نشرت صحيفة /الغارديان/ البريطانية، تقريرا مطولا يوثق حجم #المعاناة_الإنسانية والجهود المضنية التي يبذلها #الفلسطينيون في #انتشال #جثث_الضحايا المدفونة تحت #أنقاض_المباني المدمرة في قطاع #غزة، واصفة هذه المهمة بأنها #الأكثر_قسوة في تاريخ الحروب الحديثة.
ووفق التقرير، فإن الفلسطينيين بدأوا، بعد مرور أكثر من عام على اندلاع الحرب “الإسرائيلية” واستمرار مفاوضات الهدنة الهشة، عمليات حفر شاقة وسط أكثر من 61 مليون طن من الركام، يُعتقد أن تحتها ما لا يقل عن 10 آلاف جثة، في حين قد يتجاوز العدد 14 ألفا، بحسب تقديرات ميدانية مختلفة.
الصحيفة، التي دعمت تقريرها بصور وبيانات ورسوم توضيحية، تحدثت إلى عائلات فلسطينية تبحث عن جثامين أقاربها، وإلى عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني، الذين وصفوا ما يقومون به بأنه عمل فوق طاقة البشر.
ويستخدم المنقذون أدوات بسيطة مثل المجارف والمعاول وعربات اليد وحتى الأيدي العارية، في ظل رفض “إسرائيل” إدخال الجرافات والمعدات الثقيلة، وفق ما أكد مسؤولو الدفاع المدني. وحتى لو تمت الموافقة على إدخال تلك المعدات، فإن الخبراء يقدّرون أن العملية قد تستغرق تسعة أشهر على الأقل، إذ تتركز الجهود الآن في الأبنية الصغيرة فقط، فيما تظل العمارات المنهارة كليا عصيّة على الحفر اليدوي.
وتشير بيانات “الغارديان”، إلى أن 472 جثة فقط استُخرجت خلال أول 16 يوما من الهدنة، فيما أُعيدت 195 جثة فلسطينية من “إسرائيل” في إطار تبادل رفات مقابل رهائن.
ويصف التقرير مشاهد مأساوية يومية أمام المستشفيات ومراكز الدفاع المدني، حيث تصطف مئات العائلات بحثا عن المفقودين.
وفي بيت لاهيا، فقدت الشابة آية أبو نصر (26 عاما) أكثر من 100 فرد من عائلتها في غارة واحدة، وما يزال 50 منهم تحت الركام.
وتقول آية: “حاولنا مرات عديدة استخراجهم، لكن بقاياهم متناثرة بين الطابقين الأرضي والأول، ولا يمكن إخراجهم دون معدات ثقيلة”.
وفي مدينة غزة، ما زالت هديل شحيبر تعيش المأساة نفسها، إذ لم تتمكن بعد عام كامل من دفن جميع أفراد أسرتها الذين قُتلوا في حي الصبرة، لأن بعضهم ما يزال مدفونا تحت الأنقاض.
وتلفت الصحيفة إلى أن غياب أدوات تحليل الحمض النووي التي تمنع إسرائيل دخولها إلى القطاع جعل مهمة الأطباء الشرعيين شبه مستحيلة، خصوصا مع تحلل الجثامين.
ويقول علماء النفس إن عدم التعرف على الجثث يحوّل الفقد إلى ما يسمى بـ”الفقد الغامض”، وهو نوع من الحزن المعقد الذي يسبب اضطرابات نفسية جماعية تشمل الاكتئاب، الصدمات، واضطراب الهوية بين سكان القطاع.
وترى “الغارديان” أن التعرف على الجثث لا يرمز إلى الكرامة الإنسانية فقط، بل هو ضرورة نفسية للأحياء الذين يعيشون على أمل العثور على ذويهم.
وتضيف الصحيفة أن غزة، رغم الهدنة الجزئية، ما تزال مدينة مدمرة بلا ملامح، مشيرة إلى تقديرات الأمم المتحدة التي تؤكد أن إزالة الركام قد تستغرق سبع سنوات كاملة، بعد أن تضررت 77% من شبكة الطرق وامتلأت الأحياء بـالذخائر غير المنفجرة التي تسببت منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 في 147 حادثا أودت بحياة 52 شخصا.
ويحذر خبراء نزع الألغام من أن عودة السكان إلى منازلهم في ظل وجود هذه الذخائر تمثل مخاطر قاتلة، بينما تستمر الغارات “الإسرائيلية” المتفرقة في تقييد جهود الإنقاذ، لتبقى أكوام الركام شاهدة على الموت والفقد، كجدران رمادية تفصل بين الأحياء والحياة.
وفي ختام تقريرها، تصف الغارديان المشهد العام في غزة بأنه فسيفساء من الخرسانة الممزقة والجدران المهدمة، وطرقات لا تؤدي إلى أي مكان، مؤكدة أن كل أمل بإطلاق عملية إعادة إعمار شاملة أو عودة تدريجية للحياة يتبدد مرارا بفعل استمرار الهجمات “الإسرائيلية”.
وارتكبت “إسرائيل” منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 -بدعم أميركي أوروبي- إبادة جماعية في قطاع غزة، شملت قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا واعتقالا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة أكثر من 239 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين معظمهم أطفال، فضلا عن الدمار الشامل ومحو معظم مدن القطاع ومناطقه من على الخريطة.
				


