بير مكسور / رامي علاونة

بير مكسور
عانى كثيرا من انقطاع المياه عن القرية، فقرر أن يعيد استخدام البئر القديم الموجود في فناء البيت.
في بداية أيلول، اشترى مجموعة مواسير ومضخّة المانية أصلية، كما أجرى عملية صيانة للمزاريب، فأصبح البئر جاهزا لاستقبال مياه الأمطار.
حل الشتاء وبدأت خيرات السماء بالنزول. كان عودة يتفقد منسوب المياه بفرح بعد كل شتوة، ومع انتهاء الموسم، امتلأ البئر فاستبشر عودة بصيف رطب- لدرجة انه قام بتركيب “بانيو” في الحمام.
كان يوما صيفيا حارا عندما عاد عودة الى بيته من العمل فطلب من زوجته أن تملأ البانيو بالماء والشامبو، فطالما حلم بالاستحمام على طريقة الطبقة المخملية.
أخبرته زوجته أن الخزانات فارغة منذ الظهيرة وأن مياه الحنفية مقطوعة. لم ينزعج من ذلك الخبر فلمثل هذه “الزنقة” وُجدَت الآبار في البيوت.
قام بتشغيل المضخّة ثم صعد الى السطح ليتأكد من تدفق الماء من البئر الى الخزانات.
استغرب كثيرا إذ لم تصل نقطة ماء واحدة، فنزل عن السطح وفتح غطاء البئر الحديدي فكانت الصاعقة!
أخذ يضرب أخماسا بأسداسا، فسألته زوجته عن الأمر.
أخبرها أن البئر “ملعون الحُرسي” فارغا، فأشارت عليه أن يستعين بسلامة (حَفّير الآبار و الحُفَر الامتصاصية في القرية).
ارسل ابنه في طلب سلامة الذي سرعان ما وصل ومعه ما يلزم من عدة للكشف على البئر… بيل أبو أربع بطاريات وحبل ليف.
نزل سلامة الى البئر ثم صعد بعد حوالي دقيقتين.
عودة: ها! شو يا سلامة؟
سلامة: عمّي، هاظ بيرك مكسور من الجهة الغربية.
عودة: يا ميلة بختي! كبير الكسر؟
سلامة: آه كبير- بلا قافية- بفوت فيه جحش!
عودة: شو العمل؟
سلامة: بسيطة، بنصلّح لك اياه.
اتفق الاثنان على أجرة التصليح وطلب سلامة من عودة شراء المواد اللازمة من رمل وإسمنت ليقوم سلامة بإصلاح البئر في اليوم التالي. وبالفعل تمّت عملية الإصلاح، وأكد سلامة لعودة، عندما سأله عن وضع البئر، أنه “عال العال”، وأنه يضمنه لعشرين سنة قادمة على أقل تقدير.
امضى عودة الصيف تحت رحمة الحنفية وسائقي تنكات المياه الى ان جاء الشتاء وامتلأ البئر مرة ثانية بمياه المطر، لكنه خذله للمرة الثانية، فلم يبقى فيه شبر ماء للصيف.
أحضر عودة الخبير سلامة، الذي أخبره بعد الكشف والمعاينة أن الكسر القديم ما زال عال العال ولكن البئر مكسور من الجهة الشرقية هذه المرة.
اشترى عودة المواد اللازمة وقام سلامة بإصلاح الكسر في اليوم التالي.
حل الشتاء و فرح عودة لامتلاء البئر، الذي ما لبث أن خذله للمرة الثالثة عند حلول الصيف.
وكالعادة، أحضر الخبير عودة للكشف، الذي أكد له أن البئر مكسور من الجهة الشمالية هذه المرة و ان الكسر، للأسف، أكبر من الكسرين السابقين، لذلك عليه مضاعفة كمية الرمل والإسمنت هذه المرة.
في اليوم التالي، حضر سلامة لإصلاح الكسر، لكنه استغرب مما رأى.
سلامة: شو هاظ يا زلمة؟ ليش قلّابات الدبش هاي؟
عودة: لقيتله دوا مُغرَبي.
سلامة: و شو هو دخلك؟
عودة: بدي أطمره و ألعن عرضه!
سلامة: طوِّل بالك يا رجل! بنصلَّحه.
عوده: تصلَّح شو يا زلمة! يلعن عرضه! والله لو انه “خزينة” الدولة مهو هيك!!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى