المدرسة والعودة إلى الفرح / سعيد ذياب سليم

المدرسة والعودة إلى الفرح
سعيد ذياب سليم

غدا سنعود إلى مدرستنا، سنقف في ساحتها، نحيّي العلم، ونردد النشيد الوطني، سندخل إلى غرفها الصفية، نَسُفّ الغبار أولا ثم نبدأ الرحلة، نحمل أقلامنا الخاصة بالكتابة على السبورة البيضاء، نوفرها بما تيسر لنا من جهد شخصي، ونوزع وقت الحصة بين ترتيب المقاعد، إزالة الأوراق المتناثرة، فهي أول ما تجذب عيني الزائر! ثم مقدمة لإحياء المعلومات الأساسية في أذهان الطلبة، ونبدأ البحث عن أسلوب يجذب الانتباه ، في صراع بين التعليم التقليدي و الحديث الذي يعتمد على الوسائل العصرية.

غدا سنقف في غرفنا الصفية التي تكاد تخلوا من وسائل ندفع بها عنّا حر الصيف و برد الشتاء، مقاعد نطمئن لبرودتها صيفا إلى أن يصبح الجلوس عليها نوع من المعاناة شتاء، نواجه ضجيج الطلبة الذين يرفعون عقائرهم به احتجاجا على واقع كئيب.

تستقبلنا عيون الطلبة بين ذهول وفضول و تحدي، يستمعون كلماتنا، يلتقطون ما نكرر من جمل نرددها كلازمة لشخصية سينمائية، ينحتوا لنا منها ألقابا طريفة، بين أيديهم أقلامهم الملونة ، يرسمون بها أحلامهم، يحتضنون كتبهم و دفاترهم، يتطلعون إلى مستقبل أفضل، تعلو الضحكات بين الحصة و الأخرى، يتلاحقون في الاستراحة، يمارسون حقهم في الحياة، معبّرين عن حاجاتهم للانطلاق، و تلمّس الحرية، مدفوعون برغبتهم في التجربة و الاكتشاف والتعلم.
هل من جديد في أساليبنا التعليمية؟ ماذا أضافت إلى أفكارنا عطلتنا الصيفية؟ أم سنكرر أنفسنا مرددين جملا تآكل مخزونها في أذهاننا؟

سنكتب على سبورة الصف ملاحظاتنا، ونطلب منهم تدوينها على دفاترهم، لينظروا إلينا بوجل، فكيف يطوّعون تلك الأيدي؟ التي احتارت بين الكتابة على ألواحهم وهواتفهم الذكية، بطريقة مرنة وخط رقمي جميل ، والطريقة اليدوية، بالقلم و الورقة، تحد آخر يحول دون ذلك، عندما تصعب رؤيا كتاباتنا من أماكنهم، ولا يستطيع البعض منهم اقتناء نظارة تعالج قصر النظر، فيجهدون أنفسهم ويعاملون مشاكلهم الخاصة بصمت، لينعكس ذلك على استيعابهم، ونفورهم من المادة والمعلم و ربما المدرسة.

غدا سنقف في حيرة من سلوك البعض، إن كان مظهرا لمشكلة اجتماعية نفسية، أو هي محاكاة لشخصية من أحد المسلسلات المعرّبة، والتي دخلت علينا غرف معيشتنا دون استئذان، هل سنطرح الأسئلة المناسبة لكشف ذلك؟ أم سنسكت عنها خوفا من ضياع وقت الحصة ونكتفي بنهرهم !
سيجمعنا فضاء المدرسة الرحب، منطلقين في رحلتنا التعليمية، متلمسين جمال المكان ونظافته، باحثين في ما توفر من مصادر تعليمية، من مكتبة ذات الإصدارات القديمة من الكتب، والتي لم تعد تناسب العصر، ومختبر الحاسوب ذو الامكانات المحدودة، وشبكة الانترنت المخنوقة، مما يجعلنا في مواجهة بين المدرسة في الفضاء الواقعي و الافتراضي.

غدا سنواجه عادات الطلبة التي اكتسبوها في إجازتهم الطويلة، سنحول بينهم وبين هدوء حياتهم، ساعات نومهم الطويلة، أوقات فراغهم، تحيط بهم وحوش الواجبات البيتية، فهذه تمارين يجب حلها، وكلمات عليهم حفظها، وتقارير يجب كتابتها، ودروس عليهم التحضير لها.
غدا سنعود للفرح، و أي فرح ! نطارده في ساحات المدرسة أثناء المناوبة، وعلى الأسوار، و في الطرق المؤدية إلى المدرسة، و أماكن لا تخطر على ذهن أحد، نقاوم المظاهر السلبية، لنشكّل جيلا يصنع المستقبل و يحمل الأمل مقبلا على الحياة ، رغم صعوبة الظروف.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى