرد واحد لو استسلم لما عابه احد ولما خذل باستسلامه احد ولما عاتبه احد. بل ان فوزه لا فائدةً ماديةً منه لا لنفسه ولا لغيره. ففي المحصلة عاد سانتياغو بهيكل سمكة عظيمة بعد ان التهمتها الأقراش وكادت ان تحطم القارب وتقضي على الشيخ. . جاء البحارة في اليوم التالي ليعجبوا بضخامة السمكة وبصائدها .
يمكن تم يقال: يا لسخافة ذلك الصياد ونشافة دماغة وركوبه غلطه بل وقلة عقله اذ يغامر بحياته من اجل صيد سمكة. ويمكن ان يقال. يا لعظمة ذلك الصياد وقوة ارادته واحترامه لنفسه ويا لجلال المثل الذي يضربه للإنسان الذي يأبى الهزيمة ويفصل احتمال الموت بكرامة على الحياة بانكسار او كما قال الشيخ نفسه :ان الانسان يمكن ان يدمر لكنه لا يهزم .
لقد رأى أدباء العالم وفلاسفتها ممثلين بلجنة الجائزة ان حال ذلك الصياد كان كذلك وانه اختار الأليق بالإنسانية وانه هو من يجب أن يحتذى ويحتفل به وان يُدْرس ويُدَرس للاجيال. غم انه شخصية خيالية ولكنها تجدر ان تكون واقعية. وقد احسنوا صنعاً.
ولكن المفارقة هي أن يحصل في العالم ما هو اعظم مما فعل سنتياغو الشيخ فالإبطال حقيقيون لا متخيلون والمطلب اكبر من كل الأسماك والهدف أسمى من كل الأهداف والعدو أشرس من كل الأقراش ومدة الرحلة أضعاف مدة رحلة الشيخ والمعاناة اكبر والمعانون اكثر فهم شعب برجاله ونسائه وأطفاله والغاية اشرف من كل الغايات الفردية فهي كرامة شعب وحقوق أمة وحمل رسالة. مع كل ذلك لا يحتفل العالم بهم وبجهودهم وجهادهم ومعاناتهم وجراحاتهم وجوعهم وعطشهم. بل ان يتهمهم بالارهاب والوحشية والتطرف.
فيا لسقوط الانسانية الذريع ويا لنفاق حكمائه وفلاسفته ويا للمثل الهابط الذي يضربونه للأجيال ويا للمُثل المنحدرة.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى