.. في مناخات الاستعلاء و التجبّر ، و سوء استعمال السلطة ، بمختلف مستوياتها و مواقعها .. تجد سياسة القمع ! تمارسه الدول و الأفراد .. فهل طالك القمع يوماً و ذقت مرارته .. أم هل مارسته يوماً ، و أخذتك نشوته !
تقمع الحكومات مواطنيها .. فلا تجد رأساً يرتفع عن الرؤوس .. و لا تسمع صوتاً يعارض أو يخالف .. و الحال أن السيّد المستبد يريكم ما يرى ..
و يقمع المدير موظفيه ، والعاملين في إدارته و مؤسسته .. فلا أحد يناقش قراراً .. أو يعرض رأياً مخالفاً .. اتقاء سطوة المدير و انتقامه ..
و يقمع الزوج زوجته ، فلا رأي و لا نقاش من امرأة .. و تأبى الرجولة الاستماع أو المناقشة ، حفاظاً على رجولة منفوخة بالعجب و الغرور
و يقمع الأب أبناءه .. فهو الآمر الناهي في البيت ، و ما على الأبناء و البنات إلا التسليم و الطاعة .. تحت ستار طاعة الوالدين .. و لو كان رأي الأب مجانباً للصواب ..
و يقمع المعلم .. و الاستاذ في الجامعة طلابه ، كونه الذي يمتلك خزائن المعرفة و مفاتيحها .. فلا أحد يناقش رأياً أو مسألة .. و ما على الطالب إلا أن يتلقّى و أن يكتب و أن يحفظ .. دون اعتبار للحقيقة العلمية أو الرأي الشخصي الذي يختلف فيه الناس ، كون ذلك من سنن الكون و الحياة .. فيخرج لنا جيل أو أجيال واجبها أن تحفظ و أن تؤمّن و تسبح بما يقوله ” الاستاذ” فخسرنا العقول الحرّة المفكّرة .. و صرنا نتناسخ أجيالاً هزيلة ذليلة .. منهجها سمعت .. و قال فلان و قال علان ..
و الويل لمن يعارض شيخه او استاذه ، حتى في معاهد العلم و الدراسات العليا ..
و تسألني يا صديقي ، لماذا نحن متأخرون عن أمم الارض .. و لماذا نحن لا نسهم في الحضارة الانسانية اللهم الا .. الاستهلاك و مضغ الكلام و رواية الأشعار ..
اعطني يا صديقي مناخا للحرية و انظر كيف سينطلق الابداع و التفمير من اعتقاله ..
ارفع ” سوط” الاستبداد في كل مجالات حياتنا ، و انظر كيف تنطلق الطاقات و تدور عجلة التقدم ..
فالأمّة التي تمارس القمع .. و الناس الذين يمارسونه أو يشتهونه
لن تتعدى دائرة اهتمامهم و نشاطهم الحصول على رغيف خبزهم .. حتى لو كان مغموساً بما ذلّهم .. و يصبح للذل و الصمت أعلى مراتب الفضيلة .. و السلامة
و إذا كان الصمت من فضة ..
فالكلام من ذهب ..
– أحمد المثاني –