
من #بصمات #وصفي_التل على #صفحات_الوطن . . !
#موسى_العدوان
كان لوصفي التل رئيس الوزراء الأردني الأسبق، بصمات واضحة في مختلف الساحات الأردنية. من بينها . . أن قام دولته في عام 1963، بزيارة إلى مدينة الخليل في الضفة الغربية. وكان برفقته قائد الجيش المشير #حابس_المجالي وعدد من الوزراء. وعندما اجتمع بالمواطنين هناك، عرض عليه رئيس البلدية محمد الجعبري، إحدى مشاكل أهالي #الخليل قائلا :
” أهالي الخليل عطشانين، ولا يوجد عندهم ماءً للشرب يا أبو مصطفى “.
فالتفت وصفي إلى عمر عبد الله دخقان مسؤول المياه في #الأردن، الذي كان يرافقه في تلك الزيارة وقال له : ” يا عمر . . فيه بئر مياه بالقرب من مخيم الفوار جنوب الخليل. فردّ عليه عمر : نعم أبو مصطفى . . البئر ممتاز وبه مياه عذبة، ولكنه مغلق.
فالتفت وصفي إلى حابس باشا وقال له :” يا أبو سطام . . شاهدت شمال العقبة مواسير سريعة الربط، خلّي هندسة الجيش تُحْضر المواسير لهذه المنطقة، وبدي الخليل تشرب من #مياه_الفوار خلال أسبوع “. وبالفعل، قام سلاح الهندسة بجلب المواسير وتوصيلها ببعضها لمسافة 30 كيلومترا، وشربت الخليل من مياه الفوار خلال أسبوع من تاريخه.
وعلى الصعيد الشخصي . . ففي أوائل عام 1971، كنت قائدا لكتيبة الحرس الملكي الأولى، مسؤولا عن أمن مؤسستي الإذاعة والتلفزيون الأردنيتين في منطقة أم الحيران. وفي أحد الأيام اتصل معي مدير الإذاعة السيد عبد الرحيم عمر، وأبلغني بأن رئيس الوزراء وصفي التل وقائد الجيش حابس المجالي سيحضران إلى الإذاعة.
فحضرت إليه واستقبلناهما سويا، ودخلنا جميعا إلى مكتب مدير الإذاعة. لم أعلم القصد من هذه الزيارة، واعتبرتها زيارة روتينية لإحدى مؤسسات الدولة الهامة.
طلب وصفي من مدير الإذاعة، إحضار الملحّن جميل العاص وأجلسه معنا. ثم قال لمدير الإذاعة سمعّنا الأغنية، لنعرف كيف لحّنتموها. فانطلق صوت الفنانة سلوى العاص من خلال المذياع المحلي يصدح بأغنية :
اتخسا يا كوبان ما انته ولف إلي * * ولفي شاري الموت لابس عسكري
يزهي بثـوب العـز واقـف معتلي * * بعيون صقر للقنص متحضري
نشمي شديد الباس سيفه فيصلي * * مقدام باع الروح لله المشتري
وبينما كان وصفي يستمع لهذه الأغنية الحماسية، ويسجل ملاحظاته على ورقة لتلك الأغنية التي كان قد نظم كلماتها الزعيمان الحاضران وصفي وحابس، رفعا لمعنويات المواطنين والعسكريين، في تلك الظروف الحرجة، التي كان يمر بها الوطن.
بعد انتهاء من سماع الأغنية، أخذ وصفي يُبدي ملاحظاته الفنية، ويعطي إرشاداته إلى جميل العاص، حول استخدام الآلات الموسيقية وارتفاع أو انخفاض صوت الفنانة في أداء الأغنية قائلا : ( قرّب الآلة كذا على الميكرفون . . ابعد الآلة كذا . . أضف الآلة كذا للمجموعة . . خلّي الفنانة ترفع الصوت في الموضع كذا . . وتخففه في الموضع كذا . . ). ثم طلب إعادة سماع الأغنية بعد التعديل عدة مرات، إلى أن أخذت الصيغة النهائية التي رضي عنها الزعيمان.
جرى هذا أمامي وعلى مسمعي، وأنا أراقب هذا العمل مشدوها بما يجري . . رئيس وزراء معني بالعمل السياسي والإداري . . يصحح عمل فنان مخضرم . . كان هذا شيئا عجيبا بالنسبة لي. وتذكرت في هذه اللحظات، عندما نسّبني قائد كتيبتي الشريف زيد بن شاكر آنذاك، مرافقا لرئيس الوزراء وصفي التل عام 1963. ولكن قائد الجبهة الشرقية الذي كانت الكتيبة مرتبطة به، رفض ذلك التنسيب. فشعرت بأنني قد خسرت تعلم الكثير، بحرماني من العمل بوظيفة طالما تمنيتها بقرب رئيس وزراء عظيم.
هذا هو #وصفي_التل كما عرفناه على سجيته، وعلى طبيعته التي جُبل عليها من بداية حياته، رجلا وطنيا، حكيما، شجاعا، وجريئا باتخاذ القرارات الصائبة. فخدم الأردن وفلسطين وشعبيهما خلال توليه الحكم، وأنصف المظلومين، وأحرق ملفات المتهمين، في دائرة المخابرات العامة، وكان نصيرا للضعفاء وداعما للطامحين بالتطور والتقدم، ارتقى بالحكم إلى مرتبة النزاهة والشرف.
وختاما اسأل : هل بقي هناك من يسأل : لماذا تحبون وصفي التل ؟ وتحتفلون بذكراه وإحياء سيرته كل عام على مر الزمن ؟ وإجابة على هذا السؤال أقول : هل هناك من هو أحق من وصفي في الاحتفال بذكراه العطرة؟ رحم الله الشهيد وصفي التل وحابس المجالي ورفاقهما، وأسكنهم فسيح جناته، مع الأنبياء والصديقين وحسُ ذلك رفيقا . . !
التاريخ : 25 / 11 / 2025




