النصف الآخر من لوح #الشوكولاتة / #يوسف_غيشان
صديق، بعث لي رسالة على بريدي الإليكتروني يذكر فيها قصة حدثت معه، أو ربّما تكون مجرد فكرة خطرت في باله. وقد طلب منّي الصديق استخدامها في مقال، يعني سرقة خيال الرجل بموافقة منه، ولم أستطع ذلك، لكنّي لن أذكر اسم الصديق، لأنّي لا أعرف مدى رغبته في التعريف بحاله.
يتحدث الصديق، الذي قد يكون أيّ واحد منا، يتحدث بما معناه، بأنه نشأ وترعرع في الهزيع الأول من طفولته المبكرة، على نواهي وأوامر الآباء والأمّهات التي تحذرهم من قبول أيّ شيء من الغرباء، ولا بأس بالمرور على قصة الكف الأسود و ” أبو رجل مسلوخة “، و “أبو عورش “، وما شابهها من أقاصيص التخويف، حتى لا يتعامل الأطفال مع غرباء، من الممكن أن تكون نواياهم عاطلة.
المهم، يقول الصديق بأنه تعرّض الى إغراء من رجل غريب عرض عليه لوح شوكولاتة، وهذه هدية أكبر وأجلّ من ثمينة ومذهلة وعظيمة، وكافة أفعال التفضيل. راودت الصديق نفسه على قبول لوح الشوكولاتة، في أن يأخذه من الغريب متجاوزاً المحرّمات والنواهي والأوامر:
- يأخذه، لا يأخذه، يأخذه، لا يأخذه، يأخذه، لا يأخذه، يأخذه، لا يأخذه، يأخذه، لا يأخذه، يأخذه، لا يأخذه، يأخذه، لا يأخذه، يأخذه، لا يأخذه،.. يأخذ نصفه.
هكذا يحتال على الأوامر والنواهي ولا يخرقها تماماً، وهذا ما حصل، تناول لوح الشوكولاتة، قسمه إلى نصفين، أخذ النصف وأعاد النصف الآخر للرجل الغريب .. و يا دار ما دخلك شرّ .. يقول الصديق ، بأنه ما يزال حتى الآن يفكر في نصف لوح الشوكولاتة الآخر الذي أعاده للرجل ، و أنه مستعدّ لأن يدفع مبالغ طائلة مقابل الحصول على ذلك النصف .
الحكمة التي يضعها الصديق، في نهاية القصة، تقول بأنّ على الإنسان أن يتخذ الموقف كاملاً، بأن يكون مع أم ضدّ، وأنّ الآراء المتوسطة والمحايدة في المواقف الكبرى هي مواقف واهية وضعيفة وركيكة، وبأنّ أسوأ الأماكن وأشدّها حرارة وعذاباً، في جهنم، محجوزة لأولئك الذين لم يتخذوا موقفاً في الفترات المفصليّة.
وهكذا، تنتهي قصّة الصديق، التي لم أفعل بها، سوى أن نقلتها لكم بلغتي الحلمنتيشيّة، فقط لا غير!
وتلولحي يا دالية