المتلاعبون بالعقول
د. هاشم غرايبه
بعد أن زالت #الغشاوة عن #العيون، والتي صنعها الإعلام التضليلي المحترف، وانكشف زيف #مسرحية ( #الإرهاب الإسلامي)، وتبين أن #التلاعب بالعقول وقلب الحقائق وتزوير الأحداث أصبح أهم سمات التقدم في تقنيات الوسائط المتعددة الأحدث تطورا في القرن الحادي والعشرين، أصبح من واجب أولي الألباب أن يعيدوا سرد الأحداث الماضية بحقيقتها، ويبينوا أوجه الخداع والتضليل.
في خضم تغييب العقل الناقد وإحلال الفوضى العقلية خلال الفترة التي سميت بالحرب على الإرهاب، علينا مراجعة أحداث جرت، لم يكن مقنعا نسبتها الى تنظيم القاعدة الذي ضُخّم بدرجة جعلته ماردا خرافيا له اذرع في كل بلاد العالم، بينما هو في الحقيقة عبارة عن ثلاثماية مقاتل مزودين بأسلحة خفيفة تخفّوا في كهوف “تورا بورا” في أفغانستان، وبعد إلقاء آلاف الأطنان من القنابل، وتجريب كل الأسلحة الحديثة، شهورا طويلة، استشهد منهم ثمانين، اما الباقون فقد تفرقوا أفرادا ومجموعات صغيرة، اختفوا في المناطق الوعرة غرب الباكستان، وأغلبهم التحق بصفوف طالبان.
الخيال الهوليودي للمخابرات الأمريكية، تفتق عن فكرة وصم الإسلام بالإرهاب، بتأسيس صورة مفتراة عليه تماثل تلك التي في #الذهن الصليبي الحاقد، وأسموه “تنظيم الدولة الإسلامية”، وجعلوا جل أعمالها نسف الأسواق وقطع الأيدي والرؤوس ورجم النساء السافرات، وبدأت في العراق بهدف وصم مقاومي الإحتلال (السنة) بالإرهاب.
ولكي تصبح واقعا ملموسا، أُخرج من السجون العراقية من تمكنت المخابرات من تجنيدهم، وسلموهم منطقة الموصل، ثم تم توسيعها لتشمل منطقة الجزيرة السورية، لوصم الثوار السوريين (السنة) بالإرهاب أيضا، وأطلق عليها في الإعلام الغربي مسمى (الدولة الإسلامية ISIS=) كون هذا المسمى مكروه في الذاكرة الغربية، ولكنه ولأنه يقترن بالتمجيد عند المسلمين أطلقوا عليها بالعربية مسمى (داعش).
شهدت أعوام 2004 و 2005 قمة الأعمال الشنيعة المنسوبة لهذا الغول المصنوع، وذلك للحاجة لترسيخ صورة الإرهاب المنسوبة له، فنفذت عدة عمليات موزعة بانتظام على أماكن مختلفة في العالم، ولسذاجة الناس، فكان الإعلان عن تبني هذه العمليات من قبل هذا التنظيم كافيا للقول بأن الإسلاميين المتطرفين هم من نفذوه، رغم أنه لم يعلن فعليا أي شخص مسؤوليته عن أية عملية، إذ دائما يعلن ان المنفذ انتحاري، او يقال أنه قتل أثناء اعتقاله.
سألقي الضوء على عملية كانت برأيي الأهم كونها حققت عدة أهداف معا، وهي تفجيرات في ثلاث فنادق في عمان عام 2005، حيث كان تعاطف الشعب الأردني- الفلسطيني هو الأعظم مع المقاومة العراقية ومع الجهاديين الإسلاميين عموما، لذلك كانت العملية مرتبة بشكل متقن، مصحوبة بحملة اعلانية مركزة، وكان المطلوب عملية واحدة فقط، لأنها ان تكررت ستحدث بلبلة أمنية خطيرة على الكيان اللقيط – الجار اللصيق.
يبدو أن المخططين اختاروا حفل عرس لإيقاع أكبر عدد من الضحايا، واستهدفوا فندقا ثانيا مغمورا بمتفجرة صغيرة للتمويه، لكنهم أضافوا للقائمة فندق “حياة” عندما اكتشفوا أن “مصطفى العقاد” موجود فيه برفقة ابنته.
مصطفى العقاد هو مخرج سوري، وربما العربي الأشهر عالميا كونه أخرج فيلم “الرسالة” الذي أضر كثيرا بالدعاية التحريضية الغربية ضد الإسلام، وأوصل الإسلام بمعناه الحقيقي الى الغرب، ولما أتبعه بفيلم عن عمر المختار، أصبح هذا المخرج على رأس المستهدفين، زاد في العداء له نيته في انتاج فيلم عن صلاح الدين، فحاصروه وضايقوه بأيدي أتباعهم العربان.
وقد رأيته في مقابلة عام 2002 يتحدث عن الضغوط التي تمارس عليه للتخلى عن حلمه ذاك، وتنبأ بأنهم قد يلجأوا الى اغتياله إن لم يستجب لهم.
بالطبع لا يمكن تأكيد أن مقتل العقاد رحمه الله كان صدفة أو مدبرا، طالما أن المشتبه بهم هم ما زالوا في موقع القرار، ومن غير المتوقع أن يدين هؤلاء أنفسهم، لذلك فإن كشف الحقيقة منوط بأن يصحو ضمير أحدهم فيعترف، لأنه لا يوجد في العالم الآن قطب ثان يحتمي به من يجرؤ على معاداة شيطان الإنس الأكبر (أمريكا) أو مخلبه القذر (الكيان اللقيط)، ولا من بلغت به الشجاعة لاستقصاء الحقائق وكشف التضليل الهائل المصاحب لمسرحية الحرب على الإرهاب، فقد وضع بند في كل قوانين الدول يعتبر ذلك دعما للإرهاب…فهل من قمع فكري لطمس الحقيقة أكثر من ذلك!؟.