انهيار تويتر يطرح سؤالاً: كيف سيبدو العالم بلا إنترنت؟

سواليف

فقد العالم الاتصال بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر” لمدة 3 ساعات، توقفت فيها أعمال كثيرة تعتمد بشكل أساسي على النشر عبر الموقع، خاصة في مجالات الصحافة والإعلام والتسويق والأعمال. تكرر هذه الأعطال في تويتر وشبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهواتف الذكية يطرح سؤالاً واحداً كبيراً هو: ماذا لو انهارت شبكة الإنترنت في كلّ العالم..كيف ستبدو الحياة؟

من أجل محاولة الإجابة عن هذا السؤال لا بد أن ننظر إلى تأثير الاتصال الدائم بالإنترنت على جوانب مختلفة من حياتنا، لنعرف من ثم تأثير انقطاعه وفقدانه التام. فهناك تأثير على الأفراد باختلاف شدة تعلقهم بالحياة الافتراضية، وعلى الأعمال والوظائف المختلفة، وعلى المجتمع ككل من حيث سلوكيات التواصل الجماعي.

من ناحية الأفراد سيختلف التأثير وفقاً لشدة اعتماد وتعلق الفرد بالإنترنت؛ فمن لا يعتمد عليه بشكل أساسي ربما لن يشعر بفرق كبير، وغالباً ما سيكون لديه في الواقع حياة حقيقية سيجدها تنتظره عند انقطاع العالم الافتراضي. لكن التأثير الكبير الذي سيكون مدمراً سيعانيه الأشخاص الذين اتخذوا من الإنترنت مكاناً ووسيلة لبناء حياة موازية افتراضية، على حساب حياتهم الواقعية وعلاقاتهم مع الحيز القريب وتواصلهم المباشر مع الناس، هؤلاء سيقفون أمام حياة افتراضية كاملة اختفت بكل تفاصيلها وناسها وملفاتها وذكرياتها التي حفظت في ذاكرة الشبكة.

أما على صعيد الأعمال فانقطاع الاتصال التام بالشبكة سيحمل معه انهياراً اقتصادياً جدياً، فمنذ أن توغلت شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في حياة الناس، واكبها عالم الأعمال أيضاً، فأصبحت وسيلة لتطوير المشاريع والتسويق لها وتحقيق الانتشار خارج الحيز الجغرافي الأصلي للشركة. وأكثر من ذلك، لم يعد الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي مجرد “وسيلة” للتسويق لمشاريع موجودة على أرض الواقع، بل أصبح المنصة الوحيدة لعدد لا يحصى من المشاريع التي تم إنشاؤها وإدارتها في الحيز الافتراضي كالمتاجر الإلكترونية ومشاريع القنوات الإلكترونية والمجلات والجامعات الافتراضية.

كما أن شركات كثيرة استغلت إيجابيات الاتصال بالإنترنت وسهولة التواصل بين البشر لتوفير كثير من فرص العمل عن بعد، فأصبحت مهن كثير من الناس ووظائفهم تعتمد على اتصالهم بالإنترنت، ومن ثم فإن فقدان الاتصال سيفقد عدداً هائلاً من البشر مصادر رزقهم، ويضطرهم إلى العودة للبحث عن الوظائف التقليدية في حيزهم المكاني القريب، فبدلاً من إرسال السيرة الذاتية عبر البريد الإلكتروني لمكان العمل، سينزل الناس ليجوبوا الشوارع بحثاً عن وظيفة.

أما على الصعيد الاجتماعي العام قد يكون فقدان الاتصال سبباً لإرجاع التواصل الإنساني المباشر بين الناس أنفسهم ومحيطهم القريب؛ أي أن يحث الناس على التحدث أكثر معاً وزيارة بعضهم بعضاً ووضع هواتفهم وأجهزتهم جانباً. وربما سيهتمون أكثر بتوثيق ذكرياتهم بالطرق التقليدية كالتصوير الفوتوغرافي وطباعة الصور، وكتابة المذكرات.

إلى جانب ذلك قد تعود الثقة بالورق بعد أن فقدت، فلو تذكرنا معاً كانت الكتابة هي وسيلة الحفظ الأولى التي استخدمها الناس بديلاً لذاكرتهم المحدودة وطريقتهم لتخليد التاريخ وتوريثه لجيل وراء جيل، لكن ذاكرة الحاسوب أصبحت أكثر إغراءً وسعة، وظاهرياً، أكثر أماناً.

لكن رحلة الحفظ لم تتوقف هنا، فالاتصال بالإنترنت وفر ذاكرة جديدة للناس، أكثر سعة ومنالية من أي مكان بغض النظر عن وجود الجهاز الأصلي من عدمه، وجاء ذلك عبر برامج مثل “جوجل درايف” و “آي كلاود” وبرامج أخرى عديدة تمكنك من حفظ الملفات والذكريات في فضاء الإنترنت. وعليه، إن انقطع العالم عن الإنترنت للأبد، سنعود لنثق بالورق مجدداً بعد أن كاد يغيب عن مكتباتنا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى