اين تتواجد بــؤر صـنـاعـــة «المـعســـل المقـلّـــد» في الأردن

سواليف
على هامش تفجر قضية «الدخان» أثار العديد من المطلعين في قطاع صناعة التبغ والسجائر قضية الانفلات الكبير في صناعة المعسل، والذي يشهد رواجا كبيرا في المجتمع الأردني لا يقل حجمه كثيرا عن قطاع السجائر.
مشاغل تصنيع المعسل تنتشر في العديد من الأحياء، ويمارس صانعو «المعسل المغشوش» أعمالهم في المنازل و الأقبية و المخازن البعيدة عن أعين الرقابة، ليحققوا أرباحا خيالية، حيث تقدر أوساط غير رسمية أن حجم تجارة المعسل في الأردن تتجاوز 150 مليون دينار سنويًا ، في ظل نسبة المواطنين العالية الذين يدخنون الأرجيلة والتي تصل إلى 21 في المئة من السكان، بحسب الجمعية الأردنية لمكافحة التدخين.
خبير في تصنيع المعسل أكد ان هناك بؤرا لصناعة المعسل المقلد تتركز في منطقة الرصيفة ومخيم شنلر وهذه المشاغل بالعشرات داخل المنازل والشوارع الفرعية البعيدة عن الأعين وهي تحرم خزينة الدولة من عشرات الملايين سنويا.

ويشير محمد الصهيبا الى انه يتم صناعة معسل من تبغ رديء وهو يأتي بطرق غير مشروعة (تهريب ) ويتم خلطه بقليل من نشارة الخشب الناعمة مع قليل من (الضلع المفروم) اي العود الذي ينتج من مخلفات إنتاج السجائر وهذا يتم الحصول عليه بسهولة من مكبات النفايات التي يتم فيها إتلاف هذه المخلفات.
حصول مصنعي المعسل على هذه المواد يضع علامة استفهام على دور دائرة الجمارك المسؤولة عن عمليات اتلاف مخلفات مصانع التبغ، حيث يتم تحت إشراف الجمارك.
ويؤكد الصهيبا ان حجم تجارة المعسل في الاردن كبيرة جدا في ضوء انتشار تدخين الأرجيلة بشكل كبير وخاصة بين الشباب وحتى المراهقين والنساء، وهو ما يثبته العدد الهائل من المقاهي التي تقدم الارجيلة والتي تبلغ 383 محلا في العاصمة عمان وحدها.
الصهيبا أوضح أن صناعة المعسل تختلف عن صناعة السجائر لانها لا تعتمد على الماكينات مع ان بعض المصانع لديها ماكينات تعبئة فقط وليست للتصنيع فتصنيع المعسل هو صناعة يدوية و يتكون من تبغ (نوعية خاصة تختلف عن تبغ السجائر) و عسل (سكر +ماء +فركتوز ) و جلسرين بالاضافة الى نكهة حسب الطلب مبينا ان كل 1 كغم من التبغ ينتج من 5 إلى 6 كغم معسل حيث يتم خلط المكونات يدويا وتخميرها داخل احواض، لمدة 10 الى 14 يوم مع تخليطها بشكل مستمر وإضافة كميات من العسل حسب الحاجة.
بعد ذلك يتم وزن المعسل وتعبئته داخل علب بلاستيكية (يتم شراؤها من مصانع البلاستيك المحلية ) ولصق الليبل على العبلة (يتم طبع الليبل في مطابع منتشرة في المملكة بكل سهولة)، واذا كان في علب كرتونية أيضا يتم طباعتها محليا، وبأي إسم تجاري تريد.
ولفت الى انه في حال أخذنا متوسط سعر كغم المعسل في الأردن حوالي 10 دنانير ، أي أن كل كغم واحد من التبغ الذي ينتج من 5-6 كلغم معسل يدر مبالغ مالية من 50 إلى 60 دينارا وإذا ما حسبنا تكلفة إنتاج الكغم الواحد فهي لا تتجاوز 4 دنانير، أي أن العملية مربحة جدا وهو ما شجع على انتشارها.
وقال الصهيبا «انها صناعة مغرية اذا تم صناعتها وتقليدها وبيعها في السوق المحلي وهي أيضا لا تحتاج إلى مساحات وهناجر يمكن تصنيعها في مشاغل صغيرة او في البيوت» .
وشدد على ان خطر نشارة الخشب والعود لانها تطلق أول وثاني اكسيد الكربون بمقادير عالية جدا أعلى من المسموح به عالميا اضعاف مضاعفة .
اختصاصيون أكدوا على خطورة خلطات المعسل المحضّرة دون رقيب للمواد والكميات والنسب المحددة، وقد تستخدم فواكه فاسدة وسكر وعسل منتهية الصلاحية، وقد يتم تحضيرها في ظروف غير صحية خصوصا في ظل إعداد خلطات المعسل دون رقيب للمواد والكميات والنسب المحددة ، وقد توجد بعض الأمور غير القانونية خاصة انه لا توجد رقابة على طرق التحضير والأواني التي يتم فيها التحضير والتخمير، كما أن الصبغات قد تتجاوز النسب المسموح بها وقد يتم تحضيرها في ظروف لا تتوافر فيها شروط السلامة العامة ما يؤثر على صحة الفرد.
مصدر في أمانة عمان الكبرى أكد أن تراخيص محلات الارجيلة داخل حدود الأمانة في تزايد حيث وصل إلى 383 ترخيصا لمقاه شعبية ومطاعم سياحية و(كوفي شوبات)، فيما بلغ عدد محلات بيع لوازم التدخين والمعسل والتبغ 333.
مؤسسة المواصفات والمقاييس أوصت بضرورة تعديل المعادلة التصنيعية للمعسل بحيث يتم إدراج المعادلة الفعلية للتصنيع لإلزام المصنعين بالإعلان عن الكميات الحقيقية للمعسل المنتج وعدم التهرب الضريبي، و منعت بيع المعسل (الفرط) المنتشر في المحلات المخصصة لبيع المعسل لقيام العديد منها بإضافة ألوان ممنوعة ومواد تعسيل بكميات إضافية مخالفة للمواصفة لزيادة كميات المعسل وما ينتج عن ذلك من غش وضرر.
موجات اللجوء التي شهدها الاردن أدت إلى تزايد أعداد الوافدين الذين امتهنوا تجارة السموم، حيث يقومون بتصنيع معسلات الموت ، بمعدات التصنيع البدائية باستخدام السطول والبراميل المعدنية و «البانيوهات» الموجودة في حمامات المنازل والمخازن لتستخدم لخلط المواد الأساسية المستخدمة لتجهيز المعسل من معسلات رديئة ورخيصة السعر وغير مكتملة التصنيع، بإضافة ألوان ونكهات منتهية الصلاحية اليها وهي خاصة بالمواد الغذائية ولا تصلح لاستخدامها في تصنيع المعسل، الذي يستخدم ألوانا ونكهات خاصة مسموح بها عالميا، والتي تدخل الى الرئة محترقة والتي تكلف مبالغ باهظة لشرائها، ويتم استخدام النوع الأول لتوفير قيمة كبيرة من تكاليف مدخلات المواد الأولية للتصنيع.
وامتد التحايل ليطال أنواع وماركات عديدة من المعسل المغشوش التي تم استخدام علامات تجارية معروفة ومشهورة على أغلفتها والتي وصفت بأنها على درجة عالية من التقليد، وقد يشك الخبير في هذا المجال في انها أصلية أو مقلدة، حيث يتم التعبئة في العلب المفرغة وكذلك في أكياس التغليف وورق اللف ومكائن الكبس الحراري وموازين ومكاييل ومكائن تغليف وتجفيف تستخدم في التجهيز، كذلك أفلام مطبوعات تستخدم في طباعة العلب وتزوير علامات تجارية عالمية معروفة.
وتشير الأرقام إلى أن عدد المدخنين في الأردن من البالغين فوق 18 سنة، وصل إلى 23 في المئة، بينما وصلت النسبة إلى 26 في المئة بين اليافعين من سن 13 – 18 سنة، و12 في المئة بين الإناث.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى