بين التطرُّف والإرهاب
بقلم: د. ذوقان عبيدات
في نقاش بين جماعات السوشيل ميديا، استنكر بعض “النتيزيون” وهم فئة تدّعي #الثقافة والمعرفة أن استخدام لفظ #التطرف أمرٌ لا يليق بموقعهم، وعدّوا هذا اللفظ إهانةً لأشخاصهم! وأن الموقع المليء بالتطرّف لا يشعر بأي تطرّف! وهذه طبعًا أبرز خصائص المتطرّفين! وهي الشعور بسلامة موقفهم واعتداله! فلم يرَ إلّا نفر بسيط أن “نزع الأرواح” هي تطرّف ! بل قال أحدهم: نعم ما قاله نزّاع الأرواح صحيح! فالذي يعتدي على هويّة الوطن يجب نزع روحه! هذا ليس تطرّفا، متناسين أنّ القانون فقط هو من يقرر، وليس زعيم حزب المختطِفين! هذا الكلام أجبرني على الكتابة عن مفهوم التطرّف والإرهاب من وجهة نظر علماء مسلمين وليس من وجهة نظر علمائهم!
يقول الدكتور راشد المبارك: إن التطرّف هو الشطط في فهم #مذهب أو معتقد أو فلسفة أو فكر، وتحويله إلى حاكم لسلوك الأفراد ومحاولة فرض هذا الفهم بكل الوسائل! ويقول القاضي اللبنانى الشيخ محمد أبو زيد: إن هناك عوامل مثل الفقر تحوّل التطرّف من وجود بالقوة “نظريًّا” إلى وجود بالفعل”عمليًّا”، وهنا الخطر حيث يتحول التطرّف إلى إرهاب”نزع أرواح، ذبح داعشي، حرق”، فالتطرّف يرتبط بالفكر والمعتقدات، ويبقى المتطرف مشروع إرهاب إذا انتقل من الفكر إلى السلوك.
يقول إدريس عمر: إن التوجّه القرآني كان دومًا يحث على #الاعتدال، وإن التطرّف يرتبط عادة بالانغلاق والتعصب للرأي، ورفض الآخر وازدرائه وتسفيه آرائه، فلا يؤمن بتعدد الآراء وحرية الآخر!! ويقول إدريس عمر: وبمجرد تحول التطرّف إلى سلوك يبدأ تشريع القتل والذبح والتكفير!
وفي تفكير علماء كالنووي وابن تيمية، التطرف هو الخروج عن الوسط والاعتدال، فسواء كنا مع الدين أم ضد الدين بعيدًا عن الوسط فهذا تطرّف!
وقال الجصاص: ما قرب من الوسط ليس طرفًا، والطرف هو ما ابتعد عن الوسط وفي حديث للرسول: هلك المتنطّعون، والمتنطعون هم المتطرفون والمتشدّدون!
ويرى سيدنا علي أن صفات المتطرّف هي: فقد الميزان الصحيح، وكثرة اللجاج والمخاصمة، والتضييق على النفس، والحماقة والعجلة واتباع الهوى وتكفير الآخر! هذه صفات برأيي تسود مجتمعاتنا أفرادًا وجماعاتٍ!
ولكي لا يغضب التكفيريون وأنصارهم أقول: التطرف يميني وقومي ويساري وأمريكي!! هناك تكفير ديني أساس، ولكن هناك تكفير سياسيّ وعلمانيّ .ويقول محمد عايد الجابري: لو كان الزمان ماركسيّا أو عروبيّا لكان معظم منتسبي داعش اليوم مع الماركسيّة، أو مع العروبة، ولاستعاضوا عن التكبير بصرخة ماركسية أو عربية!!
وبعد ذلك ، فإن التطرف ليس تهمة لأحد! ولكي أكون منصفًا في عهد الاختطاف الحالي التطرف ينحاز إلى من يرى مجتمعاتنا جاهلة وحكامنا خونة ماسونيّيون يريدون تدمير الأسرة والهوية، والحقيقة من وراء القصد.