كتب #باسل_العكور
لطالما كانت مدينة البتراء الخالدة مصدر الهام للاردنيين جميعا ، فقبل عقود من الزمن حفر ابناء هذه الارض المباركة في الصخر -بقلب الصحراء القاحلة – مدينة لهم في محيط يعج بالقوى الكبرى الساعية للتوسع والسلطة والهيمنة .
في البدايات ، لم تمنع عظم التحديات و جسامة التضحيات هذا #الشعب_العظيم من المباشرة ببناء دولة حديثة ، لم تمنعهم من الحلم ،من تذليل كل العقبات سعيا لبناء كيانهم السياسي الذي كانوا يريدونه ان يكون مختلفا و متمايزا ، يريدونه واحة امن و استقرار وازدهار و معرفة و حرية، و ملاذا للباحثين عن وطن ، حتى ان هذا الهدف تحول لدى رجالات الدولة آنذاك الى عقيدة راسخة .. #الفشل لم يكن خيارا ،التقاعس والاستسلام والتردد و الخوف لم يكن مقبولا ، فتحول #المجتمع برمته الى خلية عمل و بناء و انجاز ، حتى بتنا نملك جهاز ادارة عامة نباهي به الدنيا ، حتى بتنا نملك #مؤسسات مدنية و امنية تعمل بمنتهى التنظيم والتناغم والدقة والحرفية والفاعلية ، كان #الاردن بقلب ووجدان كل القانطين بهذه البقعة الجغرافية ، فكانت المشاعر الوطنية طاغية الى درجة يمكن تشبيهها بالعدوى التي اصابت الجميع دون استثناء ..فما الذي حل بنا اليوم ؟ و ما الذي تغير ؟ و كيف فرطنا بهذه السهولة والخفة و #بلادة_الاحساس بمئة عام من #البناء و المجاهدة و المجالدة ؟ كيف خسرنا تلك الروحية وبتنا على حافة الافلاس العقدي و القيمي والمادي ؟
بات واضحا ان المطلوب هو ان تفشل تجربتنا ،ان يتبدد الحلم ، ان يكبح طموح المخلصين بدولة عصرية ديمقراطية ناجحة بكل المعايير ، فليس مقبولا ان ينجح مشروع دولة للارادنة ، لن يقبل الراغبون باشاعة الفوضى وخلط الاوراق واعادة رسم حاضر ومستقبل المنطقة ، ان يملك ابناء هذه الارض الطيبة مقومات دولة ناجزة رغم محدودية الموارد والثروات الطبيعية ؟
مشاركون كثر في هذه المؤامرة ، فلقد تغلغل المفرطون الذين يعملون بتوجيه خارجي في مختلف وزارات و دوائر ومؤسسات الدولة ، و انشغلوا بمنتهى الدهاء والمكر بوأد المنجز ، و عملوا على تفكيك البنى المؤسسية ، واقصاء المخلصين من اصحاب الكفاءة والانتماء الوطني ، لقد قام هؤلاء بتبني مرجع معياري غير ذلك الذي تقوم عليه المؤسسات وتقوى ، فلقد باتت الفهلوة والوساطة والتوصية الامنية و الاندلاق اساسا لترقية وترفيع الموظفين الامر الذي تسبب بطرد الكفاءات، و وضع الاشخاص غير المؤهلين في مراكز مهمة وحساسة، وهذا ما ادى لتراجع الحس الوطني في المؤسسات و تسبب بتراجع دراماتيكي في الاداء والخدمة التي تقدم ..،هذه الممارسة الشائهة باتت شائعة في جميع المؤسسات التربوية و التعليمية والصحية والخدماتية بانواعها ،حتى شاخت المؤسسات وتآكلت ادواتها وانعدمت فاعليتها . لقد خسرنا تماما ذلك المحرك وتلك الرافعة ، فما الذي تبقى اذا ؟
ما الذي يراد لنا ؟ و السؤال الاهم : لماذا يشارك ابناء جلدتنا في اسكات الاصوات التي تؤشر على هذا المخطط ،و تفضح مشروعهم الذين يريدون له ان ينشأ على انقاض دولتنا وحلمنا ؟ هل يظن هؤلاء – المنتشرون في مختلف دوائر صناعة القرار وفي مختلف السلطات – ان ما يحققونه من مكتسبات انية سيضمن مستقبلا مشرقا لهم و لابنائهم ؟ ولهؤلاء نقول : ما فائدة كل هذه المكتسبات عندما نصبح بلا وطن ، بلا وطن نحبه و ننتمي اليه ، يعبر عنا ويحمي مصالحنا وحقوقنا و نشعر بانه سكننا وملاذنا و مجالنا الحيوي ، ارجو ان تسألوا انفسكم : ما الذي ستتركونه للاجيال القادمة ؟