نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا للصحفية هبة يزبك قالت فيه إن #الاحتجاجات الكبيرة اجتاحت #الأراضي_المحتلة في #فلسطين في شهر أيار/ مايو الماضي، مع احتدام #الحرب في #غزة واشتداد الاشتباكات بشأن وصول الفلسطينيين إلى #القدس.
ونقلت الصحيفة شهادة عن يوسف إبراهيم الساكن في مدينة حيفا، والذي شارك في كل المظاهرات في المنطقة تقريبا.
وعلى مر السنين، كان للناشط والمنظم من قرية دبورية، وهي قرية عربية تقع شمالي الأراضي المحتلة، نصيبه من المواجهات مع #عملاء إسرائيليين سريين ينتحلون صفة المواطنين العرب، والذين يُعرفون باسم مستعرفيم بالعبرية أي #المستعربين.
في السابق، كان للعملاء تواجد شبحي، محسوسون أكثر من كونهم مرئيين، لكن هذه المرة، أرسل الناشطون مثل إبراهيم، جنبا إلى جنب مع المنظمات القانونية، تحذيرات على مجموعات “واتساب” و”تلغرام” لزيادة الوعي حول وجود هؤلاء العملاء – وتعليمات حول كيفية تجنب القبض عليهم.
وعلى عكس الماضي، عندما كانوا يهربون من المستعربين، بدأ إبراهيم وزملاؤه النشطاء في مواجهتهم بشكل علني وحتى الاشتباك المباشر مع العملاء، على حد قوله. قد يعني التحول في ديناميكية القوة أن هؤلاء العملاء ليسوا بنفس القوة التي كانوا عليها من قبل.
يتذكر إبراهيم قائلا: “سار الأقوى منا في الصف الأمامي”، ممسكين بأيديهم لحماية الآلاف الذين ساروا خلفهم في مظاهرة حيفا في أيار/ مايو 2021. ويكمل قائلا: “ثم انطلقت قنابل الصوت والرصاص المطاطية. لقد سحبوا فتاتين ورجلا بعيدا، لكننا تمكنا من سحبهم مرة أخرى. كان الأمر صعبا لكننا فعلنا ذلك”.
المستعربون هم عبارة عن وحدات عمليات خاصة نخبوية مكونة من مجندين يهود وبدو ودروز طورتها أجهزة المخابرات العسكرية الإسرائيلية. وداخل الأراضي المحتلة، حيث يخضع المواطنون الفلسطينيون للقانون المدني بدلا من القانون العسكري المطبق في الضفة وغزة، يقوم العملاء بجمع معلومات استخبارية بما في ذلك مراقبة الاحتجاجات لتحديد المنظمين والوجوه المتكررة.
ويتمتع المستعربون أيضا بسلطات إنفاذ القانون، وفي السنوات الأخيرة أصبحوا مشهورين بقيامهم باعتقالات يتسلل خلالها عملاء يرتدون ملابس مدنية إلى حشد ثم يختطفون فجأة أحد المشتبه بهم.
ووفقا لعصمت عمر، الخبير الفلسطيني في الشؤون والاستخبارات الإسرائيلية، فإن أحد أهداف هذه الوحدات هو خلق جو من عدم الثقة والخوف والبارانويا بين المتظاهرين “لأنك لا تستطيع حقا معرفة ما إذا كان هذا الشخص بجوارك [في مظاهرة] متظاهرا آخر مثلك، أو عميلا سريا يمكنه اختطافك في أي لحظة أو سحب سلاح عليك”.
يقول ناشطون ومحامون وشباب فلسطينيون إن نشر المستعربين ضد أقلية عرقية معينة في بلد ما هو أمر غير ديمقراطي. وقد اعترفت إسرائيل مؤخرا فقط باستخدامها ضد مواطنيها.
وقالت شرطة الاحتلال الإسرائيلي في بيان لها: “تعمل وحدات المستعربين السرية التابعة لشرطة الحدود في مختلف القطاعات في جميع أنحاء البلاد، وتتمثل مهامها الرئيسية في النشاط السري ضد عصابات الجريمة، والتعامل مع السلوك غير المنضبط بقدرات متقدمة ومكافحة الإرهاب”.
وأضافت: “سنواصل العمل بحزم مع استخدام جميع الوسائل المتاحة لنا، كل ذلك من أجل الحفاظ على سلامة وأمن جميع مواطني دولة إسرائيل”.
انتشرت رسائل في مجموعات “واتساب” تنصح المتظاهرين الشباب بتغطية وجوههم في جميع الأوقات لتجنب تصوير المستعربين وارتداء ملابس تغطي جلدهم بالكامل حتى لا يصابوا بسهولة بالقنابل الصوتية أو الغاز المسيل للدموع ولكتابة رقم المحامي على أذرعهم في حالة القبض عليهم وسحب هواتفهم ولإظهار خصورهم والبحث عن أولئك الذين لم يضعوا قمصانهم في سراويلهم، ويخفون المسدسات في أحزمتهم، حيث أنهم قد يكونون مستعربين”.
وعلى عكس الانتفاضات السابقة – وأبرزها الانتفاضتان الأولى والثانية – تم توثيق تواجد العملاء خلال احتجاجات أيار/ مايو في المدن المحتلة جيدا بسبب ظهور وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف المحمولة.
على الرغم من أن فلسطينيي الأراضي المحتلة 1948 يشكلون حوالي خمس السكان، غالبا ما يُنظر إلى المجتمع على أنهم مراقبون سلبيون في الصراع المستمر منذ 73 عاما. لكنهم أظهروا في أيار/ مايو مستوى غير مسبوق من التضامن من خلال الاحتجاج بأعداد كبيرة.
كان المستعربون جزءا لا يتجزأ من احتجاجات العام الماضي. روان بشارات، ناشطة من يافا، قالت إن هذه الوحدات لم تعد تهتم بالعمل في الظل، مضيفة: “بالنسبة لي، يبدو الأمر كما لو أنهم خرجوا إلى العلن”.
وتتذكر أنها اشتبهت في أحد مظاهرات يافا في أن يكون أحد الرجال عميلا سريا، حيث قال: “نعم، أنا هنا، وهناك 19 شخصا آخر منا هنا، لكننا لا نضايقك، أليس كذلك؟”.
وقالت أفنان خليفة، المحامية والناشطة من عبلين، إن اعتقالات المستعربين كانت عادة أكثر عنفا من تلك التي تمارسها الشرطة النظامية لأنهم لا يحملون بطاقات التعريف. وأضافت: “إنهم يشعرون بحرية أكبر في استخدام العنف لأنهم مجهولون”.
في آذار/ مارس 2021، رفع مركز عدالة دعوى قضائية ضد شرطة الاحتلال بشأن الانتشار غير القانوني للعملاء المستعربين السريين الذين تم تصويرهم وهم يعتقلون ويهاجمون المتظاهرين بعنف.
ويقول “عدالة” إن هذه الممارسات تنتهك الحق الديمقراطي في التظاهر السلمي ويؤكد أن وجود المستعربين في المدن العربية يتحدى صفة إسرائيل كدولة ديمقراطية.
قال محامي عدالة وسام شرف إن إنشاء نظامين منفصلين لتطبيق القانون كان “إحدى خصائص أنظمة الفصل العنصري المحظورة في العالم والتي تتعارض مع القانون الدولي”.
في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، اعتقل عدد من ضباط المخابرات بملابس مدنية الناشط يوسف إبراهيم في مظاهرة، واستجوبوه لمدة ثلاثة أيام، ثم أطلقوا سراحه دون توجيه تهم إليه.
وقال إن اعتقاله حدث بعد أن قام عميل مستعرب كان قد خرج في مظاهرة سابقة بإبلاغ الشرطة به، زاعما أن إبراهيم كان يحرض على العنف ويهدد باختطاف الجنود. ولم تجد الشرطة أي دليل على ذلك.
وقال إبراهيم إنه سيواصل تنظيم الاحتجاجات وسيكون على الخطوط الأمامية يهتف ويقود الحشود، لكنه تصور صراعا طويلا ضد خصم غامض.