الهروب من تنفيذ القرارات إلى حكومة التنظيمات

الهروب من تنفيذ القرارات إلى حكومة التنظيمات

د. فايز أبو شمالة

كانت زفة عريس؛ عشية انعقاد جلسة المجلس الوطني قبل تسعة أشهر من هذا التاريخ، رقص المجتمعون في رام الله، وهتفوا لحركة فتح، ولقدرتهم على التئام شملهم على فكرة عقد جلسة مجلس وطني، وصفوها بالعلاج الشافي للأمراض الفلسطينية، وأنها الخطوة الصائبة على طريق تحرير فلسطين، والخروج من تيه الانقسام، ومواجهة غول الاستيطان.

كانت زفة عريس، عشية انعقاد جلسة المجلس الوطني بمن حضر، وسحقاً لمعارضة المعارضة، واحتجاج المحتجين، ليعلن السيد محمود عباس في يوم الخميس، وبعد انتخابه رئيساً لدولة فلسطين، إن الرواتب للموظفين والمستحقات في قطاع غزة سوف يعاد صرفها غداً، مؤكداً بأن تأخر صرفها قد حدث لأسباب فنية.

فأين غداً يا أعضاء المجلس الوطني؟ أين غداً يا أيها اللاهثون خلف تشكيل حكومة منظمة التحرير؟ وهل حقاً عجزت وزارة المالية عن معاجلة الأسباب الفنية التي تحول دون صرف رواتب موظفي غزة بعد تسعة أشهر؟ وهل يصدق الموظف الصابر ما يروجه بعض المسؤولين عن زيادة نسبة الصرف لهذا الشهر، ام أن هذه تصريحات لا تقدم ولا تؤخر؟

من يكذب على المواطن يكذب على الوطن، ومن يخدع المواطن في قضاياه اليومية، يخونه في قضاياه القومية، ومن يتلاعب في المهمات الصغيرة، يقل دينه في القضايا الكبيرة، ومن يتجاهل تطبيق أبسط القرارات، يغمض الطرف عن أعقد القرارات، والتي لم يطبق منها شيء بعد تسعة أشهر، وسأذكر على سبيل المثال عدة قرارات وردت في بيان المجلس الوطني، وأتساءل كغيري من أبناء الشعب الفلسطيني عن الأسباب التي حالت دون تطبيقها:

1ـ أن الفترة الانتقالية التي نصت عليها الاتفاقيات الموقعة في أوسلو والقاهرة وواشنطن، بما انطوت عليه من التزامات، لم تعد قائمة.

2ـ أن علاقة شعبنا ودولته مع إسرائيل، هي علاقة تقوم على الصراع بين شعبنا ودولته، وبين قوة الاحتلال، ويدعو إلى إعادة النظر في كافة الالتزامات المتعارضة مع ذلك.

3ـ كلف المجلس اللجنة التنفيذية بتعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 67 وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان.

4ـ وأكد المجلس على وجوب تنفيذ قرار المجلس المركزي في دورتيه الأخيرتين بوقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله والتحرر من علاقة التبعية الاقتصادية التي كرسها بروتوكول باريس.

5ـ يؤكد المجلس على الأولوية الملحة لإنجاز إنهاء الانقسام البغيض مؤكداً على وحدة أرض دولة فلسطين في غزة والضفة بما فيها القدس الشرقية

من حق الشعب الفلسطيني أن يكون واعياً ومنتبهاً، لا أن يكون غبياً مغيباً، وبالتالي نحن نتساءل: طالما لم يطبق أي قرار من القرارات السابقة، لماذا تشغلون الناس باجتماعات ولقاءات ومؤتمرات بلا قيمة سياسية، وبلا أثر عملي، ومن ثم تعاودون اليوم إشغال الناس بتشكيل حكومة منظمة التحرير، التي لم يطبق من قرارات مجلسها الوطني شيء بعد مرور تسعة أشهر؟ وإلى متى هذه المسخرة السياسية، والسخرية الحياتية من الناس،؟

الشعب الفلسطيني بحاجة إلى ثورة على النفس والشخص والرمز والولاءات التنظيمية والأكاذيب التاريخية، علينا أن نثور بوعينا، وأن نتحرر من الانقياد الفكري والسياسي للأشخاص والأسماء والمواقع والمناصب والمصالح قبل نعمل على التحرر من الاحتلال الإسرائيلي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى