الكرة في ملعب صانع القرار

#الكرة في #ملعب #صانع_القرار

بقلم: محمد يوسف الشديفات

تتوالى الاضطرابات التي وضعت مؤخراً اسم الاردن في دائرة الضوء العالمية، والتي وعلى ما يبدو ان قيام مجموعة العمل المالي بإدراج الاردن على قوائم غسل الاموال وتمويل الإرهاب لن يكون آخرها، مستهدفة مكانة الاردن وسمعته الاقليمية والدولية، وبالرغم من ان هذه الاضطرابات والتحقيقات قد لا يكون لها تأثيراً سلبياً مباشراً على حيوية الدولة الاردنية في القريب المنظور، الا انها وبدون ادنى شك ستترك أثراً بالغاً على خريطة تحالفات الاردن الاستراتيجية.

ردود أفعال الاردن الرسمي وكما جرت العادة تظهر على استحياء، بيانات مقتضبة هنا وتصريحات متضاربة وغير مفهومة هناك، الهدف منها كسب المزيد من الوقت حتى يفتر الحديث عن هذه القضية او تلك، وبالتالي يصبح التعاطي معها مضيعة للوقت، وهو ما أوصل صانع القرار الى الاقتناع التام بأن هذه الاستراتيجية هي الأمثل لاحتواء الازمات العابرة، داخلية كانت ام خارجية.

مقالات ذات صلة

ان هذه الاستراتيجية التي من الواضح ان صلاحيتها قد شارفت على الانتهاء، لم تكن لتفلح لولا الدور الاساسي الذي كان يلعبه الاردن على مستوى الإقليم، فلقد كان الاردن – بحكم موقعه الجيوسياسي – بوابة العرب العلنية للتعامل مع اسرائيل وما يتصل بها من السياسات الامريكية المتعلقة بالمنطقة، وكان الاردن أيضاً خزاناً استخباراتياً وعسكرياً لمكافحة الإرهاب بما ملكه من قدرات ومعلومات ساهمت منذ زمن ليس ببعيد بجعله قبلة الباحثين عن استقرار الإقليم ونزع فتيل أزماته، الى ان تم استنزاف اوراق الضغط التي كانت بيد الاردن، واستحداث بدائل إقليمية أقل كلفة وأكثر مرونة.

الاستنزاف الذي وبكل أسف أعاد ترتيب المنطقة بصورة يندى لها الجبين، لم يكن ليحدث على الاقل بالسرعة التي حدث بها لو واكب التركيز على قوة ومكانة الاردن الاقليمية، مع قوة وتماسك جبهته الداخلية، فالداخل هو من يرفد الخارج ويعززه، سياسياً وأمنياً وعسكرياً واقتصادياً، لكن ومن اجل التفرد بإدارة المشهد بجميع مستوياته، تم تمييع الجبهة الداخلية وتشويهها وضرب اساساتها، وتحييد رجال الدولة حيناً، والتضييق عليهم حيناً آخر، والاستعانة “بالمتردية والنطيحة” لإدراة ما تيسر من شؤون الدولة، الى ان نضب معين الكفاءات التي نتكئ عليها، والى ان وصلنا الى الحال التي وصلنا اليها اليوم!!

الحلول التقليدية لن تجدي نفعاً، لأن الازمات القادمة لن تكون تقليدية، ولن تمنحنا ترف الوقت الذي اعتدنا عليه، كما ان التعامل معها يحتاج إلى سياسيين من العيار الثقيل، دورهم الاساسي يجب ان ينصبّ على استعادة الثقة بين الشارع وصانع القرار مهما كلّف الأمر!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى